وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    شمعة مضيئة في تاريخ التعليم السعودي    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراقيون في حالة جديدة وليست الطوائف.. وعلينا إيقاف الطائفية
مدير المركز الثقافي السويسري علي الشلاة في حوار مع اليوم :
نشر في اليوم يوم 23 - 06 - 2003

لم تكن شوارع عمان تكفيه فهو كثير الحركة ومحب للعمل بشكل يذهل الجميع.. السابعة صباحا هو موعد الحركة بالنسبة إلى علي الشلاة المثقف العراقي الذي اتخذ عمان محطته الأولى في المنافي التي صاحبت كثيرا من العراقيين أمثاله.. أصبح يدير غللري الفينيق الذي كان مركزا لجميع المثقفين العراقيين في العاصمة (الأردنية) وكذلك لجميع العابرين من تلك العاصمة .. عاش بها خمس سنوات وكان يتنقل بعربته (هايلكس غمارتين ) حاملا اللوحات الخاصة بالفنانين العراقيين ومسودة جريدة الفينيق التي يصدرها بشكل أسبوعي في عمان ولا ينسى أن يمر على صديقه الشاعر عدنان الصائغ الذي يبحث عن عواصم أخرى تتلقفه بعد أن ضاقت العاصمة الأردنيةبه. يتصل بالجميع في الداخل والخارج (العراقي) ويحاول لملمة الشتات.. لم يستطع الجلوس أكثر من ست سنوات في عمان بعد تخرجه حاصلا على الماجستير، حتى تلقفته العواصم الأوربية بحثا عن مثقف يستطيع التجانس مع جميع العراقيين الذين اشتهروا بكثرة المشاكسات الثقافية في المنفي ..
استطاع الشلاة أن يضبط الإيقاع الثقافي العراقي من خلال جميع المواقع التي عمل بها أثناء تواجده في الخارج، و رغم مضي السنوات في اللقاء الأول بيننا في عمان 1995م إلا أنني التقيت به مؤخرا في معرض القاهرة 2003م. لم يتغير ولكن الظروف القادمة جعلته أكثر إرباكا مما سبق. وحينما تحاورنا قبل أيام لمست الخوف الذي بداخله يتجسد على أرض الواقع وأصبح يحاول إعادة العلاقة بين العراقي و العراقي.. ويحاول الوصول إلى جميع المحافل الدولية من خلال وظيفته (مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري) لإعادة ماسرق ونهب من تاريخ وحضارة العراق. ويقوم بتنظيم مهرجان المتنبي بشكل سنوي في سويسرا ويدعو له جميع الأدباء والكتاب والمفكرين من جميع أنحاء العالم العربي.
نص الحوار
@ ما شعوركم بعد سقوط نظام البعث في العراق وسقوط صدام حسين؟
نغصت الفرحة حادثتان: أولا: أنها تمت بيد غير عراقية. وقد تمنينا ذات يوم تحقيق ذلك متفردين، وقد استعصى ذلك لاسباب عديدة دولية منها وإقليمية.
ثانيا: الطريقة البشعة التي انتزعت بها أحشاء العراق بكل ماله من تاريخ حضاري عبر نهب المتاحف والمكتبات.
لم اكن افهم ما يجري سوى أنني وجدت الدموع تنهمر كلما شاهدت الحلم الذي راود كل الباحثين العراقيين في الوصول إليه ذات يوم.. تلك المخطوطات التي حجبت ومنعت وظلت بين أيدي قلة، فجأة وجدناها تبخر بطريقة غير أخلاقية وغير مفهومه.
الأمريكان من سرق حضارتنا
تحدثت مع القائم بالإعمال الأمريكي في سويسرا قبل أيام بأنهم كأمريكان حرصوا على وثائق وزارة الخارجية وعمرها 30 عاما لدكتاتور مهزوم ولم يحرصوا على تاريخ الحضارة الإنسانية الذي يقع قبالة وزارة الخارجية بمائة متر في المتحف الوطني وتركوها نهباً لعصابات دولية منظمة ومافيا واظهروا للعالم أن هناك فقراء يسرقون قطع أثاث بال وأوحوا للناس بأنهم الذين سرقوا تاريخ وحضارة العراق.. لقد كنت قاسياً معه جداً فقلت له.. (لو كان البريطانيون في بغداد لكان الأمر مختلفا.. فحرك رأسه مستغرباً لماذا؟
أخبرته بأنهم يعرفون قيمة الحضارة.. لان بريطانيا بلد له عمق تاريخي وتعي معني الآثار والفن عكس الولايات المتحدة التي لا تملك هذا العمق. ولا تملك آثارا تعيد لها التاريخ.
