عزيزي رئيس التحرير بين رؤساء ومديري المصالح الحكومية والاهلية تفاوت كبير في الطباع والحرص على تحقيق منهج العدالة مع موظفيهم.. فهناك من يتعاملون مع مرؤوسيهم بأعلى درجات حسن التعامل والتعاون والاحترام المتبادل.. يتخذون القرآن الكريم والسنة الشريفة منهجهم وجل القائل : (وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) آية 2 المائدة.. يتفاهمون من خلال خصال حميدة ومبادئ عالية سديدة.. يعرفون الله حق معرفته فيخافون الله في كل ما تولوا من أعمال.. يكون الرئيس والمرؤوس في ظل العدالة الاسلامية فلا يظلم بعضهم بعضا، ولا يطلب الرئيس من المرؤوس شيئا في غير مقدرته.. يتناصحون فيما بينهم وكل منهم يحب لاخيه كما يحب لنفسه.. ينكرون المنكر فيغيرونه بما يستطيعون.. يتنافس الجميع في قضاء حوائج الناس طلبا في الاجر من الله كما جاء في الحديث : عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة اقبل على جلسائه فقال : اشفعوا تؤجروا. هكذا دأب الرؤساء والمرؤوسون الصالحون.. يبتعدون عن التملق والرياء والنفاق والغيبة والنميمة والكذب.. يحترمون الانسان كانسان فلا يحتقرونه، كما جاء في السنة عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم. فما أحسن التعامل بالآداب الاسلامية، وما أعظم التفاهم بأحسن الاخلاق، وكم من حسنات كثيرة ترجح ميزان المؤمن كما جاء في الحديث : عن أبي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء). وبعكس هذه الفئة الطيبة من المديرين والمرؤوسين توجد فئة من المديرين والرؤساء يتعاملون مع مرؤوسيهم بالتعالي والغطرسة.. بالكبرياء ونفخ الصدر.. يحاول الواحد منهم ان يظهر امام مرؤوسيه وكأنه طاووس نفش ريشه.. لاتهمه العدالة بين الجميع، ولا يتورع عن ظلم موظف على حساب آخر.. لا يخجل من ايقاع الظلم والقسوة على الذين لا يؤيدونه في اسلوب ادارته.. ضعيف في أدائه, ولا يحب ان يطلع احد على ذلك.. يتخذ أسلوبا مرعبا في ادارته بالقوة والهيمنة والتسلط فيقول : (أبدأ بهم قبل ان يزحزحوني عن كرسي الادارة) فيحيط نفسه بهالة من الشخصيات العاملة في سكرتاريته فيدربهم على ما يريد كي يوقعوا على ما يأمرهم به، وطاقم السكرتارية يصد عنه بعض المراجعين فيصرفهم كما يشتهي، وصاحب الحظ السعيد الذي يتمكن من الدخول عليه، وهو لا يعرف سياسة الباب المفتوح بل يكرهها، حضوره وغيابه كما يحلو له، واذا جاء في بعض الايام مبكرا يحاول تفقد المكاتب فيعنف موظفا، ويعلو بصوته على آخر حتى يشعر من حوله بأن المدير يمر في جولة على المكاتب، ويبدي استياءه من قلة انتاج بعض الموظفين، ويصب جام غضبه على آخرين بينما هو لم يعرف حجم اعمالهم.. يتخذ أسلوبا سيئا في التفاهم، واذا كره موظفا استعان بشلة تخضع لأوامره.. شلة تزين له القبيح من الأفعال، وتقلب الحسن الى سيىء من أجل ان يضر بمن يكره. ان امثال هؤلاء الرؤساء والمديرين والمرؤوسين يعكسون موازين العدل والحياء الى ظلم فاضح، ولا يتورع المدير من أن يطلب من الذين يقفون بجانبه من ضعاف النفوس فيملي عليهم رغباته في اعداد أي تقرير عن موضوع ما أو تقويم لبعض مرؤوسيه، ومع الأسف الشديد انه يقول لمن يطلب منهم اعداد التقرير او التقويم : اكتب عن الموظف الفلاني بأنه ضعيف ولا يعمل جيدا، ان هذه النوعية من ضعاف النفوس الذين يبصمون بالعشرة على كل شيء يريده الرئيس او المدير، تسعى الى الفساد الاداري ولا تعرف لماذا يطاع المخلوق في معصية الخالق؟! وفي بعض الاحيان يكون هذا الموظف الذي استغله المدير لمصالحه الشخصية اعلى مستوى في علمه من رئيسه، ولكن الطاعة العمياء لرئيسه جعلته ينقاد له ولم يستفد من شهاداته التي زين بها غرف منزله، ويغفل عن دعوات الناس الذين ظلمهم من اجل رئيسه، فأين هذا المرؤوس من قول الزور وشهادة الزور، وكتابة التقارير الظالمه؟! وهو يعرف مسبقا ان عمل فلان ما كان عكس ما قال عنه فيما اعد من تقويم او تقرير، ولذا أين كل ظالم من الحديث القائل : عن ابي بكرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا انبئكم بأكبر الكبائر؟) قلنا : بلى يا رسول الله قال : (الاشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال : الا وقول الزور وشهادة الزور) فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت) متفق عليه أليس جلوس الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن كان متكئا دليلا على اهمية الابتعاد عن قول الزور وشهادة الزور؟! فأين الحياء من الله ثم اين الحياء من العباد الذين اشترك المدير او الرئيس والمرؤوس في ظلمهم، وكيف يتحلل ويستبيح ممن ارتحلوا الى الدار الاخرة ، وكيف يواجههم امام الملأ الواقف عند الله (يوم يقوم الناس لرب العالمين) آية 6 المطففين؟! ولشناعة قول الزور وشهادة الزور تم اقترانهما بالكبائر مثل الشرك بالله وعقوق الوالدين. اللهم نسألك لطفك وكرمك وعفوك انك سميع مجيب. عبداللطيف سعد العقيل