ماذا يفعل الفنان التشكيلي في اللوحات الفنية غير ان يكدسها في بيته، وماذا تفعل جمعية الثقافة والفنون لهؤلاء الفنانين؟ ومتى تقيم لهم معارض شخصية وهي مكلفة باقامة معرض شخصي واحد فقط خلال العام؟، واذا كان على الفنان ان ينتظر دوره فهذا يعني ان العديد منهم لن تأتيه هذه الفرصة، ولكن لابد من فتح قناة اخرى لاقامة معارض فنية جماعية وشخصية للفنانين في الاحساء، هذا الطريق يتمثل في التفاتة رجال الاعمال والمؤسسات التجارية، في اقامة معارض فنية، والتعامل مع اللوحات الفنية على انها سلعة تجارية، يمكن بيعها والاستثمار فيها، على غرار ما يحدث في مدينة جدة على سبيل المثال. هذه اهم المطالب التي خرجت بها هذه الندوة التي ناقشت الفن التشكيلي في الاحساء وهموم الفنانين، من حيث قلة المعارض الفنية، وانعدام الكتابة النقدية عنهم، وعدم تكوين جماعة فنية تخصهم، ولعل المكسب في هذه الندوة هي مشاركة الفنان التشكيلي عبدالحميد البقشي المنقطع عن المشاركة في المعارض التشكيلية، او اقامة معرض شخصي له منذ سنوات طويلة. استضافة تجارب خارجية ما تقييمك للفن التشكيلي في الاحساء؟ وكيف تنظر اليه؟ هل هو تقليدي؟ هل استطاع ان يفرز تجارب لونية جديدة؟ محمد الحمد: ان الامور التي يعاني منها الفن التشكيلي في الاحساء هي تطور الاسلوب الفني للفنان نفسه، فهناك فنانون كثر لم يستطيعوا ان يطوروا في تجربتهم التشكيلية، ولم يدخلوا تجارب جديدة، ظلت تجاربهم جامدة وتقليدية، كما عرفناهم ولعل من اسباب ذلك قلة المعارض الفنية، لان اقامة المعارض تحفز الفنان على التجدد وتغيير اسلوبه كما ان هذه المعارض روتينية وامكاناتها محدودة فمازالت الاحساء تفتقد الصالات المهيأة للمعارض التشكيلية، كذلك تعاني المعارض من الموضوعات التقليدية ومن ضعفها، حيث نجد لوحة قوية وبجانبها لوحة ضعيفة وهكذا فالمعارض نفسها بحاجة الى فرز أعمالها وعدم الخلط بين الاسماء المعروفة والاسماء الناشئة، او اللوحات العادية في المعرض الواحد، لان ذلك يضعف المعرض. الاطلاع على تجارب الاخرين سامي الحسين بالاضافة الى ما ذكره زميلي محمد الحمد، فان من اسباب ضعف بعض التجارب التشكيلية وعدم تطورها هو عدم الاطلاع على التجارب الاخرى حيث لم يتم حتى الان استضافة معارض فنية من خارج الاحساء وعرضها هنا، أو تجارب فردية لان الاطلاع ومشاهدة تجارب الاخرين يعطي ثراء لتجربة الفنان، كذلك الاطلاع على تجارب الاخرين من خلال زيارة المعارض التي تقام خارج الاحساء، يلاحظ على فناني الاحساء عدم الاطلاع او زيارة المعارض الخارجية، هذه من العوامل التي تجعل التشكيلي يكرر نفسه او عدم تطويرها. فن مكرر علي الدقاشي: انا اظن ان من يقوم على اعداد المعرض التشكيلي له دور في فرز الاعمال الجيدة من الاعمال العادية، او اختيار الفنانين المتميزين، واقامة معارض لهم، لان الفنان عندما يرى اعمالا فنية متميزة فان ذلك يحفزه على انجاز اعمال متميزة، يحاول بها ان ينافس الاخرين، ويصل الى مستواهم، ولكن في الفن التشكيلي في الاحساء تجارب متكررة تقليدية لم تتجاوز نفسها، وهناك تجارب شبابية لها خصوصيتها. فنانون لايحملون هم التشكيل سعيد الوايل: قبل تقييم الفن التشكيلي في الاحساء لابد ان نتعرف اولا على الفنان فنلاحظ ان الكثير من الفنانين لايحمل هم التشكيل، ولا يحمل مفهوما خاصا عن اللوحة الفنية هو يتعامل مع التشكيل بصفته رسم لوحة ليس اكثر بعيدا عما تحمله