طالب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية مجلس الأمن الدولي بالبحث في موضوع الأزمة العراقية من جميع جوانبه حتى في حالة صدور قرار من مجلس الأمن يقضى بالحرب لا قدر الله وضرورة إعطاء الدول العربية فرصة زمنية أخيرة للوساطة والتدخل لمحاولة منع وقوعها. وأشار سموه إلى ان المملكة العربية السعودية قدمت مسعى وليست مبادرة لوضع الأممالمتحدة ومجلس الأمن أمام مسؤولياتهما الكاملة وتجنيب العمل الانفرادي. وقال سموه نحن في نظرنا ان الأممالمتحدة هي المعنية بالموضوع وهذا يتجنب العمل الانفرادي لان عملا له أهمية مثل عمل عسكري ضد دولة عضو في الأممالمتحدة أمر ليس بالسهل أو يجب ألا يكون بالسهولة ان يبحث مجلس الأمن فقط هل يشن حرب أو لا يشن وبالتالي المفروض على مجلس الأمن ان يعالج القضية برمتها. فمن هذه الزاوية قدمنا مقترح لان مجلس الأمن مختلف على هذا الموضوع ولكن الجميع يجمع على محاولة تجنب العمل الانفرادي وبالتالي الطريقة الوحيدة لجلب موقف مشترك في مجلس الأمن هو ان تكون هناك أفكار تحدد ماهية العمل العسكري ان أقر. وطالب سموه في اللقاء الصحفي الدوري الذي عقده سموه أمس في مقر وزارة الخارجية بالرياض، بان يكون هدف العمل العسكري ليس معاقبة العراق أو احتلاله ولكن حفظ وحدة العراق واستقلالها وسيادتها على أراضيها وأمنها الداخلي. موضحا سموه انه إذا انفرط الأمن الداخلي فلا اعتقد ان الأممالمتحدة حتى بعدد قواتها الموجودة الآن هناك قادرة على ان تبقى الدولة و سيكون هناك انهيار للإدارة المحلية وبالتالي النتيجة ستكون وخيمة على المنطقة. وأضاف سموه مثلا، إذا ما احتلت العراق، فإن قوات الأمن العراقية لن تحتفظ بوحدتها وعملها في العراق.. وماذا سيعنى هذا.. سيكون هناك فوضى.. ومن سيعاقب المجرمين؟.. إذا انفرطت الحزمة من سيأتي يجمعها من جديد؟.. الذي سيحصل أنه سيطلب من كل فئات موجودة في العراق ان تقدم تصوراتها لتكوين حكومة وطنية كما حصل في أفغانستان. وستأتي الفئات المختلفة وتقدم أراءها حول تكوين الحكومة الوطنية هذه الفرضيات التي نحن نرى أنها ستقع في العراق.. وإذا حصل ذلك فكل منطقة ستطلب ان يكون عندها الإدارة المحلية مستقلة لها ومتى ما أقرت الإدارة معناها انك أقرت دولة منفصلة أو مستقلة. وأكد سموه انه لم يحدث في التاريخ ان أقر مبدأ الإدارة المحلية إلا وأدى إلى الانفصال.. فإذا انتهى الأمر إلى ثلاث أو أربع دويلات في العراق ستكون هناك صراعات فيما بينها على ثروات العراق.. عندئذ لا يعرف من الصديق ومن العدو في تلك الفوضى.. مشيرا سموه إلى ما حدث في لبنان أثناء الحرب الأهلية حيث عششت كل أجهزة الإرهاب في لبنان. وبين سموه أنه إذا سارت الأمور بهذا الاتجاه فإن ذلك يعني إضعافا للعراق. ومن هذا المنطلق كنا واضحين مع الأممالمتحدة وأكدنا لها أن تأخذ في عين الاعتبار عدم وقوع هذه الكارثة لأنها ستدخل المنطقة، والتي هي برمتها مستثارة أساسا من الصراع العربي الإسرائيلي ومن السياسات التي تتبعها إسرائيل في المنطقة، في دوامة.. لهذا جاء المسعى السعودي