المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «المرأة السعودية».. كفاءة في العمل ومناصب قيادية عليا    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    رسالة إنسانية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدباء: الدكتور ابن حسين علامة بارزة في الأدب الحديث
ثقافة اليوم تحتفي بدوره التنويري
نشر في الرياض يوم 12 - 07 - 2012

على مدى العقود الأربعة الماضية ارتبط اسم الشيخ محمد بن سعد بن حسين بالدرس الأدبي ارتباطاً وثيقاً وأضحت له وشائج أمتن وأصبح علماً بارزاً في هذا الحقل يعود له كل ما رام مسألة في الأدب السعودي أو أراد البحث في قضاياها، ذلك أن ابن حسين عشق الأدب السعودي وكلف به ودعا إلى دراسته في المعاهد والكليات وزين لطلاب الدراسات العليا الكتابة عن رواده إلى جانب تأثيره الأدبي والثقافي على طائفة من طلابه في محاضراته بكلية اللغة العربية بالرياض.
لم يكتف ابن حسين بالدور البارز الذي قدمه عبر الجامعة بل كانت له سُهْمة في انتشاره من خلال أكثر من برنامج ومن أوسعها انتشاراً وأوسعها حضوراً برنامج (من المكتبة السعودية) حيث قدم به أكثر من (1000) حلقة إذاعية.
أما مجال التأليف والنشر فهو هَوَاه وعِشْقُه فأفرد جملة من المصنفات تربو على (40) كتاباً بين نقد وأدب وشعر وتحقيق وتاريخ اتخذ من داره العامرة منتدى ثقافيا عرفه بندوة النخيل يغشاها النخب الثقافية ويرتادها الأكاديميون ويؤمها أصحاب الحجى وتدار فيها قضايا الفكر والنقد والأدب برؤية حديثة وفكر مستنير.
أبصر الفتى محمد بن سعد بن محمد آل حسين النور في قرية العودة بإقليم سدير في نجد عام 1352ه وقرأ على يد عمه وأبيه القرآن والعلوم الشرعية الأولية، وحين شب عن الطوق دفعه أبوه للعاصمة الرياض ليختلف على بعض مشايخها، ثم ارتحل إلى الحجاز لطلب المزيد من العلم فارتاد بعض حلقات العلماء بالمسجد الحرام وأخذ منهم، فطاب له أن ينتقل إلى الطائف ليدرس بمدرسة دار التوحيد التي أمضى بها عامين ليعود بعد ذلك للرياض ويلتحق بالمعهد العلمي ويتخرج فيها عام 1378ه.
بدأ حياته العملية مدرساً بالمعهد العلمي ثم درَّس بكلية اللغة العربية، بعدها نزعت نفسه إلى المزيد من المعرفة فطلب الماجستير والدكتوراه في الأدب والنقد من جامعة الأزهر بمصر.
عسيلان
وحين عاد الدكتور ابن حسين عمل أستاذاً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.. ويعد أول من دعا إلى تدريس الأدب السعودي وأول من حاضر عنه وألف فيه.
لابن حسين جملة من المشاركات الثقافية والأدبية من محاضرات وندوات وملتقيات ومهرجانات داخل المملكة وخارجها تربو على (90) مشاركة، كما أشرف على أكثر من (70) رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه والماجستير.
أمضى أكثر من (40) عاماً أستاذاً للأدب والنقد ومنهج الأدب الإسلامي وهو عضو برابطة الأدب الإسلامي وعضو برابطة الأدب الحديث بالقاهرة، وتم تكريمه غير مرة وقد كُتبت عنه عدد من المؤلفات بقلم زملائه وتلامذته منهم الدكتور طلعت صبح السيد والدكتور حسين علي محمد والدكتور عبدالله الحيدري، ناهيك عن بعض البحوث التي دبَّجها جمهرة من أساتذة الأدب والنقد، كما نال جائزة أبها في النقد الأدبي وحصل على جائزة التميز للمعوقين.
أما عن كتبه فقد نافت على (40) كتاباً من أبرزها:
الأدب الحديث في نجد – رسالته في الماجستير – 1391ه.
الشيخ محمد بن عبدالله بن بليهد وآثاره الأدبية – رسالته لنيل درجة الدكتوراه – 1399ه.
المعارضات في الشعر العربي – 1400ه.
الشعر السعودي بين التجديد والتقليد – 1401ه.
الأدب الحديث – تاريخ ودراسات – 1404ه.
محمد سعيد خوجة – حياته وأدبه – 1404ه.
