تعريف المعرف اسراف وتبذير.. هكذا يقال دائما للشيء المعرف لنفسه.. والبعض يرى ان الثقافة ليست ببعيدة عن هذه المعادلة كونها - والرأي لهم - معرفة لذاتها.. لكن ثمة رأي آخر يرى ان الثقافة لا تبدو في كل الاحوال كذلك.. فهي واضحة كالشمس عند النخبة والمثقفين والمهتمين لكنها ليست معروفة بصورتها الصحيحة عند البعض الآخر.. والثقافة في شكلها العام تعني الاحاطة بالعلوم والفنون والادب وبشؤون الحياة والناس او بمعنى آخر معرفة بعض الشيء من كل شيء.. هكذا تبدو لنا الثقافة. جئنا بالتعريف لمعرفة ومراجعة حجم ما نمتلكه من معرفة مكتسبة.. ربما تكون قليلة او كثيرة.. لكن الخوف من هبوط درجتها حتى الصغر.. وحينما نعلم اننا لا نعلم ستجدنا اكثر حزما في شحذ الهمم لدر المعرفة ايا كان مصدرها.. لكن بشرط العلم والاعتراف بحجم ضآلة ما نمتلكه من معرفة.. فنحن مرغمون على كسب الكثير من المعارف عن كل شيء يحيط بنا ولاسيما اذا ما تعلق الامر بالمعرفة التسويقية.. فالكثير منا يظن انه يمتلك كل المعرفة اذ تجد الكثير من المتسوقين يغرقون في شبر حملة دعائية او اعلان عابر.. مما يؤكد ضعف الوعي التسويقي لدى المستهلك المحلي وجهله بقوانين اللعبة الترويجية.. ولهذا نجد الكثير من التجار المسوقين يعزفون على هذا الوتر طوال العام بدءا من العروضات التي تواكب المواسم والاعياد وانتهاء بالخصومات التي تبدو مع ظهور فصل الخريف غالبا والتي لا تتعدى في مجملها معزوفات ماجنة توافق مقولة (اعذب الشعر اكذبه). والاعلان - وهو جهود غير شخصية مدفوعة الثمن لشراء مساحة ما في صحيفة او اية وسيلة اخرى - برغم انتشاره وصناعته التي اصبحت لها دخلها الخاص ولاسيما في الولاياتالمتحدةالامريكية على وجه التحديد والتي بلغ دخلها من الاعلان حوالي 249 بليون دولار لا يمكنه في كل الاحوال تسويق اية سلعة كانت ما لم تكن هذه السلعة جيدة تساعد على التسويق.. كما ان هناك للاعلان ضوابط صارمة تلزم المعلن الالتزام بنص الاعلان او الملصق.. وهذا ما تفتقر اليه اسواقنا المحلية التي تتخبط يمينا وشمالا في الكثير من تصرفاتها التسويقية دون مراعاة مصلحة او ذوق المستهلك والذي بات هو الآخر يجهل ما يدور من حوله حيث تجده يرتمي بكل ثقله تحت تأثير قطعة قماش او ورقة كتب عليها كلمة (خصومات خاصة) ناهيك عن العوامل الاخرى المحيطة بالمستهلك كالدوافع والتعليم والاتجاهات الشخصية والمؤثرات الخارجية كالعوامل الاجتماعية والحضارية والثقافية والطبقة الاجتماعية والاسر والجماعات المرجعية وجميع هذه العوامل تؤثر في شخصية المستهلك وبالتالي يمكنه ان يشتري سلعة ما في قرار غير مدروس.. واحيانا كثيرة يشتري احدنا قطعة ما بمبلغ ما ويكتشف ان سعرها لا يتناسب وخامتها التصنيعية او انه يشتري قطعة ويجدها في المحل المقابل بنصف السعر او ان يشتري بضمانات واهمة دون معرفة الطريق الى حمايته.. وقس عليها ما شئت من مواقف التخلف التسويقي الذي نعانيه وتعانيه اسواقنا بصورة عامة. وربما لا نجد وجها للمقارنة بين الاسواق المتقدمة وبين اسواقنا المتواضعة او بين المستهلك في الدول المتقدمة والمستهلك المحلي.. فالسوق هناك تستوعب البضائع الجيدة في حين ان اسواقنا لا تفرق بين الغث والسمين.. كما ان المستهلك العالمي قريب من مصادر الانتاج وهو اقرب الى فهم قوانين اللعبة من نظيره المستهلك في دول العالم الثالث الذي ينقصه الكثير من المعارف التسويقية. ولعل اصابع الاتهام في التقصير واهمال الجانب التثقيفي والارشادي للمتسهلك لا تتعدى بعض الجهات التي يظن بها الخير دائما كوزارة التجارة والمؤسسات الاعلامية والتعليمية بصفتها الجهات الاقرب الى شخصية المستهلك والتأثير فيها او عليها.. فلو ان اضلاع المثلث هذه فعلت دورها بشكله الصحيح لما كان حال المستهلك او حال سوقنا المحلية كما هو عليه الآن. من جهته قال السيد احمد عبدالعزيز المحمود مدير مؤسسة المحمود التجارية: انه يهم التاجر في المقام الاول تصريف بضاعته بأية طريقة كانت ولاشك ان سبل الدعاية والاعلان هي الطريق الاقرب الى تحقيق هذا المطلب التجاري المحض.. لكن لا يعني ذلك اننا نستغل المساحة المتاحة من الحرية التي منحت لنا في اساليب الدعاية والاعلان في استغلال المستهلك وابتزازه وان بدا المستهلك في معظم الاحايين جاهلا للكثير من الامور التسويقية. واضاف: اننا في كل الاحوال ومن خلال تجاربنا الطويلة في الاسواق وحركتها نرى اقبالا كبيرا على السلع سواء الغذائية او غير الغذائية والتي تعتبر سلعا استهلاكية.. ولاشك ان هذا مرتبط ارتباطا وثيقا بالانفاق والاقتصاد بمعنى انه اذا كان هناك اناس لديهم اموال فهذا يعني انهم يعرفون كيف يصرفون هذه الاموال.. لكن هناك اولويات في الصرف من المفترض ان تكون ذات جدوى ولا تصل حد التبذير حيث ان الكثير من المشاهد تؤكد انه اذا ما كان لدى المستهلك فائض من المال فانه يتجه لشراء اشياء كثيرة ربما ليس هو في حاجتها اصلا.. لكن عندما يكون هناك دخل محدود فالمستهلك يتجه لشراء الاشياء الضرورية التي لا يستغني عنها كالغذاء مثلا.. وبمعنى آخر انه اذا زاد الدخل زاد الانفاق واذا قل الدخل قل الانفاق.. مما يعني ان المستهلك بكل فئاته يفتقد لعنصر الموازنة في الصرف والانفاق وهو بحاجة الى اعادة صياغة وربما رعاية حتى نحصل على مستهلك واع وسوق خالية من كل التشوهات. واكد على ضرورة الاهتمام بالمستهلك والسلعة معا بحيث تناسب السلعة حاجة المستهلك المهمة.. وعلى وسائل الاعلام والمؤسسات الاخرى المعنية بتثقيف المستهلك ترشيد الاستهلاك ومناقشة الامور الخاصة بالصرف والانفاق.. لان الانسان بطبيعته يستهلك مادامت الحياة موجودة.. ووجود الوعي الثقافي يضعه على الطريق الصواب.