هذه اللوحة، فتكون لديه عددا من اللوحات يتنقل بها من معرض الى اخر، ثم يحسب على الاحساء بانه فنان تشكيلي، وليس بعيدا ان يصبح من الفنانين المعروفين المحسوبين على المنطقة ومن هنا يجب الا تظلم كلمة فنان تشكيلي على كل من يرسم، لان هناك فرقا كبيرا بين الفنان والرسام لان التشكيل يعتبر جزءا هاما في حياة الفنان، من خلال التشكيل يكون له نمط خاص للحياة، وفي سلوكه وفي تعامله مع الاخرين، وما يحمله من طموح عن التشكيل، وما يود ان يوصله للاخرين من تجارب جديدة. تبني رجال الاعمال سامي الحسين: ايضا من اسباب ضعف بعض الفنانين الاشتغال على خامات معينة وعدم التنويع او التجريب في خامات اخرى، ومن الامور غير المحفزة للفنان المجتمع، فالفنان بحاجة الى مؤسسة تجارية ترعاه، وتتبنى اعماله وتعرضها وكذلك شراء الاعمال الفنية من قبل التجار او رجال الاعمال، كما هو الحال في مدينة جدة، فعدم وجود ذلك لايحفز الفنان على تطوير تجربته، ولا يشجع على مواصلة العمل، لكن هذا لايعني ان كل التجارب ضعيفة، فهناك من الفنانين في الاحساء من هو معروف على مستوى المملكة في الاحساء فنانون يعتبرون من رواد التشكيل في المملكة ولديهم تجارب متميزة، واستطاعوا ان يقدموا تجارب متميزة وواعية. الفنان لا تعترضه عوائق عبدالحميد البقشي: انا ارى ان الفنان الحقيقي لايتوقف امام اي عائق، وكل العوامل التي قيلت ليست مبررا لتوقف الفنان فقلة المعارض او شراء الاعمال او عدم شرائها كل ذلك لايقف امام الفنان لان من يعشق شيئا لابد ان يتحمل عيوبه ونواقصه. والفنان لايمكن ان يتوقف عن الرسم الا في حالة الاصابة بالعمى، وانا اتحدث هنا عن الفنان المغرم والعاشق لفنه، صاحب الموهبة الجبارة، الذي لاتعترضه الف اعاقة الذي هو مثل سباق الماراثون، هناك من يتوقف ويسقط ولكن في النهاية لايصل الا القوي. اما بالنسبة لضعف المعارض التشكيلية في الاحساء، فلانها تفتقد روح المنافسة، فلو ضربنا مثلا بمعارض القطيف نجد المنافسة بين الفنانين، كل فنان يسعى الى ان يتفوق على زميله، وهذه المنافسة تشكل لدى الفنان خوفا وحذرا، من ان لاتعرض الا الاعمال القوية، التي تستحق العرض، لانك بين الاقوياء ينكشف ضعفك، وارى ان الفنان قبل اقامة المعرض بوقت طويل لابد ان يستعد فنيا ونفسيا، ولكن في الاحساء هذه الروح غير موجودة، ولايتم الاستعداد للمعرض، الا قبل ايام معدودة، ويتم عرض لوحات فنية سبق ان عرضت في معارض اخرى، كل ذلك لعدم وجود المنافسة، والفنانون في الاحساء بحاجة الى تقوية العلاقة بينهم، واقترابهم من بعضهم لخلق التنافس بينهم. نقاد ولكن.. هل عدم وجود الكتابة النقدية للاعمال الفنية من العوامل المؤثرة سلبا على عدم تطور تجربة الفنان او مع عدم ظهور نقاد في التشكيل؟ لماذا لا يحاول من لديه القدرة من الفنانين الكتابة عن زياراته ومشاهداته للمعارض وتجارب زملائه الفنانين؟ سامي الحسين: الكتابة النقدية عن التشكيل او عن المعارض الفنية ليست معدومة ولكن الذي يكتب عن هذه المعارض او التجارب كتابته ايضا ضعيفة وليست فيها فائدة للفنان، في اكثر الاحيان، لانه اما ان يكون ليس له علاقة بالفن او ان كتابته لاتحمل معرفة بالمدارس الفنية، او بالخامات الفنية، او ان تكون مصطلحاته وكلماته غامضة وغير مفهومة. كتابة مدمرة عبدالحميد البقشي: أرى ان الكتابة النقدية مدمرة للفنان، فاما ان يكون المديح المبالغ فيه للفنان العادي، ووصفه بانه