حافظ إبراهيم ونظرات في شعره – 1404ه.
من شعراء الإسلام – 1404ه.
الشاعر حمد الحجي – 1407ه.
الشاعر الكبير محمد بن عبدالله بن عثيمين – 1412ه.
قضايا في الأدب الإسلامي – 1415ه.
المدائح النبوية بين المعتدلين والغلاة – 1406ه
الشعر الصوفي إلى مطلع القرن التاسع للهجرة – 1411ه وغيرها من الكتب والدواوين.
العوين
واليوم تحتفي صحيفة الرياض بالعالم الموسوعي الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين بعد هذا الجهد البارز في الساحة الأكاديمية والثقافية وتقديراً لهذا الدور الوطني يتقدم كوكبة من زملائه وطلابه الذين عرفوه عن قرب، والذين يتحمدون فضله ليشاركوا بهذه الكلمات ويرسموا من خلالها لوحة وفاء صادقة نظير ما قدم، لاسيما وهو يمر بعارض صحي نسأل الله له أن يسبغ عليه ثوب العافية والعمر المديد.
المحقق والدكتور عبدالله عسيلان رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي كان من أوائل من زامل الدكتور ابن حسين وعرف عن كتب فقال:
الدكتور محمد بن سعد بن حسين أديب وباحث وأستاذ جامعي له مكانته السامقة في الأوساط العلمية والثقافية والجامعية بدأت معرفتي به في رحاب كلية اللغة العربية بالرياض منذ عام 1397ه، حيث عدت من البعثة وعينت أستاذاً مساعداً بالكلية والدكتور محمد هو أحد أركانها الراسخة، وقد عاصرته وهو رئيس لقسم الأدب بالكلية وفي هذا المحيط النابض بالعلم والأدب والثقافة عرفت الدكتور محمد عن كثب عرفته فيه عالماً وأديباً وباحثاً يتعشق الكلمة والحرف ويعيش معها بعقل واع وإدراك واسع المدى لما تنطوي عليه فيوض العلم والمعرفة وتجلى ذلك واضحاً بحركته الدؤوبة في البوح بمكنون وعيه المعرفي وحسه الأدبي فيما شهدت له الساحة العلمية والثقافية من مساهمات ومشاركات أدبية وثقافية وعلمية تمثلت في جوانب عديدة من أبرزها ما يأتي:
مؤلفاته: ومنها كتابه الذي حصل به على درجة الدكتوراه وهو (الشيخ محمد بن عبدالله بن بليهد وآثاره الأدبية) هو دراسة علمية أدبية تناولت علماً من أعلام العلم والثقافة في نجد، وقد جلى لنا الباحث في دراسته الجوانب المتعددة التي تميط اللثام عن إبداعات ابن بليهد في الأدب والعلم والثقافة وتعد هذه الدراسة مصدراً هاماً في بابها وإلى جانب هذا الكتاب له مؤلفات وبحوث عديدة أربت على الأربعين كتاباً وبحثاً ومن يتأمل في قائمة مؤلفاته يجد أنها تعكس بجلاء ووضوح مدى عنياته واهتمامه بالجوانب الأدبية والثقافية والعلمية وعلى وجه الخصوص العناية البارزة بالأدب السعودي إذ يعد الدكتور من رواد البحث في الأدب السعودي وخاصة الأدب في نجد وذلك في وقت قلت فيه البحوث والدراسات في هذا الجانب ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد إذ إن له جهوداً متعددة في إلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات وإعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية في الجانب الثقافي والأدبي ومن أشهرها برنامجه (من المكتبة السعودية)، ولهذا البرنامج دور هام في التعريف بما تحفل به المكتبة السعودية من النتاج الفكري والأدبي والعلمي للأدباء والعلماء والمثقفين السعوديين وباختصار فإن عطاءه الثقافي والأدبي والعلمي جم وغزير، وقد أفاد من علمه طلابه والباحثون والدارسون للأدب بعامة والأدب السعودي بخاصة، ولا أنسى أن أشير إلى أن له باعاً في مجال الإبداع الشعري فهو شاعر وله ديوانان هما هوامش الذات يقع في 1000 صفحة، وديوان اشتعالا تعالية يقع في 400 صفحة.