لوضع الأممالمتحدة حول هذه العناصر وأن يكون هناك قرار ليس فقط بالترخيص لاستخدام القوه ولكن لوضعها بهدف الحفاظ على أمن العراق وان لا تكون قوة احتلال ولكن قوة مؤازرة للعراقيين للحفاظ على استقلالهم وسيادتهم ووحدة أراضيهم. وتناول صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل في بيانه الذي ألقاه في بداية اللقاء الصحفي ابرز المستجدات والأوضاع الراهنة في المنطقة والعالم وقال أنه خلال الأسبوعين المنصرمين شهدت المنطقة والعالم تحركا واسعا استهدف معالجة تطورات الأزمة العراقية في أعقاب التقريرين المقدمين لمجلس الأمن الدولي من كل من رئيس لجنة التفتيش الدولية في العراق السيد هانز بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي. وأشار سموه في هذا الصدد إلى الاجتماع الوزاري السداسي الذي عقد في اسطنبول بمشاركة المملكة وما تمخض عنه من موقف سعى إلى الدعوة لأهمية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 الذي وافق عليه المجتمع الدولي وذلك في إطار التأكيد على الحل السلمي للازمة العراقية عبر الأممالمتحدة ومنع وقوع الحرب وإفساح المجال للمفتشين الدوليين للقيام بمهامهم دون أية ضغوط. وأبان سمو وزير الخارجية أن الزيارات التي قام بها مؤخرا تأتى في إطار الجهود التي قامت وتقوم بها المملكة في التأكيد على الحل السلمي للازمة العراقية ومنها زياراته لعدد من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وبالتحديد لكل من فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية كما تم الاتصال مع حكومة روسيا الاتحادية حيث استقبلت وكيل وزارة الخارجية الروسية ويجرى الترتيب لزيارة الصين. وقال سموه لقد حملت خلال هذه الزيارات رسائل من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده إلى رؤساء هذه الدولة وتمحورت الرسائل والمباحثات الرسمية حول السبل والوسائل التي تستهدف منع وقوع الحرب وتجنيب العراق والمنطقة لآثارها المدمرة مع التأكيد على أهمية أن يكون الحل عبر الأممالمتحدة ويستهدف في محصلته النهائية تنفيذ قرارات مجلس الأمن مع الحفاظ على سيادة العراق ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية وتجنب تقسيمه تحت أي ظرف من الظروف مع أهمية إعطاء فرق التفتيش الدولية الوقت الكافي لإتمام مهمتها وضرورة تعاون السلطات العراقية معهم بشكل فعال وذلك لدعم الجهود الدولية الحالية المبذولة لتفادى أية نتائج سيئة محتملة قد تفضي إلى انهيار العراق ودخوله في فوضى، لا قدر الله. واستطرد سموه قائلا كما حرصت خلال مباحثاتي على التأكيد على أن مجلس الأمن الدولي يجب أن لا يكون جهازا يختص بمنح تراخيص الحرب بقدر ما هو جهاز معنى بالبحث عن الحلول السلمية لحفظ الأمن والسلم والاستقرار العالمي الذي لن يأتى الا بحفظ أمن واستقرار دوله ووحدة أراضيها بما في ذلك العراق ولذلك فأن المجلس مطالب بالبحث في موضوع العراق من كافة جوانبه. وزاد سمو وزير الخارجية قائلا أنه حتى في حالة صدور قرار من مجلس الأمن يقضى بالحرب، لا قدر