تعتبر الدورات التدريبية مجالا لصقل المواهب وللتعرف على بعض المبادئ والاسس التي يمكن ان تمنح الموهوب المزيد من المعارف وما يحتاجه وتختلف الدورات في مستواها بين ما هو متقدم, وما هو اولي.ففي ظل عدم وجود اكاديميات للفنون التشكيلية في المملكة, او وجود مراسم حرة ذات اختصاص ومع توالي ظهور الموهوبين وهواة الفن التشكيلي ممن يحرصون على صقل مواهبهم وتنميتها كانت الدورات التدريبية هي المجال المتاح لهم, خاصة وان الدارسين في بعض الجامعات للتربية الفنية يتلقون دروسا محدودة, وربما قصيرة في بعض اهتماماتهم كالرسم او التصوير او الجرافيك او النحت, او غيرها, ذلك ان المتاح والمجال يتجه الى التربية الفنية حيث تهيئة هؤلاء لتدريسها, وليس لتعليم الفن التشكيلي.حرصت الرئاسة العام لرعاية الشباب في المملكة على انشاء مراسم في الاندية, وفي مكاتبها بكافة المناطق لكن تنفيذ هذا النشاط لم يزل محدودا فبعض المكاتب تنظم (دورة) مرة واحدة خلال العامة الواحد, وذلك لبعض الهواة وتتم هذه الدورة التدريبية القصيرة بشكل محدود لا يتخذ الشكل الاعلامي الذي يمكن ان يجذب الراغبين او يعلمهم بها بشكل موسع ويظهر ان نتاج هذه الدورات (المراسم) يصب في المعرض العام للمراسم الذي تنظمه الرئاسة العامة لرعاية الشباب, وبدا على خلاف ما كان عليه قبل اكثر من عشرة اعوام.هذه الدورات (المراسم) تعقد بشكل غير واضح, يتم الاعلان عنها احيانا, وبدون اعلان احيانا اخرى, لكنا نجد اللجنة النسوية في مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف ومنذ اكثر من عشرة اعوام تعقد دورات تدريبية للفتيات تحت اشراف احدى المختصات هي الفنانة التشكيلية المصرية (سهير الجوهري), التي امتد اشرافها الى جهة مماثلة في سيهات بالمنطقة الشرقية. وقد درس على يد هذه الفنانة, وفي هذه الدورات (المراسم) عدد من الرسامات اللاتي اصبح لبعضهن مكانة واسلوبا بين زميلاتهن في المنطقة الشرقية. هذه الدورات (المراسم) تنفذ بمعدل يومين في الاسبوع ولمدة ثلاث ساعات في اليوم الواحد, وهذا حسب رأيي قليل جدا, فيومان لا يمنحان الدارسة استمرار الممارسة الفنية خاصة اذا لم يتهيأ لها المكان خارج مقر الدراسة, واعني في منزلها. هناك دروس نظرية تبدأ بها المشرفة دوراتها في تاريخ الفن وفي تفريعاته واتجاهاته, وغير ذلك, ونجد ان عددا من الملتحقات بدورات مبتدئة يواصلن الدراسة والالتحاق بالمرسم لثلاث دورات احيانا وربما اكثر, ولا اعرف هل ان هذه الدورات ذات مستوى واحد او ذات مستويات مختلفة, ومتصاعدة وهذا ما تبين في احد آخر المعارض التي نظمها المركز فأوضحت اللجنة النسوية عدد الدورات التي تحصلت عليها كل مشاركة في المعرض ومع ظهور مستوى مبشر وجيد لبعض المشاركات ولمعرفتي بقدرات وامكانيات الفنانة سهير الجوهري وحرصها على تخريج الدارسات بشكل يتضح فيه صقل الموهبة فلدي بعض المقترحات لعلها تضيف بعض الاوجه من الفائدة: * تمديد فترة الدراسة من يومين في الاسبوع الى اربعة ايام, وبواقع ثلاث ساعات, ويمكن ان يوضع ذلك اختياريا لمن يرغب دون زيادة في رسوم الدورة التي قد تصل الى ستمائة ريال. * ان تتكون الدراسة من دروس نظرية لا تقل اهمية عن الممارسة الفنية - التدريب - من خلال تعريف الدارسات بتاريخ الفن والمدارس والاتجاهات الفنية وحاضر الفن خاصة في المملكة العربية السعودية والوطن العربي فمعظم