عطوي
ويبرز الدكتور حسن الهويمل حرص ابن حسين في دراسة الأدب السعودي واشاعته في الأوساط الأكاديمية فيقول: الحديث عن أديب رائد مثل محمد بن سعد بن حسين حديث متشعب وللكبار عدة زوايا، والكاتب كالمصور يحار من أي الزوايا يلتقط الصورة.. وحين طُلب مني الإسهام في هذه اللفتة الإنسانية، لم أجد الجهد والوقت الكافيين لتقصي أبعاد أدبه وإسهاماته، ولاسيما أن الفضل له في حصولي على الدكتوراه، فلقد حثني على المواصلة وسعى في أوراقي وأشرف على الرسالة، وكان نعم المعين ونعم الموجه، ثم هو قبل هذا وبعده صديق عزيز نحمل معاً هماً مشتركاً ورؤية متقاربة. وحديثي لن يكون عما بذله من جهد معي ومع عدد كبير من طلبة الدراسات العليا، فذلك مشهود، وطلابه مدينون له بالفضل، وكل متحدث عن خصائصه سيذكره بخير، لأنه يبذل من جهده ووقته ما يمكن الدارس من إكمال متطلبات الرسالة، والطلبة كلهم مجمعون على أنه يسعى في حاجاتهم ويسهل متطلباتهم.
الشيء الذي يحسب لجامعة الإمام وللرواد فيها أمثال إبراهيم الفوزان وعبدالعزيز الفيصل وناصر الدخيل ومحمد الربيع ومحمد الفاضل ومحمد الفيومي وآخرين أنهم أحرص الناس على دراسة الأدب السعودي وإشاعته في الأوساط الأكاديمية، ولقد كان لجهودهم المباركة الأثر الحسن، فلقد اتجه طلاب الدراسات العليا لدراسة الأدب السعودي واستحضار رموزه وقضاياه، وهذا الاستدعاء أنهى عقوداً من النسيان والتهميش، فالأدب السعودي ظل ردحاً من الزمن خارج المنهج ،وكانت الآداب العربية حاضرة الدرس في جامعاتنا، ولو لا هذا الفريق المبارك لما بادر الحضور، ولما اهتم به أدباء العالم العربي ونقاده تلك واحدة من مآثر الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين أما المأثرة الثانية فهي اضطلاعه بالمنهج التاريخي في دراسة الأدب العربي في المملكة واستحضاره لمنهج كاد ينقرض لولا جهود الدكتور شوقي ضيف والمنهج التاريخي في دراسة الأدب ضرورة ملحة، لأن العزوف عنه إهمال لجانب مهم من حياة الأدباء، وإذا تهافتت المناهج اللغوية والفنية والنفسية والثقافية فإنها تشكل إضافة، ولا يكون واحد منها بديلاً عما سواه، وداء المشهد الأدبي والنقدي أنه مشهد إقصائي يرى أنه بالاماكن الاستغناء عما سبق والاكتفاء بالمستجد، وهذا خطأ فادح صوح معه نبت النقد وضوت شواخص الأدب، ذلك أن المشهد الأدبي يتسع لكل التيارات والمذاهب والمناهج والآليات.
الهويمل
ومما يحمد للرواد تمسكهم بتراثهم واعتزازهم بمناهجهم واحتفاؤهم بما جد من مناهج وآليات، وأحسب الدكتور محمد بن سعد بن حسين من أولئك الرواد الذين ثبتوا الأفئدة والاقدام واستطاعوا أن يحافظوا على لحمة الأدب العربي وآلياته النقدية، ولم يلتفتوا إلى المتسرعين ولا إلى المتذوقين الذين لا يصبرون على طعام واحد.
وعن كتبه ومصنفاته يوضح الهويمل قائلاً: والأستاذ الدكتور الحسين خلَّف للمكتبة الأدبية داخل المملكة وخارجها مجموعة من الكتب والدراسات التي تحسب على التراث والأدب السعودي، وإسهاماته المتسمة بهذه السمات ستظل مرجعاً للدارسين والباحثين في الأدب العربي في المملكة.
وغيابه في ظل العارض المرضي لن ينسي طلابه وقراءه ما اسهم به وما قدمه من خدمات جليلة من خلال قسم الأدب في جامعة الإمام ومن خلال إسهاماته المتميزة في المحافل الأدبية والصالونات والأندية الأدبية من خلال المحاضرات والندوات والملتقيات.
ولقد كانت له اسهاماته المشكورة في نشاطات نادي القصيم الأدبي ببريدة إبان رئاستي له، فلقد استضافه النادي في كل عام مرة أو مرتين وطبع له بعض الكتب والمحاضرات.