الله، فقد طالبت خلال المباحثات مع حكومات تلك الدول بضرورة إعطاء الدول العربية فرصة زمنية أخيرة للوساطة والتدخل لمحاولة منع وقوعها.. كما سعيت لإقناعها بضرورة أحياء عملية السلام وإنهاء الجمود الراهن. وأضاف سموه وقد تلقيت عموما تفهما وترحيبا حيال الأفكار المطروحة بشكل عام كما شعرت بالارتياح لما عبره لي فخامة الرئيس الأمريكي عن استعداده لبحث كافة الخيارات السلمية وأن الحرب المحتملة لن تكون سوى الخيار الأخير. وفى معرض رده على سؤال عن ان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول قال ان لديه دليلا على ان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل.. وهل اطلع على هذا الدليل قال سمو الأمير سعود الفيصل لم نر هذا الدليل.. أما بالنسبة لتغيير رأينا حيال ضرب العراق فان مثل هذه المعلومات ان كانت تستهدف تطبيق قرارات الأممالمتحدة فان موقفنا هو تطبيق قرارات الأممالمتحدة.. وما يهمنا هو ان مجلس الأمن هو الطرف المهتم بتحديد السياسات حيال العراق وهذه السياسات ليست مقتصرة على شن حرب على العراق أو عدمه بل النظر في القضية العراقية ككل.. فهو معنى بتنفيذ ميثاق الأممالمتحدة وحماية الدول و تحقيق وحدة أراضى الدول والنظام المدني. وبهذا السياق فان مجلس الأمن أثناء تقييمه للوضع في العراق ينبغي إعطاء نظرة عادلة لوحدة الأراضي العراقية كما هو منصوص عليه ضمن ميثاق الأممالمتحدة. ونفى سموه أن تكون الزيارة التي ينوي القيام بها إلى العاصمة الروسية موسكو قد ألغيت.. مؤكداً أن الزيارة لا تزال مقررة. وقال سموه أن تأجيل الزيارة نظراً لانشغال الرئيس الروسي وكذلك معالي وزير الخارجية بزيارة رئيس وزراء إيطاليا فاتفقنا مع وكيل الوزارة وأطلعناهم على منظورنا قبل اجتماعات مجلس الأمن حتى يكونوا في الصورة. وأشار إلى أن نفس العرض قد قدم للصين. واشار إلى الوقت الراهن يصادف أعياد في الصين وهنا في المملكة.. ولكن الزيارة قائمة أيضا للصين. وعن توقع سموه لاندلاع حرب ضد العراق قال سموه أعتقد انه إذا حصل تعامل كامل الوضوح من جانب العراق مع المحققين الدوليين فهذا الأمر يعد اسلم طريقة لعدم وقوع حرب. لافتا سموه النظر إلى أن قرار التعاون مع المفتشين لا يمكن أن يتخذ إلا في العراق. وقال سموه أن المملكة، في حالة اندلاع حرب كأسوأ الافتراضات، مشغولة في كيفية حماية العراق ودول المنطقة من آثار الحرب. وتعليقاً على نفي صدام حسين وجود أسلحة دمار شامل في بلاده، وكذلك نفي الرئيس العراقي لأي علاقات مع تنظيم القاعدة قال سموه ان هذا ما ينفيه العراق منذ زمن. وحول ما إذا كانت المملكة تؤيد اقتراح الإدارة الأمريكية إرسال وفد عربي تركي إلى العراق لإقناع صدام حسين بالتنحي عن السلطة، وهل إذا دعيت لإرسال موفد لهذه المهمة ستوافق، قال سمو وزير الخارجية نحن اقترحنا إذا صدر قرار مجلس الأمن أن تعطى مهلة للجامعة العربية والدول العربية حتى تبذل مجهوداتها الديبلوماسية لتفادي وقوع أي كارثة لا قدر الله أو أي حرب تؤثر ليس فقط على العراق ولكن على دول المنطقة، أما تشكيل