هناك جدل واسع حول كيفية مواجهة التطورات الخاصة بتحرير الاسواق المالية في دول المنطقة وماهي الاستعدادات المطلوبة لما سوف توجده من تحديات وسلبيات وكيفية الاستفادة من الايجابيات . وإبتداء يمكن القول انه ولكي تستفيد الدول النامية ومنها دول مجلس التعاون الخليجي من مزايا الجات، فان ذلك يتطلب منها تحرير الخدمات المالية وتقليص حجم التدخل المباشر في الاسواق المالية، خصوصا حينما لا يكون هذا التدخل مستهدفا اوجه القصور بهذه الاسواق. وسيؤدي مثل هذا التطور الى تغيرات في تكاليف التمويل النسبية، حيث سيتم توظيف رأس المال بعيدا عن القطاعات الاقل انتاجية وفي تلك الاستثمارات التي تحقق اعلى عوائد. وتوجد عدة طرق يمكن من خلالها لتحرير الخدمات المالية ان يعزز كفاءة القطاع المالي ، اذ يمكن للمؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي ان تستفيد من مزايا اقتصاديات زيادة حجم الانتاج وان تتخصص وفقا لمزاياها التنافسية. ويمكن ان تنشأ مؤسسات مالية متخصصة في بعض قطاعات السوق، مثل البنوك الاسلامية. واضافة الى ذلك بامكان البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي ان توسع من نطاق الخدمات المرتبطة بمجال تخصصها لتستفيد من مزايا زيادة نطاق الانتاج. وقد تمكنت بعض المؤسسات المالية في الدول الصناعية من ان توسع اعمالها لتنتشر على نطاق العالم اجمع، حيث توفر لعملائها كافة احتياجاتهم من الخدمات المالية . ان المنافسة القادمة من المؤسسات المالية الدولية الى حلبة الاسواق المصرفية المحلية سيضطر هذه الاخيرة الى تخفيض الهدر وتحسين اداراتها وزيادة كفاءتها الانتاجية، كما قد ترغم المؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي بان تحول ما يتم من خفض للتكاليف الى العملاء، وقد ينجم ايضا تراجع الفرق بين اسعار الفائدة على الاقراض وتلك التي على الودائع أي العمولات. ومع تزايد التنافس العالمي نتيجة لتحرير الاسواق المالية ، فمن المرجح ان تصبح المؤسسات المالية في المنطقة اكثر اهتماما بمتطلبات العملاء، وان تقدم النصح لهؤلاء العملاء حول افضل تكوين لمحافظهم المالية لتفي باحتياجاتهم المتباينة. وعلى سبيل المثال، يمكن للمودعين ان يستفيدوا من النصائح حول استراتيجيات الاستثمار التي تتنافس المؤسسات المالية على تقديمها املا في الحصول على مدخراتهم. ورغم ما ينطوي عليه التحرير الاقتصادي للخدمات المالية في الدول الخليجية من تحديات ماثلة للعيان، الا انه يتضمن ايضا العديد من المزايا الملموسة، فأولا سيؤدي تحرير التبادل التجاري للخدمات الى تعزيز المنافسة وتحسين كفاءة اداء القطاعات، مما سيؤدي الى تقديم خدمات مالية تتسم بانخفاض تكلفتها وتحسن نوعيتها وتزايد تنوعها . ثانيا، سيؤدي تحرير القطاعات المالية الى تحسين خدمات الوساطة المالية والفرص الاستثمارية من خلال تعزيز التوزيع القطاعي الفعال للموارد، وايضا بتوفير آليات افضل لادارة المخاطر واستيعاب الصدمات. ثالثا، سيفضي تحرير الاسواق المالية بدول مجلس التعاون الخليجي الى تشجيع حكومات هذه الدول على تحسين ادارتها للسياسات الاقتصادية العامة، وسيدفعها لانهاء التدخلات المؤدية الى التشوهات في الاسواق المالية، والى وضع التشريعات المرنة والملائمة للاسواق المالية مع توفير الاشراف المناسب على عملياتها. واخيرا ، ان تحرير الخدمات المالية من خلال جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة وكذلك اعادة ارصدة المستثمرين الخليجيين من الخارج ، يمكن ان يكون لهما تأثيرهما الايجابي على الدخل والنمو.