منغصات الحلم
مثل كثير من العراقيين كنت أعتقد بأن زوال نظام صدام حسين سيكون نهاية الآمال.. وفجأة وجدت هناك منغصات خارج السياق الطبيعي مثل هدم المتاحف و احراق المكتبات و أظهار الشعب العراقي المتسامح على انه شعب بدائي وغير ناضج وليس بأهل لإدارة الدولة.
وقد عملت في خلال الفترة الماضية في الإعلام السويسري على إيضاح فكرة واحدة (لا ينبغي تصديق بأن من فعلوا ذلك هم أناس جوعى وبسبب ما قام به النظام من تجويعهم بل إنها جريمة دولية منظمة و قد حصلت عام 1991م في مدينة (اور) وبيعت هذه الآثار عبر شركات وأفراد في مؤسسات دولية كبرى ومزادات علنية في نيويورك ولندن وباريس.. وهذا ما سيحدث بعد أيام وسرعان ما اكتشفنا بأن هناك 500 قطعة أثرية وصلت إلى باريس. وهذا دليل على إن من فعل ذلك يعرف ومدرك تماماً ماذا فعل وهم ليسوا عراقيين وإلا كيف وصلت كل هذه القطع الأثرية خارج بغداد في أيام قلائل بعد سقوط النظام. وهاهي الصحف الغربية تنشر لوائح بأسماء من سرقوا اللوحات والآثار التي تعود للمتاحف العراقية (عسكر وإعلاميين أمريكان).
إعلاميون عرب شاركوا في الجريمة
وهناك إعلاميون عرب وأجانب مسكوا على الحدود الأردنية وكذلك في المطارات الأوربية والأمريكية وبحوزتهم عددغير قليل من لوحات الفنانين العراقيين الرواد.. وهذا يعني أن الجريمة ليست عراقية فقط بل هناك أطراف دولية مشتركة بها.. و أنا لا أبرئ الأمريكان أو الإعلاميين عربا كانوا أو أجانب على ما حدث من نهب وسرقة للآثار والمخطوطات والتحف الفنية التي كانت محرمة على الجميع أثناء النظام السابق.
إضافة لرجال النظام السابق الذين يمتلكون تجربة معروفة في عام 91م حينما قام نسيب صدام (ارشد ياسين) بطل عملية التهريب الأولى للآثار العراقية. ومن قام بذلك يعرف مكان هذه المخطوطات والتحف النادرة، لقد نفذوا جريمتهم ووضعوا المساكين و الفقراء أمام أجهزة الإعلام يهرولون بأجهزة كهربائية أو أثاث منزلي. وستثبت الأيام بان من فعل ذلك ترك الإعلام يغطي جريمته بهذه المشاهد البائسة.
النظام السابق له دور
@ هل تتوقع بأن النظام السابق خطط لمثل هذه السرقة مسبقاً؟
كان النظام السابق يتعامل مع هذه الآثار على أنها أموال. وهذا ما يجعلنا نشك تماماً؟ وقد سبق أن قام صدام حسين أثناء زيارة الروسي المتطرف لبغداد جرنو فسكي قبل عام وقد كان يحتسي البيرة بحادثه مشهورة قام صدام بإهدائه ثلاث قطع أثرية من الحضارة السومرية لا تقدر بثمن. وعندما قام الزعيم اليميني المتطرف في النمسا بزيارة العراق حصل على هدايا من القطع البابلية وهي من الآثار النادرة في العراق.
هذا يعني أن هذا النظام لا يدرك قيمة هذه الآثار ويتعامل معها على شكل هدايا.. ولا يدرك بعدها التاريخي والحضاري مما يعني أنهم يتعاملون معها كما يتعاملون مع الثروات الأخرى واشتركوا في سرقتها و أرجو أن لا تكون دول عربية مجاورة للعراق هرب اليها هؤلاء وخصوصا من كانت لها علاقة جيدة مع النظام العراقي في السنوات الماضية وكانوا يعتبرونها ممرا لهم. ومثل ما استخدم بالفعل عام 91م ممراً لهذه الآثار وقد رأيت في هذا العام حيث كنت أعيش في عمان تجارا ومجرمي آثار لهم علاقة وطيدة بالنظام العراقي مروا وعبروا البوابة الأردنية واخرجوا آثارا عظيمة ومن بينهم (ارشد ياسين).
