ينطلق هذا الكتاب من فكرة استبدال شعب مكان شعب آخر وثقافة مكان ثقافة، وهذا هو التطبيق العملي حسب الكاتب لفكرة اسرائيل التاريخية، وان كل تفصيل من تفاصيل الاستعمار الانجليزي لشمال امريكا طبق في فلسطين. فقد تفنن المستعمر الجديد في قتل الهنود وان يهودية هؤلاء المستعمرين الانجليز هي التي ارست الثوابت التي رافقت التاريخ الامريكي في كل محطاته. في اشارة الى عقيدة الاختيار الالهي والتفوق العرفي والثقافي، والدور الذي يؤهل هؤلاء ولتخليص العالم من العذاب والمعنى الاسرائيلي لامريكا، اضافة الى قدرية التوسع اللانهاني الذي لا تاحده حدود، وآخرها حق التضحية بالآخر وهو العنوان الصغير للكتاب. امريكا والابادات الجماعية كتاب يبحث في تاريخ امريكا ومدى سيطرة اليهود عليها عبر القرنين الماضيين وفي مقدمته يناقش فكرة كتاب (فكرة امريكا) لمؤلفه توماس مورتن قائلا: صحيح ان الكتاب يعيب على الهنود وثنيتهم ويعتقد ان قدرتهم على معالجة بعض الامراض المستعصية بالاعشاب الطبيعية مستمدة من الشيطان الا ان في الكتاب شيئا من الانصاف لاخلاقهم وثقافاتهم وبراعتهم التقنية. مذكرا بالثوابت التي ذكرناها آنفا التي ستكون محور الكتاب الذي يعتبر بمثابة شهادة من الكاتب وليس بحثا او دراسة ويستعرض في الكتاب تاريخ الولاياتالمتحدة تلك الدولة التي عانت شعوبها المختلفة منذ تأسيسها الويلات فخلال قرابة المائة عام حصدت الحروب المختلفة الجرثومية منها والعسكرية بقصد الابادة الجماعية التي ابادت الملايين. هذه هي الابادة الاعظم والاطول في تاريخ الانسانية التي حاول التاريخ المنتصر محو ذكراها من على وجه الارض، فالقلة من الناس هم من سمع عن جرائم بهذه القسوة التي فاقت حدود التصور، ففي احصاء عام 1900 لم يسجل سوى ربع مليون انسان فيما اقل التقديرات قبل حروب الابادة تقول بوجود مليون. اما الاحصاءات العملية فتقول ان هناك (5ر18) مليون انسان، فاي انسانية حملها ذلك المثقف الابيض واصحاب الدماء الزرقاء؟! وفي الفصل الثاني يناقش ما يسمى بالجنس اللعين (الهنود الاصليون) الذين نشروا الأوبئة والامراض وبدلا من ان يخلصهم المخلصون من الامراض اخذوا في استخدام يسمى بنظام السخرة المتين الذي استمر مئات السنين ولعل بعض آثاره مازالت باقية الى اليوم. لقد ادى تطبيق تقنيات العمل بالسخرة والتجويع الاجباري والترحيل الجماعي وتحطيم المعنويات الى ما عرف بالشتات الكبير الذي اقتلع عددا كبيرا من الشعوب الهندية من اوطانهم الى الغرب الامريكي او الى الشمال الكندي قرارا بحياتها من الابادة الشاملة. ويتساءل المؤلف في الفصل الثالث قائلا: من المتوحش، ولعل القارئ لا يبحث عن الاجابة لانه يعرفها، وهذا السؤال مازال مطروحا حتى اليوم، فهل المتوحش هو ذلك الشعب صاحب الارض الاصلية الذي يدافع عنها بأسنانه، بينما القادم الجديد لديه جميع انواع الاسلحة معتبرا ان من يقف في طريقه مجرد حشرات صغيرة لا تستحق ان تدب على وجه الارض! اليس هذا جوابا كافيا؟ وفي معرض بحثه عن الاجابة يقول المؤلف اقتل الهندي واستبق الجسد في اشارة الى استحالة موت الانسان بانسانيته وثقافته وتراثه وحضارته، فكان الحل الآخر وهو العمل على نزع (هندية) الهندي وتفريغها من محتواها، ثم زرع ثقافة اخرى مكانها، وبذلك يكون السيد قد حصل على هندي ميس او عبد او قابل للتأقلم مع الوضع الجديد بحيث لا تكون له أي هوية تجعله يتمرد على اسياده! انت بحاجة عزيزي القارئ لتتصفح هذا الكتاب لتقف بنفسك على الجرائم الحقيقية التي جاءت بهذه الدولة التي تتسيد العالم اليوم. واما الكاتب فهو منير العكش ناقد وباحث في الانسانيات يعيش في واشنطن حيث يصدر مجلة جسور، ومنذ وصوله الى امريكا وهو يدرس ويكتب عن تاريخ وثقافة الهنود الحمر وعن ظاهرة الصهيونية غير اليهودية. @@ الكتاب: حق التضحية بالآخر: امريكا والابادات الجماعية المؤلف: منير العكش دار النشر: رياض نجيب الريس عدد الصفحات: 200 من القطع الوسط