إنجاز جديد للتعاونية للتأمين بتحقيق جائزة الملك عبدالعزيز للجودة المرموقة    نتنياهو.. يرفض سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة    المملكة تدعم التعافي الاقتصادي في اليمن    إنفراج أزمة "تيك توك"    في جولة "أسبوع الأساطير".. الرياض يكرّم لاعبه السابق "الطائفي"    جامعة الأمير سطام تُتوج بكأس الجامعات لكرة القدم "ب"    العدالة ينتزع الصدارة.. النجمة يسقط الطائي بثلاثية    سان جرمان يواجه لحظة الحقيقة أمام سيتي    تدشين معرض «سيرة ومسيرة» للفنان سعد العبيّد في الرياض    «ماراثون أقرأ».. يشهد تفاعل الجماهير العربية    نمو قطاع الفنون والترفيه والتسلية %20    فهد بن محمد يرأس اجتماع «محلي الخرج»    سعود بن نايف يكرم سفراء التفوق    رسميًا.. الهلال يضم كايو سيزار    مجلس الوزراء يأمل مساهمة وقف إطلاق النار في إنهاء الحرب الإسرائيلية    بيع المواشي الحية عن طريق الأوزان.. مستجد يخدم المستهلك    الذهب يرتفع لذروة 10 أسابيع مع ضبابية التعريفات الجمركية    استعراض برامج منارة حائل الفضائية أمام عبدالعزيز بن سعد    مفوض الإفتاء في جازان: المخدرات هي السرطان الذي يهدد صلابة نسيجنا الاجتماعي    وزير التجارة يبحث تطوير الشراكة والتعاون الاقتصادي مع قطر    "مركز صحي العالية" ينفذ محاضرة للتوعية بأهمية الغذاء الصحي للطلاب والطالبات في ابتدائية ومتوسطة العالية    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر    ترمب يتوج عودته بقرارات العفو    فيصل بن فرحان: علينا تجنب أي حرب جديدة في المنطقة    مهام فضائية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالعزيز بن مشعل    وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع نظيره التونسي    محافظ الطائف يكرم مدير إدارة دوريات الأمن    حرس الحدود بمكة ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهما البحرية    اتحاد القدم يعقد ورشة عمل للمحاضرين المعتمدين في الاتحادين السعودي والآسيوي    الاتفاق على تأسيس أول مجلس أعمال سعودي فلسطيني    أوامر ترمب تثير مخاوف أممية ودولية    37 برنامجًا ومبادرة لتمكين الصم وضعاف السمع بالشرقية    إنجازات مجتمعية ومبادرات نوعية خلال عام 2024 بالمنطقة الشرقية    نشر 25 حكم تشهير بجرائم الغش والتستر التجاري    70 % نسبة انخفاض وفيات الإنفلونزا الموسمية هذا الموسم    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لفرع وزارة الموارد البشرية    الديوان الملكي: وفاة عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز    التوسع في الاختصاصات تدريجياً بالمكاتب الفنية في «الاستئناف»    انطلاق المرحلة الأولى من برنامج "سفراء المحمية"    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر علي فارس النعمي    الأفلام السعودية تضيء شاشات السينما الهندية لأول مرة عبر ليالي الفيلم السعودي    السفيرة الأميرة ريما بنت بندر تحضر حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب    أمير الحدود الشمالية: عام الحرف اليدوية يجسد اهتمام القيادة بترسيخ التراث وإبرازه عالمياً    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    ترمب يطلق ثورة التغيير    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    حتى لو    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة مثخنة بالدم
من مجموعة رائحة الطفولة
نشر في اليوم يوم 16 - 06 - 2003

ذلك اليوم- هو الجمعة بلا ريب- ساعة ما قبل المغيب تحديداً. ثمة شيء ما، ربما يد إنسان تتحرش بك ان تخلد إلى نومك، لتصحو في الحلم على أثر ارتطامك بالمشهد البعيد.. تنتبه إلى الرضوض فإذا هي قد كبرت وغارت بعيداً إلى الحد العصي على الاندمال. جراح كثيرة استطعت أن تتجاوزها بمرور الوقت، موت عاهل، إهانات، إخفاق، وحرمان، تحكي تفاصيلها الآن بحياد كأنك تستدينها من ذمة الزمان من أجل الوفاء لها فقط، بيد أنها لم تعد ضمن مقتنياتك. فقد تعلمت بالوراثة أن تصدق كل الشائعات التي كان أهل قريتك يروجونها مثل مبدأ أن الصعوبات التي تذل الإنسان ويعجز عن التصدي لها فإنها ستزول ويوم فرم جنزير الدراجة كاحلك آنذاك وأوقعتك مهرتك الصغيرة أرضاً لم تجد عكازاً تسند ضعفك يومها غير تلك الكلمات التي رماها جدك القاعد في شمس الضحى يمضغ رطب أول النهار إذ حصبك بالنواة وقال بدون أن يحرك فيه شلال الدم على كعبك أية عاطفة:
* قم تكبر وتنس!!
