ركز نادي ابها الادبي نشاطه المنبري هذا الموسم على اهمية التواصل مع القنوات الاعلامية حيث بدأ بالملاحق الادبية واثرها على الثقافة ثم استضاف مؤخرا ندوة عن دور الاذاعة والتلفزيون في اثراء الحركة الثقافية وكان المتحدث عن الاذاعة الدكتور عبدالله عبدالرحمن الحيدري مدير الاعداد باذاعة الرياض فيما تحدث عن التلفزيون من وجهة نظر خاصة المذيع المتعاون مع محطة تلفزيون ابها احمد عبدالله التيهاني وقد شهدت الندوة حضورا مميزا من الوسط الثقافي والاعلامي يتقدمهم رئيس نادي ابها الادبي محمد عبدالله الحميد وقد ادار الامسية الدكتور عبدالله حامد عضو نادي ابها الادبي الذي اعطى لمحة عن دور وسائل الاعلام المسموعة والمرئية في تفعيل الثقافة ثم تناول السيرة الذاتية للضيفين. النشأة في البداية تحدث الحيدري عن نشأة الاذاعة السعودية بمرسوم ملكي عام 1368ه وصدور المرسوم التأسيسي والايضاحي للاذاعة السعودية في عام 1374ه الذي تضمن الاخير المهام المناطة بالاذاعة السعودية ومنها: المعاونة في محاولة القضاء على الامية بتعميم الوعي الثقافي. رفع مستوى كل طبقة من طبقات الامة وتحقيق مطالبها الثقافية والاجتماعية. من هنا فقد كان انشاء الاذاعة السعودية حدثا له اهميته القصوى في التثقيف استنادا الى هذا المرسوم واستنادا الى السياسة الاعلامية في المملكة العربية السعودية التي تنص في المادة الرابعة عشرة على الاتي: (تخصص وسائل الاعلام برامج ثقافية رفيعة المستوى متعددة الاتجاهات للفئات المثقفة ثقافة عالية من شانها ان تلبي حاجات هذه الفئات الفكرية الثقافية). ولقد اتاحت الاذاعة السعودية منذ نشأتها قبل اكثر من نصف قرن الفرصة امام الادباء والمثقفين لاثراء برامجها ومن ابرز المذيعين السعوديين الاوائل احمد السباعي وهاشم زواوي وطاهر زمخشري وحسن عبدالله القرشي وهم كما نعلم كتاب وشعراء وفيما بعد انضم اليها صحفيون وكتاب مثل عبدالله عريف واحمد عبدالغفور عطار. ومن الذين ارتبطت اسماؤهم بالاذاعة من المشاهير محمد حسين زيدان وعزيز ضياء وابراهيم فودة وعبدالله بلخير رحمهم الله جميعا. ولقد حفلت الاذاعة طوال مسيرتها التي تجاوزت نصف قرن ببرامج ثقافية عامة واخرى ادبية متخصصة وحاولت ان تقدم رصيدا للحركة الثقافية في المملكة ومن ذلك برامج عديدة معروفة. كما تم انتاج برامج خاصة بالمناسبات الثقافية مثل: الرياض عاصمة الثقافة، منارات ثقافية، جسور الثقافة. ولقد اوفدت اذاعة الرياض لانتاج البرنامج الاخير (جسور الثقافة) عددا من المذيعين من ابرزهم: الدكتور محمد العوين وحسن التركي ومحمد عباس الى بعض العواصم العربية مثل: الكويت والمنامة وبيروت والقاهرة وعمان وتونس والرباط لتسجيل لقاءات ثقافية بلغت ما يقرب من اربعمائة تناول فيها الادباء والمثقفون العرب جوانب من مسيرة الثقافة والادب في المملكة العربية السعودية وتم بثها في مدة تزيد على ستة اشهر. اما في اذاعة البرنامج الثاني فقد تم ايضا انتاج برامج خاصة ومنها: من المحيط الى