نسأل الله له مزيداً من الصحة والتوفيق والعودة إلى مشهد الأدب ليكمل المسيرة مع زملائه الرواد الذين لما يزالوا على رأس العمل وشكر الله للإخوة في الجريدة الذين سبقوا إلى استحضاره واسعاد محبيه بالحديث عن جوانب حياته.
أما الأستاذ الدكتور مسعد العطوي الذي مكث معه سنوات طويلة فلم يجده إلا منبعاً للعلم ويذكر أيضاً: عرفت العالم العصامي الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين. في مكتبات مصر وشاء الله أن يكون مشرفاً على رسالتي الدكتوراه في الرياض، والحديث عن ابن حسين يطول فالرجل عرفته مستثمراً للزمن حريصاً عليه علمني تعليماً عملياً كيف ينظم أوقاته من خلال مشاهدتي له، فهو الباحث الدائم أو لنقل هو السابح في محيط العلم فما تراه إلا في بحر العلم إما باحثاً في الكتب أو مستمعاً لحوار أو متحدثاً أو هو يملئ ويملأ الصحائف، ومنزله روضة علم، ومكتبه في الجامعة روضة علم، ومجالسه في منتدى معرفي. مكثت مع أستاذي محمد بن حسين سنين طويلة فلم أجده إلا منبعاً للعلم أو ناهلا منه، وهو مع ذلك رجل له تواصله الثقافي والمجتمعي، وقد كان من مؤسسي قسم الأدب حتى تصدر هذا القسم كلية اللغة العربية عطاء وإنجازا وكشفاً عن الأدباء والمفكرين فالرسائل الجامعية التي انبثقت عن هذا القسم عرفت بالأدباء والأدب السعودي.
ويمضي العطوي والدكتور ابن حسين رجل وطني فهو احتضن طلاب العلم وطلاب الدراسات العليا واخذ بأيديهم لاختيار الموضوعات ودفع بهم واستحثهم على الإنجاز فقد بلغت الرسائل التي اشرف عليها وناقشها السبعين رسالة. وطلابه تجدهم في الجامعات، والإعلام وفي سائر مناطق المملكة، وأنت تعجب لقدرته على مواصلة التأليف وهمته العالية لإنجاز المؤلفات وطباعتها فله أكثر من أربعين كتاباً، وهو صاحب الألف حلقة أدبية في الإذاعة وهو القارئ لألف كتاب، كتب عنها تلك الحلقات، وهو الذي استقطب كبار رجال الدولة ومثقفيها في منتداه الأدبي، إن هو الرجل العالم في الأدب والنقد وهو العالم الشرعي الذي قرأ أمهات الكتب الشرعية والأدبية.
إن الدكتور ابن حسين يمثل بناء الهمة والعزيمة للأجيال التي بنت حضارتنا المعاصرة.
الحيدري
إلا أن الدكتور محمد العوين أفرد في مشاركته كثيراً من الصفات الحميدة التي اختص بها ابن حسين وعلاقته الوطيدة به فقال: كانت زيارتنا الأخيرة أنا وجمع من الزملاء الفضلاء إليه في منزله بحي النخيل غير مشجعة، لم نجد أستاذنا الجليل الدكتور محمد بن سعد بن حسين ذلك المرحب المهلل المتدفق حيوية ونشاطا ؛ كان أستاذنا – عافاه الله وأعاد إليه صحته – جالساً في مكتبته شبه نائم، ويمد يده إلى من يسلم عليه في كسل، أما أحاديثنا التي كانت في مجملها مداعبة ومزاحا رغبة في التسرية عنه وإشراكه معنا في الحديث لم تجد لديه صدى، كان بيننا ولم يكن معنا!
الله أكبر، وسبحان الدائم، وكيف يغدو الإنسان بعد فقده شيئا من الصحة على النقيض وكأنه ليس هو، كأن من أمامنا ليس ذلك الرجل المتحدث المنطلق المازح المتدفق توثبا ونشاطا، والمتداخل العنيد الذي لا يغضب ولا يتوانى عن الرد والهد والكر والفر في النقاش!