المقترحات أو أسلوب تقديمها فهذه ليست مشكلة في المداولات، المهم ما هو المضمون وما هو الطلب وكيفية التجاوب. وبين سموه أن مقترحات المملكة ليست نقطة واحدة، مشيراً إلى أنها مقترحات كاملة وقد طلبنا من مجلس الأمن ان يعالج القضية برمتها، وان الحرب ما هي إلا وسيلة وانه لا يقرر (المجلس) الحرب إلا إذا استنفد الوسائل المتاحة للتفتيش وغيرها. وشدد سموه على أنه إذا أقر المجلس الحرب فلابد ان يأخذ في عين الاعتبار ان يكون هذا القرار مؤديا إلى وحدة العراق واستقلاله وسيادته على أراضيه. مؤكد سموه أن هذا شرط مهم للغاية.. وهذه مسؤولية مجلس الأمن. موضحاً سموه وليست مسئوليته (المجلس) ان يقسم الدول ويهدد استقلالها. وفى إجابة لسموه على تساؤل عن مناسبة اجتماع سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز بقيادات وضباط القوات المسلحة وعلاقتها بمدى مواجهة انعكاسات الحرب على العراق قال سمو وزير الخارجية أن كل دولة مسؤولة عن مواطنيها ومسؤولة أن تفترض أسوأ الاحتمالات وتأخذ كل الاحتمالات ولكن سموه قال أن اجتماع سمو النائب الثاني بضباط القوات المسلحة نظراً لحلول الحج. مشيراً إلى أن كل القيادات الأمنية تلتقي قبل الحج عادة، ومن الطبيعي أن تأخذ الاحتياطات المطلوبة في أوضاع مثل هذه الأوضاع التي نحن فيها وعن مدى تأثير الحرب على الأمن الداخلي أكد سمو الأمير سعود الفيصل أن الجبهة الداخلية متضامنة في الرغبة بتجنيب المنطقة الحرب مفيدا سموه أن الشعب والحكومة ليسا متفقين فقط على تجنب هذه الحرب خصوصا في هذه الفترة الملتهبة بالشرق الأوسط ولكن ساعين أيضا لأكثر من ذلك بافتراض كل الاحتمالات والتأكد من أن نتائج الحرب لا تحدث ضرراً كبيراً للشعب العراقي ولا في استقرار المنطقة. وفي رد على سؤال عما إذا كان لدى المملكة ضمانات في حال سيطرة الولاياتالمتحدة على منابع النفط في العراق قال سموه نحن نطالب بألا يكون هناك احتلال للعراق في الأساس وأن يبقى العراق موحداً ومستقلاً بإدارته. وفيما يتعلق بالاتهامات التي تصدر من العراق حول نوايا الولاياتالمتحدة قال سموه نحن نرى أن يصدر أي قرار بالحرب من مجلس الأمن وليس من دولة واحدة حتى لا يكون هناك أي شبهة في حال انفراد دولة واحدة بقرار الحرب لكي لا تكون عرضة للاتهام بأنها دولة إمبريالية. وعن رأى سموه في مدى إمكانية أن تقدم القمة العربية القادمة شيئاً جديداً يخص الأزمة العراقية قال سموه أن المشاورات مستمرة بهذا الخصوص. مشيراً إلى أن انعقاد القمة قد أقر بعد جهد جهيد. وأشار سموه الى أن موعد عقد القمة قد قدم أياماً ونحن لا نعرف مبررات لهذا.. وقال سموه لم نسمع أي مقترحات في إطار ما إذا كان تقديم موعد عقد القمة يمكن أن يخدم أي نقاط معينة. مؤكداً سموه أن القمة هي أعلى سلطة عربية وأن أي تغيير يتعين أن يكون لأسباب عملية وأشار سموه إلى مبادرة المملكة لإصلاح الوضع العربي وأكد أنه قبل إقرار هذا المبدأ فإن العلة (العربية) في المصداقية والجدية في التعامل مع المبادرة والتنفيذ، وليست العلة في تحرير جداول اجتماعات.