من درسن لا يعرفن سوى العدد المحدود ممن يعرضون بمقر المركز او يشاركون في معارضه الجماعية. * تنظيم زيارات دائمة للمعارض المحلية (الجماعية والفردية) التي تقام في المنطقة الشرقية على الاقل, ويمكن ان تمتد هذه الزيارات للمعارض الهامة التي يمكن ان تقام في مناطق او مدن سعودية اخرى. * الاستعانة ببعض المختصات بالقاء محاضرات في جوانب تشكيلية اخرى مما يزيد في ثقافة الملتحقة بالمرسم, وتكون بمثابة حلقة نقاش وحوار تعلم عن طريق اكثر من خبرة, كما يمكن اقامة مثل هذه الحوارات عن طريق الدائرة التليفزيونية المغلقة يشارك بها بعض الفنانين السعوديين. * عرض اعمال فنية عن طريق الشرائح (السلايدات) لفناني المملكة والوطن العربي, والعالم. * التأسيس لانشاء مكتبة تشكيلية متكاملة تكون مرجعا للجميع. * عمل اختبارات نظرية (قياسية) تعكس مقدار الفائدة مما تلقينه نظريا. وفي المنطقة الشرقية تحاول الفنانة التشكيلية حميدة السنان تنظيم دراسات لبعض الهاويات في مجال الفن التشكيلي وقد اوضح نتاج معرض اقيم لخمس منهن في الدمام مقدار المستوى او الفائدة المتواضعة المنعكسة على الاعمال اذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة لبعض اعمال بعض المشاركات, والمعرض اقيم ضمن مهرجان الشرقية (لك ولعائلتك), وافصح عن ان الدراسة لم تخضع الى اي منهج او برنامج يعكس فائدة مطلوبة لصقل مواهبهن.في القطيف, ومن خلال مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب اقيمت بعض الدورات التي اشرف عليها الفنان عبدالله المرزوق, وكان حينها (اخصائي الفنون التشكيلية) في المكتب, وعكست نتائج هذه الدورات مستوى التوجيه من خلال اعمال حصل بعضها على جوائز في معارض مركزية للمراسم, كما هي ايضا نتاجات دورات مماثلة اقيمت في مكتب رعاية الشباب بالدمام واشرف عليها الفنان (كمال المعلم), وكان حينها اخصائيا للفنون التشكيلية في المكتب, كما كانت مراسم اخرى في بعض المناطق بمثابة ورش عمل يشارك فيها الفنانون ويستفيد مما هو متاح فيها الملتحقون بها حيث يتم تأمين الادوات والخامات والمستلزمات كافة, وهي دراسات مجانية لم تستمر, ولم يعد لها ذلك الحضور والتأثير الذي كانت عليه, وكم تمنيت ان تتصف هذه المراسم بالاستمرارية خاصة مع غياب اي مراسم حرة او دراسات تنظمها جهات اخرى حكومية او خاصة للهواة.في المركز السعودي بجدة تقام دورات متفرقة وقد شاهدت منذ اعوام معرضا قابل معرضا آخر للواعدات في اتيليه جدة , وكانت المستويات العامة في المعرضين مختلفة وهو امر طبيعي لكن اعمالا في المعرض الذي نظمه المركز كانت على مستوى جيد, ولعل ذلك مرده مستوى الدراسة, وكذا مستوى الملتحقة (الدارسة) فيه على ان المركز اعلن منذ قيامه عن تنظيم دراسات مختلفة.وبعيدا عن مقدار الفوائد التي تجنيها بعض المؤسسات الخاصة من عوائد مالية نظير تدريس الرسم او التصوير او غيره وفق دورات شهرية او غيرها, وبعيدا عن رسوم قد تكون مرتفعة نظير شكل ومستوى الدراسة فان ما هو اهم وما يجب ان يوضع لتحقيق فائدة مرجوة هو ان يخرج الدارس او الدارسة بفائدة كبيرة تسهم في صقل موهبته او موهبتها وان لا تكون فقط شهادة حضور دورة فنية وذلك حتى يكون هدف هذه الدراسات (المراسم) متسقا مع عائد مادي قد يكون كبيرا, وان تكون بديلة لمراسم حرة او اكاديميات فنية تعلم الملتحقين بها اصول الفن. عبدالله المرزوق