صدام: بديله هو الفوضى؟
وقد طلبت مني إحدى المؤسسات المهتمة في سويسرا أن اقدم لها تقريرا تم نشره حول طبيعة النظام والحضارة العراقية.
أدركت من خلاله بأن صدام أراد نقل صورة ما عن المواطن العراقي التي تم تنفيذها من خلال المحاور التالية:.
أولا : اثبت أن بديله الفوضى وهذا أهم ما يريد أن يقوله للعالم .
ثانيا: إظهار العراقيين على انهم بدائيون وجهلة ولا يعرفون قيمة الحضارة ولا قيمة مؤسسات الدولة.
ثالثاً: أن هذه الكنوز العظيمة اختفت من الدولة القادمة لتعيد ترميم نفسها من جديد بدون تاريخ.
اليونسكو ورصد الآثار
@ هل تم رصد وتصنيف بعض المسروقات الأثرية التي سرقت من العراق وتم تهريبها للخارج. وما دوركم تجاه ذلك.
* ما حدث لم يكن متوقعا وقد احدث صدمه لدى علماء الآثار في العالم واليونسكو الذين قاموا برصد الكثير من المسروقات كما عرضت على وسائل الإعلام السويسرية والأوربية كي تتم ملاحقتها من قبل الجهات المختصة ومتابعةتنقلاتها في جميع المزادات المطارات.
واعتقد بأن علينا كمثقفين الدور الأكبر وعلى عاتق المثقفين العرب أيضا. علينا أن لا نتحدث عن الذين قتلوا العراق إنسانا وعلينا أن نتحدث عن الذين قتلوا العراق حضارة على انهم مجرمو حرب وعلينا أن نتصل بجميع السفارات الأوربية التي ربما تصلها هذه الآثار ونتحدث مع سفرائهم باعتبار من يسرقون هذه الآثار او يروجونها مجرمو حرب لأن هذه جريمة لا تقل عن قتل أي إنسان، فهم حولوا ملكية الإنسانية العظيمة إلى ملك شخصي للتجارة.. وهذه جريمة وينبغي على المفكرين العرب أن يتحدوا إيجابيا وان يدركوا بان هؤلاء السفراء ليسوا لمنح الفيزا فقط بل أن نبلغهم عما نسمعه حول وصول هذه الآثار إلى بلدانهم.. ونطالب بمعرفة كيف وصلت إلى بلدانهم ومن نقلها وعلينا أن نحاربهم بالأسماء لا أن نعيدها فقط.
ملاحقة سارقي الآثار
@ هل هناك قوانين دولية لمحاكمة مثل هؤلاء المجرمين؟
* نعم هناك قوانين دولية وجريمة سرقة الآثار هي من أول الجرائم التي يحقق فيها الأنتربول خصوصاً إذا ما تم تأييدها من قبل منظمة اليونسكو. وقد رفعت اليونسكو إلى الأنتربول تقارير حول هذه الجرائم مدعومة بالصور للآثار المسروقة.. وينقصنا وسيلة اتصال بالعاملين بمتحف بغداد.. واعمل حالياً مع كثير من الأصدقاء والجهات الرسمية في سويسرا للوصول إلى مديرة المتحف والبحث عن وثائق أو صور للتحف المسروقة من المتحف وقد تمكنت مع مجموعة من المثقفين (السويسريين، الألمان، والنمساويين) العمل بحماس لدعم ملاحقة سارقي الآثار ودعم الحملة ماليا.
بناء الشخصية العراقية
@ كيف تنظر إلى إعادة بناء الشخصية العراقية بعد 35 سنة من الطمس التي مارسها حكم البعث السابق.
* لسنا بحاجة لإعادة بناء الشخصية العراقية بما يعنيه المصطلح الخاص بإعادة البناء. نحن بحاجة لإزالة مؤثرات الإساءة إلى الشخصية العراقية. وعندما نتحدث عن غياب مشكلة ما يعني هناك بأن المشكلة قائمة.