فنان عظيم، او تحطيم للفنان المبدع والمتميز بعدم فهم اعماله، او الكتابة عنه باسلوب لايرقى الى اعماله، او يكون فيها هجوم على الفنان وبذلك تحبطه، ولاتشجعه على عرض أعماله، او مشاركته في معارض جماعية، لان الانتقاد الخشن او الهجوم على الفنان يعني انتقاد عقلك، ونظرتك للفن، وينتقد رؤيتك للاشياء، ولكن نحن مع الكتابة التي تبين ناحية الضعف او القوة في العمل، اي تكون لكتابة مفيدة للفنان باسلوب لطيف، وهناك من يكتب عن الفن، ولكن كتابته تحتاج الى ترجمة لغموض وصعوبة مفرداته. كتابة مكملة للعمل سعيد الوايل: الكتابة النقدية هي مكمل للعمل الفني، والفنان ينتظر رأي الاخرين، لكي يستفيد من هذه الآراء، ويتعرف على اخطائه وضعفه، او قوته وتميزه، مع الاسف ان الاخرين يبخلون عليك بارائهم، وتكون الكتابة عن معرض بكتابة خبر صحفي فقط، ولكن الفنان بحاجة الى تحليل لاعماله، حتى يتعرف على موقعه من خلال تقييم الاخرين. النقد الذاتي في ظل انعدام هذه الكتابة او عدم كفاءتها ما موقف الفنان التشكيلي من ذلك؟ لماذا لا يكتب عن تجارب زملائه او ان تقام ندوة على هامش المعرض يجتمع فيه الفنانون لتقييم المعرض؟ علي الدقاش: هذه الندوات ايضا بحاجة الى وجود ناقد متخصص، حتى يستفيد منه الفنان صاحب المعرض وبقية الفنانين ايضا. ندوة خاصة لكل معرض محمد الحمد: نعم اقامة ندوة خاصة بالمعرض هي الحل للتغلب على هذه المشكلة، فلابد من طرح الاراء حول المعرض سواء كان معرضا شخصيا او جماعيا. عبدالحميد البقشي: ارى ان في كل معرض هناك ندوة، ولكن ندوة غير مرتبة، وهي تكون بعد الافتتاح، من خلال الاراء التي تقال للفنان، سواء من الفنانين او الحضور، من خلال وجوده بينهم، ومع ذلك ايضا من الافضل ان تقوم ندوة مرتبة حتى تنظم هذه الافكار الموجودة لدى الحضور بعد المعرض مباشرة. جمعيات خاصة بالتشكيل محمد الحمد: بالنسبة لكتابة الفنان عن تجارب زملائه او مشاهداته لاي معرض، فهذا مطلب حتى لو لم تكن الكتابة متخصصة، بل هي مجرد انطباع. سعيد الوايل: حتى لو كتب الفنان عن تجارب زملائه، الا ان هذه الكتابة لايكون لها حظ من النشر، لان صفحات الجرائد لاتهتم بالتشكيل، والصفحات التشكيلية ضعيفة ومهمشة، ولا اعرف هل لان التشكيل ليس له فائدة للجريدة، ولايأتي بربح لها، كذلك عدم وجود مجلات متخصصة عن التشكيل، وعدم وجود جمعيات تشكيلية، فجمعية الثقافة والفنون مزدحمة باقسام ثقافية وفنية متنوعة، وهذا يشكل عبئا عليها، ولكن يفترض وجود جمعيات خاصة فقط بالتشكيل. فنان وليس ناقدا توفيق الحميدي: ماذا يكتب الفنان عن زميله؟ اذا كان الفنان لايملك المقدرة على الكتابة، فماذا يكتب وكيف يكتب وهو غير متخصص في الكتابة النقدية، ولكن قد تكون الكتابة انطباعية فقط. تكوين جماعة فنية رغم كثرة الفنانين التشكيليين في الاحساء الا انه حتى الان لم تتكون جماعة تشكيلية كما في مدن اخرى تقوم بعرض اعمالها خارج الاحساء وتنتقل بها من مدينة الى اخرى للتعريف بهؤلاء الفنانين؟ محمد الحمد: سبق ان عملت اجتماعات لتكوين جماعة تشكيلية ولكن لم ننجح في ذلك، ولا اعرف ما الاسباب. سامي الحسين: الجماعة لاتتكون الا بوجود مسؤول متابع قوي الشخصية، ومؤثر في الفنانين، ولديه المقدرة في تنفيذ القرارات، اذا كان القرار هو اقامة معرض، ولكن عندما يكون المسؤول متخاذلا فان هذه الجماعة من الصعب ان تتكون. الجماعات موضة سعيد الوايل: ارى ان ظهور الجماعة التشكيلية اصبح موضة في اكثر المناطق واكثرها نتاجها ضعيف، وليس لها اي تأثير في الساحة التشكيلية على مستوى المملكة، ولكن الجماعة الفنية لاتكون قوية ومؤثرة الا عندما يكون لها اتجاه فني واحد، واسلوب فني واحد، لابد ان يكون لها هم مشترك واحد، حتى يظهروا للاخرين ولهم هدف معين ومحدد، اما ان انتمي الى جماعة لانني اعيش في هذا المكان، واكون ضمن زملائي فهذا خطأ، قد تكون اولا تكون، لان تأثيرها ضعيف. كل فنان هو جماعة عبدالحميد البقشي: أرى ان كل فنان هو جماعة بنفسه مع ما يراه على مستوى العالم من تجارب وفنون، بالنسبة لي شخصيا لا ارى نفسي وحدي، بل انا مع مجموعة كبيرة متنوعة ومختلفة، من خلال اتصالي بالانترنت، واطلاعي على تجارب الاخرين، خاصة التجارب الاجنبية، وربما يساعدني في ذلك لغتي الانجليزية، وانا لا اشعر انني بحاجة الى جماعة، لان التجارب الموجودة هي تجارب عادية، ولذا قلت اجتماعاتي مع الفنانين، ولكنني اقرأ وأتابع واشاهد التجارب العالمية، من خلال الانترنت، او ما يصلني عبر البريد من مجلات فنية. اما اذا كان هدف تكوين الجماعة هو اقامة المعارض فان هذه المعارض مكلفة جدا، وتحتاج الى دعم من مؤسسة تجارية او رجل اعمال، لان الفنان وحده لايستطيع ان يقيم له معرضا، وبالنسبة لي شخصيا ليست لدي المقدرة المادية لعمل براويز لاعمالي، لانني ارسم لوحات بأحجام كبيرة خاصة ان هذه التكلفة تعد خسارة للفنان لانه لايبيع اعماله كي يعوض خسارته هذه، والفنان يعرض حتى يقال له شكرا فقط، ولكن اذا لم يبع الفنان اعماله الفنية فلا داعي لاقامة المعارض، لانه سيتكلف بعمل براويز لها، وبالتالي يكدسها في البيت، ليتراكم عليها الغبار. نحن خارج الساحة توفيق الحميدي: نحن بحاجة الى جماعة لانها السبيل لنقل المعرض الى خارج الاحساء، لان المعرض يمثل فناني الاحساء ويحمل اسمهم، واسم الاحساء الان فنانو الاحساء ليس لهم تواجد على الساحة التشكيلية، بينما هم فنانون متميزون، فالجماعة تعمل على ارتباط الفنانين والالتقاء بهم والفنان وحده لا يستطيع ان يقيم معرضا شخصيا دون دعم المؤسسات التجارية، ونتمنى ان يكون هناك وعي لدى رجال الاعمال لدعم الفنانين التشكيليين ومساعدتهم في اقامة معارض لهم، او إقامة صالات للعرض وفتح المجال لبيع اللوحات. دعوة رجال الاعمال سامي الحسين: لماذا لاندعو رجال الاعمال لحضور او افتتاح معارضنا، لماذا لانبدأ نحن بتوجيه الدعوات لهم لمشاهدة اعمالنا، وبهذه الطريقة نفتح باب التواصل معهم، لان الفن، كما في الدول الاخرى، لايبرزه الا التجار، ورجال الاعمال هم الطريق لايصال هذه اللوحات وانتشارها بين الناس اما بشرائها، او بناء صالات لعرض اللوحات، وتكون هذه الصالات مثل المحل التجاري المتخصص في بيع اللوحات الفنية واظن ان ذلك لايتم الا عن طريق التجارة، والتجار ورجال الاعمال. المؤسسات الثقافية التجارية محمد الحمد: المعرض الفني سواء الجماعي او الشخصي لابد ان يتم عن طريق المؤسسات الثقافية او التجارية، ويمكن لجمعية الثقافة والفنون ان تخاطب الغرفة التجارية الصناعية لاقامة 4 معارض على الاقل في العام الواحد. والغرفة التجارية بدورها تحول ذلك على المؤسسات التجارية، ويتم عمل دعاية لهذه المؤسسات التجارية، وهذه الطريقة هي التي يمكن ان تساهم في اقامة عدد كبير من المعارض، واعطاء فرصة للمجتمع للتعرف على الفنانين من خلال هذه المعارض. المشاركون في ندوة اليوم