الله المستعان، أين ابن حسين الكاتب الذي يملي مقالاته وبحوثه ويقرأ رسائل طلابه ويحاضر في قاعاته ويناقش رسائل الماجستير والدكتوراه، ويعد برامجه، ويتحدث إلى الإذاعة والتلفزيون وإلى الصوالين الأدبية، ويكتب الشعر والنثر، ويؤلف الكتب، في ترتيب عجيب للوقت واستثمار غريب لدقائقه وساعاته ؟
كان يبدأ نشاطه فجرا ويختمه متواصلا العاشرة ليلا، في كل جزء من صباح أو ظهيرة أو مساء التزام محدد؛ عما استقبال لأحد طلابه ممن يشرف عليهم ليقرأ عليه، ويبدأ عادة بعد صلاة الفجر إلى الثامنة، ثم يستعد للذهاب إلى الكلية، وبعد أن يعود ظهيرة يفرغ للعائلة، وبعد العصر يستقبل باحثين أو يكتب وبعد المغرب يستقبل زواراًَ أو يزور أو يتحدث في صالون، وبعد العشاء المبكر يفرغ لمكتبته ليعد برامجه أو يواصل بحوثه.
كنت جالساً أمامه متكئا على أريكة وثيرة وسط صخب أحاديث الزملاء أعضاء قسم الأدب التي كانت كأنها تريد طرد هاجس اليأس عن المكان، أو كأنها لا ترغب أن تصدق ما يرونه فيستعيدون جلسات الضحى في استراحة الدكاترة بالكلية حين يتوافدون واحدا إثر الآخر في فترة الفراغ من المحاضرات، وتنقلب الاستراحة من وقار الدرس الجامعي الرصين إلى ما يشبه جلسة أخوية عفوية بعيدة عن التكلف ؛ ويأخذ ابن حسين مقعده المعروف في زاوية الجلسة فيمشي إليها متسللا بين المقاعد إلى أن يكون في صدر المكان ثم يطلب من سائقه إفطاره المعهود، وتدور الفكاهة والجد في حلقتين متجاورتين، هذا يجد وذاك يهزل، وتتنادى من الذاكرات المتينة الشواهد والقصص والأمثال، فيها ماهو ساخر من اليتيمة والأغاني والمسامرات والعقد ورسائل الجاحظ، وفيها ماهو جاد كل الجد من آراء العلماء والنقاد من القدماء والمحدثين.
ويواصل العوين ذكرياته عن ابن حسين قائلاً: طافت بي ذاكرتي وأنا أتأمله مستعيدا أول لقاء لي به قبل ستة وثلاثين عاماً، أي في سنة 1397ه حين فاجأنا على غير علم به ولا معرفة سابقة رجل كفيف البصر يناهز الكهولة، أنيق مرتب الهندام، بلحية سوداء خفيفة مهذبة، وشارب معتدل الطول والكثافة، ربعة معتدل القامة بين القصير والطويل، يرتدي مشلحا ذا لون عودي على شماغ أحمر وجزمة بنية ويلبس نظارة قاتمة اللون حالكة السواد، كان هذا الدكتور الجديد الذي قدم لتوه كما تحدث إلينا بعد البسملة والتحية متخرجاً في كلية اللغة العربية بالأزهر، وسيتحدث إلينا نحن طلاب السنة الثالثة عن بدايات عصر النهضة الأدبية في الوطن العربي والعوامل المؤثرة التي ساعدت على انتقال الأدب من حالة التقليد والركود في العصرين المملوكي والعثماني إلى انطلاقات التجديد شعراً بدأه محمود سامي البارودي ومن جاء بعده من الشعراء على اختلاف حظوظهم في التجديد إلى عصر شوقي الذي انطلق بالقصيدة في آفاق أرحب ممهدا كأنه يضع الركيزة لانطلاقة الشعر العربي في آفاق جديدة متعددة الأطياف، ونثرا بدأه محمد المويلحي بحديث عيسى بن هشام ومن جاء جايله كالشدياق وجورجي زيدان وقاسم أمين والمنفلوطي وغيرهم.
د. محمد بن سعد بن حسين
تحدث الأستاذ حديثاً طلياً شهياً، وأسند إلى كل فترة مؤثرات النهوض فيها، ونقد حملة نابليون وأبان عن أهدافها، واشتد باللائمة على الانجليز وما أرادوه من تغريب للشخصية العربية بعون مع قصر سلالة محمد علي باشا، كما حدث من تغيير كبير لمفهومات كثيرة للأسرة التركية في أواخر الخلافة العثمانية، وأشار إلى عوامل الانحلال في تلك الخلافة وغضب كثيرين من الشرقيين على إجحاف الأتراك في حق العرب مما هيأ إلى قيام ثورات عدة، ونشأة فكر قومي ناقد وساخط يدعو إلى التمرد على الخلافة كان من أبرز دعاته عبدالرحمن الكواكبي في كتابه المشهور «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» ثم كيف تصعد هذا التحشيد لانفصال الوطن العربي عن الخلافة بقيام الثورة العربية الكبرى على يد الحسين بن علي عام 1916م بالتنسيق مع اللورد مكماهون، وتقسيم بلدان العرب بعد سقوط الخلافة وفقا لاتفاقية سايكس بيكو.
