مع ارتفاع نذر الحرب وتصاعد وتيرة التهديدات، بدأت أسعار النفط تعيش حالة الهستيريا والانفلات الخارج عن السيطرة ، في الوقت الذي تبدي فيه منظمة الدول المصدرة للنفط التزاماتها لضمان الإمدادات النفطية للسوق العالمي ، وبذل الجهد للسيطرة على أوضاع السوق وتوازنها . فما هي الاستراتيجية التي تتبناها المنظمة للقيام بهذا الدور في ظل استعداد الدول المستهلكة وعلى رأسها أمريكا لاستخدام مخزونها الاحتياطي لتعويض أي نقص بالامدادات ؟ للوقوف على استراتيجية المنظمة نستعرض تصريح نائب الامين العام ومدير دائرة البحوث في الامانة العامة لمنظمة أوبك الدكتور عدنان شهاب الدين الذي أكد ان لدى أوبك قدرة انتاجية اضافية تزيد على مليوني برميل في اليوم في حالة نشوب نزاع مسلح و تعليق الصادرات النفطية لبعض الدول الاعضاء . وأضاف ان الدول الاعضاء ابدت التزامها بسد أي نقص في الإمدادات النفطية و بحدود قدراتها الانتاجية الاضافية. واوضح شهاب الدين ان بعض هذه الدول في وضع يسمح لها بتزويد السوق بمزيد من النفط و بشكل سريع قد يتراوح بين اسبوع و ثلاثة اسابيع اعتمادا على الظروف الجغرافية ومكان الطلب . وذكر ان دول اوبك تمكنت عام 1990 من تغطية النقص في امدادات العراق و الكويت والتي زادت على خمسة ملايين برميل في اليوم مضيفا ان ارتفاع صادرات فنزويلا من اقل من مليون برميل في اليوم الشهر الماضي الى اكثر من مليون ونصف المليون خلال شهر فبراير الجاري من شانه ان يزيد قدرة أوبك على مواجهة الطوارئ. وقال شهاب الدين ان القفزة الحالية في اسعار النفط لاعلاقة لها بنقص الامدادات . مشيرا الى وجود انخفاض في المخزون النفطي التجاري الامريكي بسبب نقص صادرات فنزويلا اضافة الى برودة الطقس في امريكا الشمالية والمخاوف النفسية من احتمالات اندلاع حرب في الشرق الاوسط. وردا على سؤال حول امكانية خروج العراق من منظمة أوبك قال لا اعتقد حدوث ذلك فالامر لا يتعدى اقاويل ترددها الصحافة مضيفا ان دور أوبك مهم ليس فقط لأوبك بل لباقي المنتجين و المستهلكين و الاقتصاد العالمي للمحافظة على توازن واستقرار السوق ضمن نطاق سعري مقبول للجميع لذلك لا بد من وجود تجمع للدول المنتجة لضمان ضبط هذا التوازن. ومن جانبه اكد وزير الاعلام ووزير النفط الكويتي بالوكالة الشيخ احمد الفهد الصباح ان دولة الكويت مستمرة فى ضخ النفط بموجب حصصنا فى اوبك من مطلق حرصنا على الاقتصاد العالمي الذى يشهد نموا بطيئا بعد احداث 11 سبتمبر مما ترتب عليه بطالة كبيرة فى سوق العمل العالمي وكساد اقتصادي. واوضح ان استخدام النفط كسلاح ستعقبه عواقب وخيمة على المستوردين والمنتجين من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية مضيفا ان ذلك قد يزيد الامر سوءا اكثر مما هو حاليا ويعيق كل الجهود الصادقة لحل الازمة العراقية بالطرق الدبلوماسية والسلمية. وشكك الشيخ احمد الفهد فى صدور اى قرار من منظمة المؤتمر الاسلامي يدعو لاستخدام النفط كسلاح . وفيما يتعلق بالموقف الامريكي فقد أعلن سبنسر ابراهام وزير الطاقة الاميركي ان بلاده مستعدة للتحرك بسرعة لاستخدام الاحتياطي الاستراتيجي النفطي اذا اقتضت الضرورة لمواجهة اي تعطل في امدادات النفط من الشرق الاوسط في حالة نشوب حرب في العراق. وقال ابراهام أمام جلسة لأعضاء لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ سنتحرك بسرعة وهذا امر في نطاق قدراتنا لاستخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لتدعيم مساعي المنتجين للتعويض عن اي نقص حاد اذا دعت الضرورة. وأضاف ابراهام لن نتخذ مثل هذا القرار للسحب من الاحتياطيات النفطية الا بالتشاور مع شركائنا في وكالة الطاقة الدولية. و قال كلود مانديل المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية ان احتياطيات النفط الاستراتيجية الموجودة لدى الدول الاعضاء فيها لن تستخدم الا كملاذ اخير اذا اندلعت حرب في العراق. وقال مانديل في مؤتمر في المعهد الملكي للدراسات الدولية في لندن اعتقد ان المنتجين يجب ان يتحركوا اولا. والاعتماد على الاحتياطيات الاستراتيجية يجب ان يكون ملاذا اخيرا. ويقول منتجو اوبك ان لديهم ما يكفي من الطاقة الفائضة لمواجهة اي توقف لصادرات النفط العراقية في حالة نشوب حرب. وقال مانديل بلدان وكالة الطاقة الدولية على استعداد للتحرك بسرعة كبيرة لمواجهة اى اضطراب في امدادات المعروض. وأطمئنكم بأن لدينا الاحتياطيات والآليات للسحب منها على الفور اذا وجدت حاجة. واضاف قوله ان اي قرار تتخذه وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس ستعقده عدة عوامل. فالدول المستهلكة قلقة بسبب انخفاض المخزونات وشتاء اشد برودة من المعتاد وهبوط الانتاج الفنزويلي وأعمال الصيانة الموسمية للمصافي. ومن جانبه اعلن وزير الخزانة الامريكي جون سنو في باريس اثر اجتماع مجموعة الدول السبع ان رئيس الاحتياط الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) الان غرينسبان قدم السبت في باريس تحليلا للوضع في الاسواق النفطية وتأثيره على الاقتصاد. ونقل جون سنو عن غرينسبان قوله ان الوضع السياسي في فنزويلا الذي يدخل، ولا شك في الاطار الجيو-سياسي، ادى الى ارتفاع اسعار النفط، ولهذا الارتفاع نتائج مباشرة على الاقتصاد. انه كالرسوم. واضاف ان رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي يعتبر ان اقتصاديات الدول الصناعية تملك الوسائل للتكيف مع ارتفاع جديد في اسعار النفط. واعتبر ان هذه الاقتصاديات خففت من تبعيتها للنفط ولديها امكانية للتصحيح. اذ يمكن للمصافي على سبيل المثال ان تؤخر برامج صيانتها بهدف زيادة العرض النفطي فيما ينخفض الاستهلاك بسبب الاسعار المرتفعة.