بلل الألق ملامحة لما رآك تنهض بخفة وأضاف بطريقة احتفالية:
* ونخطب لك العروس.
فلم تتمالك على أثر غاشية الخجل التي امتطى وجهك لونها إلا أن تستأنف قيادة دراجتك وتلوذ بالفرار تطاردك ضحكاته المتدفقة على هيئة وصلات رعد صغيرة ومجلجلة. وفي الأيام التالية، ما كان يخطر في بالك أيها الولد الغر الانصياع لتلك المواعظ البالغة في غرابتها، ما كان يخطر ذلك في بالك أبداً وحين شاهدت " مريم" تتعثر في حاشية عباءتها، في ذلك اليوم الذي لن تنساه كمنعطف خطير في تاريخك الشخصي فسرت المشهد على أنه ليس سوى بنت صغيرة تتسلف عباءة أمها من قبيل التجريب، وهكذا عانقتها مكباً على أطرافك الأربعة وشرعت تعوي مرتجلاً في الحال مسرحية أنت تستحوذ فيها على دور الذئب الجائع إلى عنزته الجميلة، وكنت بالفعل مصمماً على أن تمضغ عباءتها، فلم يدر في خلدك أنها سوف تختفي إلى الأبد إلا عندما انتهرتك أمك بقسوة، وكأنها تتقمص دور الراعي لولا تلك الجدية التي تعرفها جيداً قائلة: ان البنت كبرت(!!) وسرعان ما فهمت أنها تتعمد أن تضع على اسمها المغروس في ذاكرتك كعشبة برية حجراً أو غلالة سوداء. ذلك اليوم- هو الجمعة بلا ريب- ساعة المغيب كان الفتى يختلس وقته الضيق من أوقاتهم ويتسلل إلى بيتها.. ويتدلى من ذراعيه تحت الشرفة شاخصاً باتجاه المرأة الصغيرة تتجول فوق السطح كفراشة معتقلة. يقول لها بلهجة تحمل كل تحدي الأطفال:
* هيا، انزلي، ثم يسحب ورقة اللعب من جيبه ويفردها على نحو بهلواني، أنهم في الصلاة. وبدورها سددت إليه سهماً مراشاً بالرعب:
* عبود! هل يمكنني أن ألد كالنساء بسبب الدم؟
* أي دم، هل جرحت أيضاً؟
لكنها أجفلت حينما أفاقت على فظاعة السلوك الذي قامت به، وولجت إلى الداخل تاركة الولد يلعق الأسئلة تلو الأسئلة. قرب العتبة يحدث أن يعثر الطفل على وردة حمراء مرمية في تلك المساحة من الممر غير النافذ بين البابين، خشبة مسرحهما اليومي، من الرائحة تعرف هذا الولد لأول مرة على الأسرار!! من الرائحة وحدها. يتذكر أنهم خلعوا عليها في تلك الأيام البعيدة لقب " البنت المخبية" بعض النساء كن يتحاشين المرور على اسمها الحقيقى بدافع الحسد. تصل إليه أسرارهن التي تمجد حلاوة عينيها.. ضحكتها الدافئة.. شعرها الهارب سبطاً ناعماً للدرجة التي تجعل الماشطة تفرش لها بساطاً أثناء التسريح. يتذكر حتى أكاذيبها العذبة وهو يسترق السمع لكي يتخيل هذه الأسطورة، ويتمنى أن يراها. هي البنت الصغيرة التي كانت ذات يوم في مثل سنك، ويدوم فيك ذلك الصوت:
* قم تكبر وتنس
هل أصبحت كبيراً حقاً؟ تصحو، تتجرع كأس الماء ثم تحاول أثناء ذهابك إلى العمل أن تجمع نسيانك من فضلات نسيانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.