كانت هذه الأحاديث التاريخية الأدبية تخلب ألبابنا نحن الناشئة، وتضعنا في نهايات القرن التاسع عشر ومطالع العشرين فنرى التحولات الخطيرة التي طرأت على العالم باكتشاف الطباعة ثم إصدار الصحف، بدايات المسرح العربي، ونشأة الرواية وطلائع حركة التجديد والتنوير الفكري، وإرسال البعثات إلى أوروبا، وعودة كثيرين منهم بفكر آخر جديد كعلي مبارك مثلاً، وهكذا يأخذنا هذا الدرس الشيق إلى فضاء رحب من الإحالات والمراجع للاستزادة يمليها علينا الأستاذ من ذاكرة لا تكل ولا تنسى.
وبدأت الصلة بأستاذي تتصاعد وتنمو؛ ومن حسن الحظ أن اختارتني الإذاعة لأقدم برنامجه «من المكتبة السعودية» الذي بدأت أولى حلقاته في 1/9/1399ه وكانت الأولى عن كتاب «عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان» لإبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن، وعمر طويل إلى أن نيف على ألف حلقة في عام 1424ه حيث سجلت معه بعد تلك السنين حلقة احتفالية خاصة مدتها نصف ساعة عن أسلوبه في إعداد البرنامج.
ويشاء الله أن يكون مشرفاً عليّ في كل مراحلي الدراسية؛ حيث أشرف علي عام 1400ه في بحث التخرج عن الشعر السعودي، وفي الماجستير عام 1410ه عن المقالة في الأدب السعودي الحديث، وفي الدكتوراه عام 1420ه عن صورة المرأة في القصة السعودية.
لن أنس لابن حسين حرصه على طلابه، وحثه لهم على سرعة الإنجاز، وفضله لا يمكن أن يغفل عنه منصف على الأدب السعودي، فهو صاحب الفضل في تخصيص هذا الأدب بفصل دراسي كامل في المستوى الثامن، وهو أيضا المفكر المقترح لكثير من موضوعات الدرس للباحثين في هذا الأدب، وهو على ذلك يعنى كل العناية بمن يدرس أو يريد أن يبحث في أي جانب من جوانب أدبنا، وحجته أن الأدب العربي في أقطاره قد خدمه ويخدمه ابناؤه وأدبنا لازال بكراً مغيباً عن الحضور والدرس، وهو أدب غني بالقضايا وبالنصوص ومن حق أبنائه عليه إيلاؤه ما يستحقه من الاهتمام.
ويذهب الدكتور العوين إلى نشاطه الإذاعي ويقول: وأزعم أن ابن حسين هو الباحث الأول في الأدب السعودي، ولا يعني هذا التقليل من قيمة جهود أساتذة آخرين فضلاء؛ مثل إبراهيم الفوزان أو عبدالله الحامد أو محمد الشامخ وغيرهم؛ بل لهم جهود كبيرة مقدرة؛ لكن ابن حسين بدأبه الطويل على تقصي المكتبة السعودية خلال ربع قرن عبر برنامجه يكاد يكون شمل كل الإصدارات السعودية على اختلاف مناحيها، وهو جهد غير قليل، صدر منه «كتب وآراء» وبقي حسب علمي ما يغطي عشرة مجلدات لو طبعت، وهو أيضاً أشرف على مئات الرسائل وصحح معلوماتها وأرشد باحثيها وهو أيضاً تتلمذ على يديه مئات الدارسين، وحاضر وانتدى وتحدث لوسائل الإعلام ونشر المقالات في الصحف والمجلات، وبالنظر في هذا العمر العلمي الطويل الذي يقارب سبعين عاماً لم يمل فيه ولم يكل ولم يتأخر عن كليته إلا بعد أن أقعده المرض أرى أنه لم ينل حظه من التكريم، ولم يمنح جائزة يستحقها، وقد منح تلامذته ونسي هو، وجدير به وبأمثاله من الباحثين الكبار جائزة الدولة التقديرية في الأدب التي آمل أن تعود من جديد مع ما يشبهها من جوائز كجائزة المهرجان الوطني للتراث والثقافة.