إن الشعارات المستخدمة اليوم تدعو للوحدة والتماسك رغم إننا كعراقيين لم نفترق يوما ما . نحن في حالة جديدة وليست الطوائف في حالة جديدة والذين يتحدثون عن إعادة بناء الشخصية العراقية عليهم التذكر بأن التسامح هو أول لبنات البناء و التسامح لن يمر عبر الأقوال و إنما عبر الأفعال.
حكومة ممثله بكل العراقيين
ومطلوب من العراقيين ادراك - أن اقل وزير واكثر- في الحكومة العراقية القادمة ليس المشكلة. المهم أن تكون هذه الحكومة ممثلة بكل العراقيين وليس هناك مشكلة من كون بعض الممثلين اكثر من الحجم السكاني للأقلية حتى نثبت للعالم بأنهم ليسوا ممثلي أقلية وإنما هؤلاء جزء أساسي من حضارة العراق و حضورهم لمحاربة انقراض هذه المكونات في الثقافة الإنسانية.
هناك أشياء اكثر من إن يلمها إطار العروبة والدين، غالبية العراقيين عرب ومسلمون ولكن هناك مكونات أساسية لهذا الشعب منهاغير العربي (أكراد. تركمان) أو غير إسلاميين (الكلدان / الآشوريين/ الصابئة / العللاهيه) وديانات انقرضت من هذه المنطقة التي يراد لها أن تنقرض ومن الجهل الحديث عن انقراضها لحل المشكلة العراقية اعتقد علينا إن نغني هذه المكونات وان نمنحها الفرصة لإثبات وجودها وان نقول للإنسانية بأن التسامح لا يمر عبر التمثيل الحكومي في مقاعد الدولة إنما يمر عبر بوابة احترام المكونات الثقافية. وحينما تحترم هذه الثقافات فلن يكون هناك أي نوع من المشاكل التي ربما يتوهمها البعض. اليوم علينا دعم هذه المكونات عبر الدعم الثقافي المبني على الاحترام للأعياد والكتابة والخصوصية كي يستشري الذوبان في خلية المجتمع المدني الذي نصبو إليه في المستقبل. أما إذا أصررنا على أن نحول البلد للعناصر الرئيسية المكونة له ونكتفي بها فقد نربح شيئا من الاستقرار السياسي لكننا نخسر كثيراً على المستوى الثقافي.
وليس المهم أن تكون الشعارات مبنية على التأكيد بعدم وجود مشكلة طائفية داخل المجتمع بل علينا أن نشعر بعدم وجود مشكلة بين العراقي والعراقي أيا كان انتماؤه.
دور المثقف
@ ما الدور الأساسي للمثقف العراقي في المرحلة القادمة ؟
على كل المثقفين العراقيين في الداخل والخارج أن ينسوا الأنانيات والفوارق الإبداعية و إمكانية إثبات الوجود في غياب الآخرين من ناحية المتحقق الثقافي علينا أن نعمل لفكرة واحدة.. فكرة التسامح بين هذه المكونات الأساسية في المجتمع المدني العراقي.
عندما يقرأ المثقف القادم من الأبناء مدينته قصائد لسركون بولص المسيحي القادم من كركوك أو قصائد لسعدي يوسف القادم من البصرة.. عند ذلك سيدرك المتلقي أننا عبرنا مرحلة الانتماء الطائفي - القومي إلى الفضاء العراقي الرحب ثم الفضاء الإنساني لان هذه المكونات إنسانية وليست مكونات للعراق فقط.
غياب الأقليات
وقد وجدت كثيرا من الاخوة العراقيين غير المسلمين مرتبكين بعد زوال صدام في النظر لما يجري - لم يسمعوا صوتهم - هذه هي المشكلة.
وقد غاب في لغة خطباء الجمعة الذين كانوا يتحدثون طائفياً قبل اشهر في بعض الفضائيات و الذين انتقلوا فجأة إلى بغداد واصبحوا يتحدثون بلغة أخرى مختلفة عن السابق. غاب وسط ضجيجهم مكونات من الشعب العراقي حتى لو كانت أقلية.. لكنها موجودة على هذه الأرض. غاب من بعض الاجتماعات التي شكلت في بغداد المسيحيون وهذا خطأ كبير.. هؤلاء جميعاً إذا لم نستطع طمأنتهم فأن دورنا سيكون دورا مصغرا لما قام به النظام السابق.
