لم تدم بهجة الانتصار الذي جاء مع الانهيار السريع لنظام صدام حسين فقد تلاشت أمام الهجمات التي تقع يوميا بأسلوب الكر والفر على القوات الامريكية والتي باتت تثير تساؤلات حول طول المدة التي تريد الولاياتالمتحدة أن تمكثها في العراق وبأي تكلفة وإمكانية نجاحها في ذلك. الهجمات المتفرقة ولكن الفعالة على الجنود الامريكيين أثارت الدهشة في داخل الولاياتالمتحدة، ودفعت مجلس الشيوخ في مطلع الاسبوع الماضي إلى استجواب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بقسوة حول الالتزام الامريكي والحاجة إلى الاستعانة بالاوروبيين والدول العربية لتخفيف الضغوط على قوات الاحتلال في العراق. وأبلغ رامسفيلد أعضاء مجلس الشيوخ نعتزم دراسة ذلك، والامر يحتاج بعض الصبر. وعندما يتم ذلك فإنه سيكون جديرا بما يجب عمله. ومع ذلك فإن جهود الحلفاء لتشكيل حكومة جديدة في العراق تتسم بالبطء وارتفاع التكاليف التي تبلغ قرابة 4 مليارات دولار شهريا. ووجد ممثل الاحتلال رئيس الادارة المدنية الامريكية في العراق بول بريمر نفسه مجبرا على الاسراع بتشكيل مجلس مؤقت خلال الايام القليلة القادمة بعد ما يقرب من ثلاثة شهور من سقوط صدام حسين. ولكن العراقيين خلال هذا الوقت نفد صبرهم بدرجة كبيرة على المحتلين وباتوا يتساءلون عن الوقت الذي ستظهر ثمار الديمقراطية من حالة الفوضي التي عمت البلاد، ويتزايد غضبهم من الرد الامريكي العدواني على الهجمات التي تودي أحيانا بحياة الابرياء. وقد ازدادت الهجمات التي يتهمها الامريكيون بانها موالية لصدام ويقول العراقيون انها مقاومة وطنية جسارة وتهدد حتى بضرب العراقيين الذين يتعاونون مع الامريكيين. وتجد إدارة الرئيس جورج بوش نفسها في وضع صعب يتمثل في ضرورة تحقيق نجاح في العراق وفي نفس الوقت تحمل الخسائر وكلفة توسيع نطاق تواجد الجيش الامريكي. وقال أحد المحللين إنه رغم الاستيلاء الخاطف على العاصمة العراقية، فإن الحرب طويلة الامد أقل نجاحا في الاجهاز على النظام. ويضيف بوب وورك المحلل العسكري في مركز التقييم الاستراتيجى والمالي في واشنطن والكولونيل البحري المتقاعد إن الحرب تحولت إلى شكل آخر. وقال وورك إن التخطيط النمطي للحرب العسكرية يهدف إلى تدمير قوات العدو والاستيلاء السريع على العاصمة. ولكن ما حدث في العراق أن قوات التحالف قامت بتشتيت الجيش العراقي بدلا من تحطيمه. وأضاف وورك أن هذا يعني أن من المحتمل أن القوات الامريكية ستواجه هجمات على أساس منتظم حتى يتحقق أحد أمرين، أن يمنى منفذو الهجمات بالهزيمة أو ينتهي دافعهم إلى ما يقومون به، وهو استعادة حكم صدام، وذلك بأسر الزعيم المخلوع أو بموته. وقال وورك مادام لم يتم التأكد من وفاة أو اعتقال صدام سيظل هناك قدر كبير من الحماسة يؤدي إلى استمرار هذه الهجمات. ويوجد نحو 145 ألف جندى أمريكي في العراق ومعظمهم هناك منذ بدء الحرب. وقال القائد العام للقيادة المركزية الامريكية المتقاعد تومي فرانكس الاسبوع الماضي إن الولاياتالمتحدة قد تحتاج إلى البقاء في العراق أربع سنوات أخرى. وتتصاعد الضغوط على الرئيس بوش من أجل وضع خلافاته مع فرنسا وألمانيا جانبا وطلب مساعدتهما تحت مظلة حلف شمال الاطلسي (ناتو).