نحن لا نسعى إلى التكريم إلا بعد فوات الأوان، وكأننا نكفر عن شيء من العقوق في أثناء الحياة، وهذه عادة أتمنى أن نقلع عنها، وأن نرى ونشعر بالمميزين فينا وهم أحياء لا أن نحتفل بجثثهم!.
من جانب آخر يكشف الدكتور عبدالله الحيدري تعلقه بأستاذه ابن حسين الذي ألح عليه أن ينتقل من عمله بالإذاعة إلى كلية اللغة العربية لقدرته على العطاء وفي هذا الصدر يقول: والدكتور ابن حسين واحد ممن أنفقوا سنوات طويلة في التعليم ما قبل الجامعي، وفي التعليم الجامعي، وفي الدراسات العليا، وتخرج على يديه واستفاد من آرائه وعلمه ووقاره عشرات من الطلاب والطالبات، فضلاً عن العديد من الباحثين والباحثات الذين أشرف عليهم، أو ناقش رسائلهم، أو أسهم في التخطيط لرسائلهم.
ولقد كنت من المحظوظين الذين نهلوا من علم الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين، ولازموه، وعملوا معه، وتعود صلتي ومعرفتي الأولى به إلى عام 1403ه تقريباً عندما زرته في كلية اللغة العربية بمقرها القديم (شارع الملك فيصل/الوزير)، وكان رئيساً لقسم الأدب وكنت وقتها طالباً في المرحلة الجامعية بكلية الآداب - جامعة الملك سعود، وجئت إليه راغباً الانتقال من كليتي إلى كلية اللغة العربية، غير أن الأمر لم يتم؛ لأنني صرفت النظر عن النقل بعد ذلك. ثم توطدت العلاقة بأستاذنا عندما كنت أعمل مشرفاً على الصفحات الثقافية بجريدة المسائية ومذيعاً بإذاعة الرياض في الوقت نفسه، فأجريت معه حواراً عام 1410ه، ولقاءات إذاعية في برنامج « كتاب وقارئ»، وفي برامج أخرى كثيرة آخرها برنامج « أسئلة في اللغة والأدب» عام 1423ه.
وعندما التحقت بالدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1411ه تقريباً درست على يديه مقرر «الأدب الإسلامي»، ثم أصبحت أتردد على بيته كثيراً لاستشارته في أطروحتي للماجستير «السيرة الذاتية في الأدب السعودي»، وأشهد أنني استفدت كثيراً من آرائه وأفكاره في التخطيط للموضوع.
وعندما تحدد موعد مناقشتي في الدكتوراه عام 1423ه كان أحد المناقشين بوصفه من أبرز المتخصصين في الأدب السعودي، وتزودت أثناء المناقشة بالعديد من الملحوظات القيمة التي تأتي منه في سياق تربوي أبوي لا أثر فيه لمسافة بين أستاذ وباحث كبير، وباحث صغير!
وعقب الحصول على الدكتوراه ألح عليّ أن أنتقل من عملي في وزارة الإعلام إلى قسم الأدب بكلية اللغة العربية، وهكذا كان عندما صدر القرار عام 1426ه فصرت قريباً منه ألقاه كل يوم تقريباً في الكلية، وأشترك معه في اللجان وفي حضور جلسة القسم العلمية.
وهذا القرب من أستاذنا شجعني على أن أعمل شيئاً له مقابل أفضاله الكثيرة الجمة، فيسر الله تأليف كتاب عنه في عام 1428ه، وعنوانه « محمد بن سعد بن حسين: ببيلوجرافيا».
وبعد مشوار طويل حافل بالمنجزات التأليفية، وبالتوجيه والتعليم، وخدمة الأدب في المملكة آثر أستاذنا هذا العام 1433ه أن يبقى في بيته وينقطع عن كليته التي درّس فيها أربعين عاماً متواصلة (1393-1433ه)؛ بسبب وهن صحته وتراجع حالته الصحية شفاه الله وعافاه.
ويختتم الحيدري حديثه بهذا السؤال: ماذا يمكن أن نصنع لأستاذنا الكبير الدكتور محمد بن سعد بن حسين؟ إن الواجب على المؤسسات العلمية والثقافية أن تكرمه وأن تعقد عن جهوده حلقات نقاش تلقي الضوء على أعماله وتذكّر الشباب والأجيال الجديدة بأعماله؛ وأهيب بزملائي في كرسي الأدب السعودي التابع لجامعة الملك سعود، وبأستاذ الكرسي الزميل الدكتور صالح بن معيض الغامدي عميد كلية الآداب أن يفكر في عمل شيء يليق بالرجل، كإعادة طباعة كتابه الرائد « الأدب الحديث في نجد» الصادر في عام 1391ه/1971م، أو إقامة ندوة تكريمية له.