قد يكون صدام اضطهد 91% من العراقيين ونحن إذا أردنا أن نختلف مع نظام صدام فعلينا ألا نضطهد هذه ال9% من العراقيين التي لم يضطهدها صدام أو التي تختلف معنا اليوم.
المثقفون وحدهم القادرون على ذلك.. حتى الساسة لا يفهمون ماذا تعني هذه المكونات الأقلية.. قد يعرفون عنها شيئا قليلا فقط.. وهذا هو دور المثقفين الذين عليهم أن ينسوا كل شيء حتى الذين كانوا مع صدام والذين هم في داخل العراق الآن والإهمال هو دواؤهم.. علينا أن نتحدث وبصراحة عن كل ما يوجد في العراق من مكونات ثقافية عظيمة عبر هذه الثقافات التي تعيش معنا.. لا كثقافة أقلية و إنما كثقافات عراقية تشكل مصدر اعتزاز لكل أبناء الحضارة العربية الإسلامية لأنها عاشت على أرضهم ونمت معهم وعاشت معهم لا سياسات الإلغاء.
الطائفية
@ هل تمكن نظام صدام من تكريس العشائرية ونجح في الغاء صورة المجتمع المدني العراقي.
* حاول صدام باستماتة هذا المسح.. لكنني لا أجد بأنه تمكن من إيجاد طائفية الكراهية. وما يحدث هو رغبة في ممارسة العقائد بشكل خاص لا إلغاء ممارسة الآخرين سواء كانوا من الطائفة الشيعية أو السنية. وهذه ليست طائفية بل محاولة مشروعة للتعبير عن الذات.
وما اركز عليه دائماً هو عدم الانحياز إلى طائفة ضد طائفة أخرى.. وطريقة الإعلام الغوغائي الممارس اليوم هي ذات الطريقة التي مارسها صدام ولكن بأسلوب مختلف.
الطريقة الحقيقية هي أن يعبر الجميع بحرية عن معتقده ضمن سياق الموضوع الديني أو العقائدي. ولكن في السياسة علينا الانتماء للوطن وليس للطائفة سواء كان ذلك في البرلمان أو الوزارة.
عندما نتأمل شعارات اليوم ندرك بأنها مسرحية أتقنوا تمثيلها.. ونحن لسنا بحاجة لهذه المسرحية لأننا لا نمتلك المشكلة الطائفية في العراق بمعناها الطائفي المعقد: مشكلتنا في العراق كانت مع النظام الديكتاتوري الذي ارتأى في لحظة ما أن يلعب بالمسألة الطائفية لضمان ولاء الطائفة، ولا نستطيع القول بأن سنه العراق مدانون لان صدام يزعم بأنه سني. المشكلة كانت مع صدام حسين الذي حاول يوم ما استخدام السنة العرب لاعتقاده بأنهم الأكثر ولاء له وهذا لا يدين السنة العرب..
وعلى جميع العرب أن يطمئنوا لا حقد ولا مشكلة لدى طائفة ضد طائفة في العراق ومشكلتنا مع الدكتاتور وطريقة الإقصاء في التفكير ولو جاء حاكم طائفي ستكون لدينا نفس المشكلة معه.
هذه طريقة يراد بها لفلفه الفكر الوطني العراقي.. ونحن نرفضها كعراقيين.
لدينا شعبان
لدينا الآن شعبان..شعب المنفى 4 ملايين وشعب الداخل.. وهذه حالة تشابه مع الوضع الفلسطيني والخوف من اكتواء شعب المنفى بالخطاب الإعلامي الممارس في الفضائيات الذي يحدث لديهم ردة فعل عكسية.. ولم يطالب أحد من الشعب العراقي في الداخل أن يثبت عدم ولائه لصدام حسين.. وعليهم إدراك ذلك.
علينا أن نتصرف بالوعي العراقي لا بالوعي الطائفي و نسعى لتكوين حكومة ديمقراطية لا تكرار تجربة ايران. كمثقفين أقول بأنها تجربة مرفوضة.
نحتاج للإعلاميين
@ كيف تتوقع أن يكون استقبال الداخل للخارج العراقي؟
* للأسف التجربة لا تبشر بخير.. وعلينا ان نسترجع الطريقة التي تم فيها استقبال الفلسطينيين بعد اتفاقيات السلام في أوسلو .
