يجلس ابن خلدون مع صموئيل هنتجتون صاحب صدام الحضارات على تلة فكرية تشرف على أحداث العالم. ابن خلدون: اسمح لي أيها السيد ولكن يبدو ان الفكر الإنساني قد تأخر كثيرا وبدا سطحيا محددا بشكل لا يتفق مع النمو الحضاري وتشابكات العلاقات الإنسانية وطبائع الرغبات الفردية او الجماعية. هنتجتون: بل ان الأشياء تغيرت بعدك كثيرا ياسيد ابن خلدون فلقد تصاعدت بالفعل الحركة المدنية بعدك بشكل لن تعقله, ولكن تحدرت الأفكار العقائدية ورجعت الى عهدك او الى ما بعد عهدك. يضحك ابن خلدون وهو ينظر الى السيد الآخر وكأنه يقدر سذاجته ويقول: انك تقول ان الصراع وصدام الحضارات يعتمد على الرحى الديني العنصري وقسمت الشأن الإنساني كما تقسم القارات في علم الجغرافيا وهذا خطأ لا يحتمله الواقع الطبعي الإنساني على العموم, فلا يمكن ان نعقل حدا نهائيا بين الحضارات. على صعيد الأفراد يتعايش بعض الناس من حضارات مختلفة بهناءة ووفاق أكثر حتى من أفراد حضارة واحدة. هنتجتون: بل هو صراع ديني أثني واضح كيف تفسر هجوم مجموعة من المسلمين العرب على رمز مسيحي غربي هو نيويورك.. هل تعرفها؟ ابن خلدون: هذا لا يؤكد إلا نظرتي المدركة للطبع الإنساني في البحث عن العدل حتى في القوة المسيطرة لقد كانت الامبراطورية الإسلامية تحكم العالم وقبلت بعدلها من عناصر اثنية في كل العالم.. الذين عملوا ما عملوه كان احتجاجا على ظلم سافر وليس على الدين والعنصر. هنتجتون: ولكن العالم المسيحي يشكل فارقا مهما في الصراع الحاضر و.. ابن خلدون: ألا ترى ان العالم المسيحي الغربي منقسم الآن انقساما قد لا يجبر بسبب الحرب العراقية, ولن اقول لك انه بفعل جذب حضاري للجانب الآخر ولكنه بسبب أكيد لن يتغير متى ما غاب الضمير العادل. هنتجتون: وما ذاك؟ ابن خلدون: الذي يحرك العالم هو الصراع الذي يسمى بالصراع الاقتصادي وهي تغطية مخففة للطمع والشره والسطوة وعمى القوة بعيدا عن أي التزام حضاري. بعد مدة.. هنتجتون يتصل بناشره قائلا: لقد وقع علي الإلهام, واستعد لكتاب جديد!