وأما جامعته وكليته وقسمه فمنسوبوها من تلاميذه البارين، ولا يحتاجون إلى التذكير بمسؤولياتهم؛ ولعلهم الآن يخططون لعمل يتناسب وخدمته الطويلة لجامعة الإمام مدرساً في المعهد العلمي بالرياض، وأستاذاً بكلية اللغة العربية مدة نيّفت على الأربعين عاماً.
وتختتم الدكتورة عائشة الحكمي هذه الشهادات لابن حسين حيث تذكر طمأنته لها بأبوية حانية أثناء مناقشتها رسالة الماجستير، وتذكر المؤسسات بتكريمه وقالت: تكريم أعلام الثقافة بين فترة وأخرى أو في حالات الابتلاء والمحن واجب على المهتمين بهذه الفئة المميزة والدكتور سعد قامة علمية عالية أسهم في تخريج الكثير من أبناء وبنات بلادنا من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وأنا واحدة منهم، وآخرين لم يشاركوا في هذا التحقيق - حظيت به عضواً مناقشاً لبحثي الماجستير، أذكر حين وصل الفندق بجدة سألت عنه لأتلمس منه بعض الطمأنينة فكان رده كذلك حين قال ثقي أنه طالما وافق اعضاء المناقشة على تحديد موعد المناقشة فالباحث والبحث في أمان فسرت طمأنينته الأبوية في ذاتي واشتراكه في مناقشتي كان مكسباً كبيراً لبحثي.. لذلك كلماتي هذه عربون وفاء أقدمها له في حياته وأتمنى من الله ان يمنحه الصحة والعافية حقه علينا - طلاب العلم - أن نتذكره بالدعاء له في كل حين.
اسهامات الدكتور ابن حسين يشهد لها التعليم والثقافة والاعلام والمطابع والمنابر الفكرية وقد سخر فكره وقلمه لخدمة بلاده. والشواهد على ذلك عديدة ، اذكر مرة حضرت إحدى مناقشاته فإذا به ينفعل ويتأخذ الحماس في الرد على الباحثة بسبب لفظة (بداوة) وردت في بحثها تصف المجتمع السعودي قبل النهضة فثار وحاول شرح تداعيات المفردة للباحثة بكثير من الرفض لوسم مجتمعنا بهذه السمة.
فلمست في صوته صوت الأرض والوطن يسكن أعماق روحه، كيف لا وهو أول أستاذ ينادي بتدريس ( الأدب السعودي ) في الجامعات السعودية قبل ثلاثين عاماً وهو أول من درس المقرر لثقته أن النتاج الأدبي السعودي مثله مثل الأدب العربي في كل الأقطار العربية منبع هذه الثقة - كما أرى - رؤيته كانت ثاقبة لمستقبل الأدب المحلي الجدير بالمنافسة والتفوق والدليل على ذلك الأعداد الكبيرة لرسائل الدراسات العليا كلها حول الأدب السعودي الذي راهن عليه في بداية تطوره وهاهم الأدباء السعوديون يحصدون الجوائز العربية وشبه العالمية مثل البوكر ومازالوا في أول الطريق.. هذا التقدير المبكر من الدكتور سعد للأدب السعودي دلالة.. د. سعد لا يحتاج التذكير به في ملاحق أدبية وتنتهي.
وعما يحتاجه ابن حسين في نظر الحكمي فهو: يحتاج ويستحق التكريم عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع بإعداد برامج تبرز تسخير عمره في خدمة ثقافة بلادنا وأن تسمى إحدى مكتبات الجامعات باسمه وأن تكتب سيرته من خلال تلاميذه المقربين للوقوف على مرحلة الكفاح عند المثقفين إذ يمثل أحد المثقفين العصاميين وهم كثر، أما هو فقد تحدى صعوبات الحياة والإعاقة البصرية ونجح بكل المقاييس في أداء دوره في الحياة الثقافية ولا شك ان تجربته تحتاج من يكتب عنها ويطرحها أمام الأجيال وفي ذات الوقت قد تدخل هذه الجهود البهجة على حياته وأسرته التي بالتأكيد حرمت من وقته في سبيل مشاغله الثقافية وحين ترى هذا الاحتفاء به ملموساً تزداد بشرى بالطريق والمكانة التي اختارها لنفسه ولهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.