هذه الوظائف التي كنا نشغلها شغلت بآخرين نحن الذين في المنفى (مدرسين - أطباء - جامعات - معاهد - وزارات وعلى القادمين من المنفى أن يدركوا ذلك. وقد تحدثت مع بعض الذين يفكرون بالعودة.. من جهتي افضل عودة القادرين على القيام بالاستثمارات والذين لن يشغلوا مجالا مشغولا في العراق بل يتيحوا فرص العمل للآخرين.
أما أساتذة الجامعات والمثقفين الذين شغلت أماكنهم عليهم العودة بهدوء..
نحتاج في بوابة الإعلام كل الإعلاميين المتواجدين في الخارج أما بقية القطاعات المهنية لنجد بأن العراق مكتف بمن فيه بل هناك فائض وعلى القادمين إدراك هذه المعادلة.. إنها عملية اقتصادية كي لا تحدث بطالة. وقد جوبه بعض العائدين بالرفض من الداخل العراقي ولم يخرج رغم الظروف القاسية التي عاناها.
طالبت السويسريين بالتريث
طالبت الحكومة السويسرية بالتريث في شأن إعادة 9000 عراقي لا يملكون أقامه دائمة ومن المفترض أن تتم عودتهم تدريجيا، و إذا أصروا على عودة اللاجئين عليهم التكفل بإيجاد فرص وظيفية لهم وتأمين لقمة العيش في الداخل. فهؤلاء غابوا ما يزيد على خمس سنوات عن العراق.
@ ما وضع العراقيين في الدول الأوروبية بعد زوال نظام صدام حسين؟
* هناك تجربة قد تكون قريبة وهي أفغانستان.. ولو أحصينا عدد العراقيين في الخارج نجد انهم يقاربون 4 ملايين لاجئ.. سيتم تهيئة عودتهم بعد الاستقرار خصوصا اصحاب "التصاريح المؤقتة".. وهذا ما تمت مناقشته في بريطانيا إلى 600 الف لاجئ عراقي لتهيئة عودتهم.. واعتقد بأن رغبة العودة موجودة لدى الجميع ولكن بعد الاستقرار وليس الآن وفي اعتقادي هناك 60% من العراقيين الذين يعيشون في الخارج سيعودون للعراق بعد اتضاح الرؤية. وفيما يخص الحكومة السويسرية طلبنا مهلة سنة كاملة (تمت الموافقة عليها) وفي اعتقادي بأن العودة للعراق ستحتاج استقرار الداخل الذي قد يصل إلى 3 سنوات بعد أن تمت الإطاحة بنظام صدام حسين.
* للذين يحملون إقامة دائمة في جميع دول العالم فهذه القوانين لا تنطبق عليهم هم يحددون الرغبة متى ما شعروا بضرورة العودة للعراق.
علينا إهمال شعراء المدح
@ ما المصير المتوقع للأدباء الذين قاموا بالترويج للنظام؟
هم الآن مختفون وغير ظاهرين. وهناك أدباء أمثال عبدالرزاق عبدالواحد يحلم بأن يعيش في باريس مع ابنته ولا يعود للعراق. نحن في العراق نصنف المثقفين وتعاملهم مع سلطة صدام على ثلاث درجات :
المداحون : عبد الرزاق ، لؤي حقي وعلي الياسري ومحمد حسين آل ياسين ورعد بندر. وغيرهم ممن أحرقوا كل مراكبهم وعملية اعادة تأهيلهم بحاجة إلى سنوات طويلة وقد اقترحت على اجتماع المثقفين العراقيين في لندن أن يتركوا للإهمال ومجرد ذكرهم هو تكريم لهم. وهم سيرون مقدار رفض الشعب العراقي لهم والسلطة التي كانوا يمثلونها . على أن تتولى الدولة القادمة حمايتهم ولا يتركوا للعامة.
وحول اقتراح البعض بأن يكتبوا شيئا معاكسا للماضي لم أجد بأنه مثمر لأننا حينها سنتحول إلى شخصيات صدامية في السلوك.. هم أحرار فيما يكتبون. ومن جهتنا علينا إهمالهم وعدم تقبلهم في الواجهة الثقافية. وربما يجد البعض رغبة في الذهاب لدول عربية كانت ترحب بهم سابقا إذا ما رغبوا الذهاب للمنافي (مثلنا سابقا) هذا إذا لم يكونوا مطلوبين للقضاء لجرائم.
