الماء ثروة.. ثروة وطنية لا غنى عنها وتأمين الماء سواء كان بحفر الآبار او بتحلية المياه المالحة غاية كل مواطن فأينما وجد الماء وجدت الحياة ولاسبيل للعيش مطلقا دون ماء والمطلع علىتاريخ الحضارات القديمة في المشرق العربي يجد ان المنطقة العربية قاطبة قامت على ضفاف الانهار اينما وجدت حيث ان ضمان استمرار تدفق المياه يشكل احد الاهداف القومية الاساسية لاية دولة. وجاء اهتمام الدولة بمصادر المياه مواكبا لاهمية الماء نفسه حيث اقامت المملكة الكثير من المشاريع العملاقة التي تهدف الى تأمين المياه والاستفادة منها كالسدود ومحطات التحلية وكذلك الاستفادة من المياه المستعملة في ري الزراعة بعد معالجتها. والمياه المستخدمة للشرب او في الصناعة عادة ما تكون ميسرة ورخيصة او مجانية،وحينما نتحدث عن مصادر المياه في السابق والحاضر فانها متشابهة الاستخدام حيث كانت المملكة تعتمد اساسا على المياه الجوفية وهي اليوم تعتمد على مياه البحر المحلاة من خلال محطات التحلية العملاقة المقامة على ساحل الخليج العربي والبحر الاحمر حيث تم التوسع في بناء هذه المحطات تلبية لزيادة الطلب على المياه اذ يزيد انتاج هذه المحطات على 500 مليون جالون من المياه العذبة يوميا.. وتعتبر المملكة الاولى في العالم في تحلية مياه البحر. واذا ما تحدثنا عن محافظة الاحساء وما عرف عنها من وفرة مياهها وينابيعها العذبة فهي اليوم تبدو في امس الحاجة للمياه المحلاة الصالحة للشرب وكذلك للمياه المستعملة لري الاراضي الزراعية بعد معالجتها حيث ظلت ولاسيما القرى والارياف منها تعاني مرارة ندرة المياه الجوفية التي كانت مصدرا هاما للمياه العذبة التي كانت تستخدم في الشرب وري الاراضي الزراعية.. فالاحساء ارتبط تاريخ سكانها وحضارتهم منذ امد طويل ارتباطا وثيقا بما يتوافر من المياه العذبة المتدفقة تدفقا طبيعيا من مجموعة من العيون المنتشرة في انحاء مختلفة من مساحتها الزراعية التي تقدر بنحو 8000 هكتار حيث اعتمد نشاطها الزراعي وما يرتبط به من نشاطات بشرية اخرى وما يرافقه من نمو في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والسكانية اعتمادا اساسيا على مدى ما يتوافر من مياه في المنطقة. وعلى الرغم مما تواجهه الزراعة من ندرة في المياه الا ان معدل انتاجها من التمور خلال هذه الفترة لازال جيدا حيث وصل الى 51000 طن يستهلك سكان الاحساء والكويت ونجد حوالي 40000 طن اي بمعدل 78% بينما يصدر الى البحرين وقطر حوالي 5000ر2000 طن على التوالي.. فهي تعد من اهم مناطق المملكة من الناحية الاقتصادية حيث تحتل مركزا هاما في انتاج التمور والاعلاف والارز وانواع مختلفة من الفواكه والخضراوات كما كانت قديما تمثل احتياطيا مهما في سنوات القحط لسكان المناطق المجاورة كما كانت ايضا الملاذ الوحيد لسكان البادية في فصل الصيف عندما يشتد عليهم الجفاف في الصحراء. والامر الذي اصبح بديهيا انه اذا زاد نقص المياه العذبة في المنطقة فان معدل انتاج الثروات الزراعية سيواكب هذا النقص،كما سيؤثر سلبا على عزيمة المزارعين ويحد من نشاطهم الزراعي،فالتركيز على المواءمة بين ما يتوفر من مياه وبين استخدامات المياه اقتصاديا والتوسع فيها ثم ادارة المياه بصورة جيدة واستخدام التكنلوجيا المتقدمة والتفكير في المصادر البديلة والمساعدة سيحقق نتائج مرضية.. فعدد السكان يزيد يوما بعد يوم والامر الاكثر اهمية ان هذه الزيادة سيصاحبها تطور ونمو اقتصادي واجتماعي يضاعف من استهلاك المياه العذبة وهناك ايضا وسائل معاصرة لاستهلاك المياه لم تكن متوفرة في حياة الناس التقليدية في الماضي وعلينا ان نوازن بينها وبين ترشيد استهلاك المياه بحيث تكون المعادلة متوازنة بين ما يحتاج اليه وما هو متوفر من المياه العذبة. ولاشك ان الاحساء تعاني نقصا واضحا في كميات المياه وسواء كان النقص ناتج عن ظهور بعض الآبار غير المشرعة التي يتم حفرها في الكثير من المنازل والمناطق الزراعية والتي بدورها تؤثر سلبا على نتاج الآبار الاخرى وتحد من تدفقها او لاي سبب كان فاننا مطالبون جميعا بتفعيل دورنا في المحافظة على المياه والترشيد في استهلاكها بالقدر الذي يلبي حاجتنا كما ان على المعنيين تحريك الماء الراكد والبدء في معالجة هذا النقص وتوفير ما يحتاجه سكان المحافظة من مياه وكذلك ملاحقة المخالفين لقوانين الحفر حتى ينعم اهالي المحافظة بنعمة الماء التي انعم بها الله علينا جميعا. من جهته قال السيد سعد بن حمدان البوعينين: ان الاحسائيين يعانون نقصا في كميات المياه منذ سنين طويلة حيث تعتمد معظم الاحياء والقرى والهجر على صهاريج المياه الاهلية المتنقلة والتي غالبا ما تكلف المستفيدين منها مبالغ طائلة في حين انه بالامكان حفر بئر في كل حي او قرية لتأمين ما يحتاجه سكانها من المياه مشيرا الى ان الغالب من خزانات المياه التي توفرها الجهات المعنية في بعض المناطق السكنية تعاني هي الاخرى عجزا في توفير المياه على مدى ال 24 ساعة.. كما تبدو في معظم الاوقات معطلة وغير قادرة على تأمين ما يحتاجه الحي او القرية من مياه لا تتعدى ان تكون للاستخدامات الضرورية حتى ان الكثير من سكان بعض الاحياء اضطروا لبيع منازلهم لاسيما في ضاحية الملك فهد واسكان الكلابية وبعض القرى والهجر. واضاف: انه لم يقتصر نقص الماء على المياه الضرورية الصالحة للاستخدام البشري فحسب بل ان مياه الري هي الاخرى تعاني نقصا حادا حتى ان بعض المزارعين اضطروا ايضا لهجر مزارعهم نتيجة لنقص المياه وندرتها وبدا ذلك واضحا على الكثير من المساحات الزراعية التي غزاها التصحر وباتت خرائب لا يستفاد منها. وناشد البوعينين المسئولين بضرورة اخضاع المحافطة برمتها لدراسة شاملة يتم من خلالها متابعة المسببات الرئيسية لهذه المشكلة والعمل على معالجتها ليحظى سكان الاحساء ببيئة هادئة تنعم بالراحة والاستقرار.