الخليج، افاق الثقافة العربية. وبالاطلاع على بيان الاسماء التي شاركت في تقديم الاحاديث الاذاعية على سبيل المثال نجد امامنا كوكبة ممتازة من الادباء والمثقفين السعوديين الذين اسهموا بخلاصة افكارهم ورؤاهم لخدمة الثقافة والادب في المملكة. ومن بين الاسماء التي وقفت عليها: محمد حسن عواد, محمد بن علي السنوسي, ضياء الدين رجب, يحيى المعلمي, د. عمر الطيب الساسي, د. محمد العيد الخطراوي, حمد القاضي, عبدالله الجعيثن, وغيرهم. وتوقف عن ابرز البرامج التي تذاع حاليا ويشرف عليها ويتولاها نخبة من المثقفين. وقال الحيدري لسنا هنا بصدد الاستقصاء, ولكننا نشير الى ان عددا من البرامج العامة تعنى بتنشيط الحركة الثقافية في المملكة مثل: اهلا بالمستمعين, وقضايا وآراء, وفيهما تطرح موضوعات ثقافية مهمة, ويستضاف لمناقشتها عدد من الادباء والمفكرين السعوديين. وبعد فالاذاعة السعودية في مسيرتها الطويلة حاولت ان تكون مواكبة للحركة الثقافية في المملكة من خلال الوان اذاعية متعددة, كالمقابلات, والندوات, والاحاديث والبرامج المباشرة وسوى ذلك. التليفزيون بعد ذلك بدأ الحديث عن التليفزيون احمد عبدالله الستيهاني فقال: تتعدد في التنظير وظائف وسائل الاعلام ومنها العمل على ابقاء التراث الثقافي والمحافظة عليه. وهي الوظيفة الثالثة بين اربع وظائف هي: 1- الاخبار او الاعلام. 2- ربط اجزاء المجتمع اولم شمله. 3- التسلية والترفيه. وحين نقول نظريا: ان من وظائف وسائل الاعلام العمل على ابقاء التراث الثقافي والمحافظة عليه فان الامر يستدعي التعبير عن ثقافات قائمة وثقافات مبتكرة وهذا يستلزم افقا اعداديا واسعا يؤمن بان هذا التمثل لا يتعارض مع الوظيفة الثانية للاعلام وهي: ربط اجزاء المجتمع اولم شمله لان تكوين الاجماع في القضايا الفكرية لا يعد نجاحا بالقدر الذي يكون دعما لمركزية التفكير وهي عائق كبير امام التقدم الاجتماعي بمفهومه الشمولي. اسوق هذا لانطلق منه الى القول ان الثقافة في الاعلام ثقافة جماهيرية وليست ثقافة نخبوية.. ثقافة الاذاعة والتليفزيون ثقافة شعبية كما ترى النظرية الفرانكفورتية في هذا الصدد. وعن برامجنا الثقافية والتحولات قال التيهاني: استحضر في هذا المقام (الكلمة تدق ساعة) و(رحلة الكلمة) للاستاذين محمد رضا نصر الله وحمد القاضي وكيف اسهم هذان البرنامجان في تصدير ثقافتنا المشرقة من خلال تناول يسير قبل ان تكون البرامج المباشرة فيصلا في التوجيه والتأثير.. وهنا اتساءل كما تتساءلون: ايوجد في هيكلنا البرامجي التلفيزيوني برنامج كاحد هذين البرنامجين؟ والاجابة - قطعا - لا. ولم لا ؟. وامامي من خلال التجربة هذه الاسباب: 1- عدم استقراء الهيكل البرامجي في تلفزيوننا من حيث الايام والساعات. 2- اختيار مواقيت زمنية ميتة لعرض البرامج الثقافية الحوارية مثل: قبيل المغرب.. او بعد الساعة الثانية بعد منتصف الليل. 3- سلبية المثقفين في التعامل مع البرامج الثقافية وعدم استجابتهم لحاجات مقدمي تلك البرامج. 