هناك أناس تهربوا من مدح الدكتاتور إلى مدح الوطن. فمدح الدكتاتور كان فرضا واجبا على الجميع في العراق. وعندما كانت التعليمات تأتي من لطيف السيد جاسم تجد الجميع يتقدم موكب المديح خصوصا من كانوا يتاجرون ويقبضون ثمن هذا المديح.. وآخرون كانوا يتهربون لمدح الوطن عوضا عن الدكتاتور وهؤلاء المكرهون لا يمكن أن تتم معاملتهم مثلما نعامل الآخرين.
مرحلة ما بعد صدام يجب أن تكون خالية من أساليب صدام على رجال صدام أنفسهم .
أدب الحرب
@ لقد تسبب النظام السابق بفرز ثقافة متفردة بالعراق أدبيا وشعريا وتم التعارف عليها بثقافة الحرب. هل تتوقع أن نرى إبداعا يختلف عن إبداع الحرب ومرحلة صدام؟
الإبداع الحقيقي من ثقافة الحرب لم يكتب بعد وظل مطموسا ولم يصل إلى وسائل النشر إلا القليل منه. وما تم نشره هو تطبيل للنظام وأفكار الحرب التي يريدها. لكن التجارب الإنسانية العميقة وتجارب الهزائم التي عاشها العراقيون في هذه الحروب والتناقض الداخلي الذي عاشه المواطن بين الخوف من النظام أو محاربة أبناء العقيدة الواحدة في قصف بعض المدن العراقية أو احتلال مدن أخرى.
وعلينا أن ندرك بأن هذه التجارب غنية ويجب علينا المساهمة في عرضها ودفعها للنشر كي يستطيع المتلقي معرفة ما كان يجري في العراق سابقا. وكي ننتهي من تمثيل صدام حسين لكل العراقيين وإن جزءا من العراقيين خانوا وإنه صلاح الدين القادم بثياب عصرية.
هؤلاء الناس بحاجة إلى شهادات إبداعية من الكتاب العراقيين عن هذه الفترة السوداء من تاريخ العراق. وينبغي أن لا يهمل حتى لو كان تحت شعار ثقافة الحرب، والجدير بالإهمال هو ثقافة التطبيل التي اعتمدها صدام مع الشعب العراقي للترويج لفكرة دعائية تقول بأن صدام هو الذي سيحرر فلسطين وأن هذه المعارك تجريبية لتحرير فلسطين . وكتاب جمال الغيطاني (حراس البوابة الشرقية) خير مثال لانسياق المثقفين العرب مع هذه الفكرة العنصرية التي أشاعها صدام حسين عن نفسه.
أشتاق لدمعتين على صدر العراق
@ ختاما نتساءل مع علي شلاة الشاعر العراقي الذي غادر بغداد قبل 12 عاما كيف سيعود للعراق؟
بكت عتبة الباب لما رأتني
وصاحت لماذا أتيت
لقد ضاع وجهي وضيعني من عرفت
وأنكرني من رأيت
وحين أفقت على وطن تأسس خوفي
توهمت بابك بيت
فأنا عائد إلى عراقين مختلفين .. عراق الجغرافيا الواقع والموجود على الأرض.. والعراق الذي بداخلي معتقد بأن التطابق بين العراقين مستحيلة.. وبكل الأحوال فأنا مشتاق للدمعات الأولى التي سأذرفها عندما تعبر السيارة الحدود الدولية للجمهورية العراقية، الجمهورية التي طالما حلمنا بان تكون ذات يوم لكل أبناء العراق لا لنفر قليل منهم.
ولد علي الشلاة عام 1965 في بابل
نال شهادة البكالوريوس من جامعة بغداد قسم اللغة العربية 1987من، نال شهادة الماجستير في الأدب العربي الحديث ونقده / الأردن 1996م
الأعمال الإبداعية
ليت المعري كان أعمى، شرائع معلقة، التوقيعات، كتاب الشين، العباءات والأضرحة، البابلي علي، كنت أشكو الى الحجر(إعداد) البياتي في مدن العشق، البياتي برومثيوس الشعر العربي، أسئلة المأساة كر بلاء في الشعر العربي الحديث، رأس وأدار عدة مؤسسات وصحف ومجلات ثقافية عربية، مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري .
العراق في الماضي
الشلاة برفقة ادونيس في جنيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.