على الرغم من الجهود التي تبذلها المملكة في المواءمة بين النمو الاقتصادي والعمراني على مدار الثلاثين عاما الماضية الا ان الزيادة المطردة في حجم الفجوة المذكورة مازال يتطلب ضرور اعداد متطور بعيد المدى للتنمية العمرانية المتوازنة انطلاقا من ترشيد استغلال الموارد مستقبلا. وخلال العقود الثلاثة شهدت مسيرة التحضر رقيا مشهودا وتنمية كبرى صاحبتها متغيرات طرأت على توزيع التجمعات السكانية الحضرية وانماط الاستيطان الحضري والريفي كما طرات الحاجة الى استراتيجية عمرانية وطنية والتي تهدف اساسا الى تحقيق اكبر قدر ممكن من العدالة في توزيع الخدمات والمرافق والفرص الاقتصادية بين المواطنين والمناطق المختلفة وذلك في اطار جهود تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الاحتياجات الاساسية. وترتكز الاستراتيجية العمرانية على تحقيق التكامل بين اجزاء الوطن بهدف توسيع حجم السوق الداخلي واستغلال الموارد الاقتصادية في المناطق النائية وتخفيف حدة التفاوت في المستويات المعيشية للمناطق المختلفة وتحسين هيكل منظومة المدن. ان العلاقة بين التنمية السكانية وخطط التنمية الوطنية تتطلب تركيز الانشطة الاقتصادية في عدد محدود من المدن وايجاد مراكز نمو وتفعيل انشطتها على المستوى الوطني والتوسع في المجمعات القروية مع تفعيل التنسيق بين الاجهزة المركزية والاجهزة الاقليمية والمحلية. وتتلخص بدائل استراتيجية التنمية العمرانية في تحسين الطاقة الاستيعابية للمدن القائمة والانتشار العمراني على مستوى المناطق من خلال المدن الجديدة والانتشار الاقليمي عن طريق تدعيم مراكز النمو وتدعيم دور المدن الثانوية الواقعة على امتداد محاور التنمية. وتعزز معطيات الاستراتيجية العمرانية بالمملكة في ضوء المنجزات التي حققتها الخطط الخمسية المتعاقبة التوجهات المستقبلية التي يمكن اجمالها في ضرورة اختيار محاور التنمية كوسيلة لتحقيق التكامل بين اجزاء الوطن وتهيئة مراكز نمو محدده على المدى المتوسط والبعيد وتطوير قطاعات اقتصادية غير تقليدية بهدف تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وتعزيز التكامل بين المدن والمناطق الريفية المجاروة. ويشتمل الاطار التنفيذي للاستراتيجية العمرانية والوطنية على اعتماد نظام للتخطيط العمراني المتكامل وتفعيل دور التخطيط الاقليمي وتحسين النمط والنسيج العمراني للمدن واعداد برامج تنفيذية وتحديد احتياجات القطاع الخاص وتعديل اولويات التوزيع الجغرافي للانفاق العام على التجهيزات الاساسية واستخدم مواقع الانشطة الحكومية في تحقيق التنمية المتوازنة وتطوير المهارات والقدرات والخبرات المخحلية لتنفيذ سياسات التنمية العمرانية اضافة الى اهمية التنسيق بين مجالس المناطق في تحديد المشروعات التنموية ومتابعة تنفيذها ان وجود رؤية مستقبلية للاستراتيجية العمرانية اصبح امرا هاما مع بروز ابعادها الاقتصادية التي تنطلق من عدة اعتبارات تتمثل في التركيز على التوسع في الاستثمار في الانشطة الاقتصادية التي تتناسب مع الوظائف الحالية والمستقبلية للمدن الكبرى واستغلال الاراضي البيضاء وايجاد فرص عمل جديدة وتوطين الصناعات الجديدة بالمدن الصناعية وتنويع القاعدة الاقتصادية بالمناطق المختلفة للمملكة وضرورة انشاء مدن صناعية جديدة بالمدن الصغيرة ومتوسطة الحجم والتوجيه نحو اللامركزية في تقديم الخدمات المتخصصة والتوسع في مراكز النمو على الاصعدة الوطنية والاقليمية والمحلية وتعديل منهجية اعداد الخطط الخمسية للتركيز على المشروعات التنموية وتوفير متطلباتها ومنح السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات وتفعيل دور المدن في تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال تطبيق مفهوم الادارة الحضرية. وكيل وزارة الشؤون البلدية والقرويةالمساعد لتخطيط المدن