4- وجود خطوط حمراء متراكمة امام المعدين بالرغم من عدم تعارض الكثير من تلك الافكار المعروضة او المنفذة مع المبادئ الوطنية. 5- انعدام الحوافز المادية الموازية للجهد. 6- رفض الشفافية ونقد الذات. ومن خلال التجربة ايضا اعرض بعض الامثلة على ذلك: (برنامج حوار في الثقافة) الذي يعده ويقدمه الدكتور محمد العوين كان يعرض عند التاسعة مساء كل جمعة ثم اصبح يعرض عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل. (برنامج الملف الثقافي) الذي كنت اعده واقدمه من محطة تلفزيون ابها كان يعرض عند الساعة التاسعة مساء كل يوم اثنين, ثم اصبح يعرض عند الساعة التاسعة مساء كل جمعة ثم اصبح يعرض عند الخامسة والنصف عصر الخميس ثم بات في اسابيع احتضاره يعرض عند الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل في يوم اي شاء قسم التنسيق. وتحدث عن مواقف وتجارب اخرى منها: برنامج (مبدعون) الذي انتجت منه ثلاث حلقات وعرضت حلقة واحدة هي الاولى وكان ضيفها انور بن محمد خليل فيما لم يتم عرض حلقتين مع كل من الفنان التشكيلي عبدالله شاهر عسيري واحمد عبدالله عسيري والسبب - كما يرى - ان هؤلاء منحوا من خلال هذا البرنامج اكثر مما يستحقون بالرغم من الاصداء الممتازة التي لقيتها الحلقة الاولى.. والشهادات التي نالتها بدءا بأمير المنطقة حتى رجل الشارع. واستطرد قائلا: اسوق هذه الامثلة بسذاجة صاحب التجربة لا برؤية المحاور لاقول ان هذه العقبات اكبر من القدرة على تجاوزها فكيف لنا ان نبحث عن الافضل؟؟ ومن اجل الموضوعية فان الصورة تتسم ببعض الاشراقات اذ شهدت بعض البرامج الحوارية المباشرة نهجا جديدا في التعامل مع عقلية المشاهد وان كان بعض المشاهدين - احيانا - يمارسون جناياتهم على بذور الشفافية بسبب اميتنا الفكرية او الآراء الاحادية المغروسة في الذهن الجمعي لامتنا. وطالب التيهاني باحترام المشاهد وثقافته الشعبية وتقدير محليته الثقافية وتشجيع البرامج الثقافية الابداعية المتسمة بالاشراق والبهجة والحرص على استمرارية البرامج الثقافية المميزة في دورات متعاقبة. وكذذلك توعية المهتمين بالثقافة باهمية التفاعل مع الاعلام وازالة حواجز الرهبة والتوجس التي تنتاب بعضهم من الظهور الاعلامي. واستلهام حرية الحوار الموجودة في انديتنا الثقافية وحواراتنا العامة والايمان بان الحوار الفكري والثقافي الحر لا يعني رداءة برامجية او تجاوزا لرسمية الاداء التلفزيوني. واختتم كلمته بالتأكيد على ان برامجنا الثقافية صورة من ثقافتنا وكلما كانت ثقافتنا سليمة معافاة كانت برامجنا كذلك وقل تأثرها بالعوامل الخارجية وحد من تطلع اهلها الى الآخر. وقد شهدت المحاضرة عدة مداخلات واسئلة منها سؤال من الدكتور محمود شاكر عن اهمية تواصل الاذاعة مع التربية والتعليم وكذلك برامج الاطفال كما قال علي الشهراني عضو النادي عن اهمية احترام ذوق المشاهد كما طالب الدكتور مطلق شائع من الاذاعة الاهتمام بالتواصل مع مثقفي وشعراء منطقة عسير.