قوات التحالف لم تستعد لها وليست لديها المعرفة أو القوة البشرية الكافية لمعالجة أمرها التقارير عن وجود اربعة آلاف متطوع انتحاري في العراق فيها من الخيال أكثر مما فيها من تهديد استراتيجي، ولكنها باتت تثير الخوف من سيناريو على نمط افغانستان. فحسب تقدير محافل عسكرية تركية واردنية، فان من شأن العراق ان يصبح بؤرة امتصاص لكل منظمة وبقية منظمة لم تجد لنفسها ميدان عمل عسكريا بعد افغانستان ، كما يقول مسؤول كبير في الاردن. وليس مستبعدا ان يصبح العراق الهدف القادم لعمل منظمة القاعدة. فيوجد الآن جملة خطرة من الفتاوى المتطرفة التي تدعو الى الجهاد، ودولة كل مواطن فيها يحمل السلاح، وانعدام قدرة على التمييز بين المواطن البريء وبين المنتمي لمنظمة ما، وأهداف امريكية بالوفرة . في الحدود الطويلة وذات الثغرات الكثيرة للعراق يتاح الدخول من كل حدب وصوب تقريبا سورية، ايران، الاردن وتركيا حيث ان هناك في كل قرية أو بلدة مخزونا كافيا من السلاح ومواد التفجير يمكن لهؤلاء المتطوعين ان يتزودوا بها. والنتيجة باتت واضحة على الارض، فعندما يجد جنود قوات التحالف صعوبة في تحديد أنظمة حركة المواطنين، فان الحواجز على الطرق تصبح بؤرة اهتياج مثلما وقع يوم الاحد قرب مدينة البصرة، وتوزيع الغذاء يصبح عملية عسكرية خطيرة، وكل مركبة مدنية هي غرض مشبوه. وعمليا، فانه تنشأ في العراق حرب داخل حرب. واحدة بواسطة الاسلحة الثقيلة والطائرات والصواريخ ضد أهداف النظام العراقي، والثانية حرب أمن جار ترمي الى حماية القوات المقاتلة والأجنحة اللوجستية من مغبة الهجمات المفاجئة. وفي هذه الحرب ليس المتطوعون من الخارج وحدهم يشكلون خطرا بل بالذات المواطنون العراقيون بعضهم عسكريون يلبسون الزي المدني وبعضهم رجال قبائل تلقوا من قادة الجيش العراقي صلاحيات القتال والسلاح والمال من اجل صد قوات التحالف. ويقول المصدر الاردني ان قادة القبائل صاروا قوة مقاتلة عادية وخصصت لهم مهمات حربية. انهم لا يستطيعون الانتصار على الجيش ولكن يمكنهم إقلاقه وتأخيره. والأهم من ذلك فانهم يجبرون القوات الامريكية والبريطانية على تخصيص قوات كثيرة لغرض الحماية والحراسة . وحسب التقارير التي سبقت الحرب، فقد حاول رجال استخبارات امريكيون ان يشتروا بالمال قادة القبائل وذلك كي يحققوا من خلالهم انتفاضة مدنية في البداية ولكن في هذه الاثناء يبدو ان هذه المحاولة لم تتكلل بالنجاح. هذه المعركة المزدوجة تعرقل تنفيذ خطة المساعدة المدنية والتي كان يفترض بها ليس فقط ان تنقل الغذاء والأدوية والمياه الي السكان العراقيين، بل وان تبني جسرا من الثقة بين قوات التحالف وبين المدنيين. وكلما تعرقل تنفيذ خطة المساعدة بسبب انعدام الأمن علي الطرق الرئيسة وانعدام القدرة على الوصول الى المراكز السكانية، فان قوات التحالف ستجد صعوبة في تجنيد تأييد المدنيين للحرب. ان الصراع على قلب الجمهور يخوضه الاعلام العراقي الذي عرض أمس الاول علي المراسلين الأجانب كيف ان النساء العراقيات يتجندن من اجل مساعدة المقاتلين العراقيين في المدن، فيعددن لهم الطعام ويوزعنه بين المواقع. كما ان هناك نساء يشاركن في القتال نفسه. وينشر العراق انه لدى السكان ما يكفي من الغذاء لخمسة ستة اشهر، فيما انه حسب تقديرات منظمة الاغاثة الدولية يكفي الغذاء لاربعة خمسة اسابيع اخرى. ليست المشكلة توزيع الغذاء والمساعدات الانسانية الاخرى. فقد تبين انه في البلدات والقرى التي احتلتها قوات التحالف أو التي توجد فيها سيطرة جزئية، تمت تصفية السلطة المحلية ايضا وليس هناك من يحرص على النظام والأمن العام. وأخذت تنشأ عصابات من السارقين والسالبين، وفي عدة أماكن جرى الحديث عن تصفية حسابات قاتلة، فيما ليس في المقابل لقوات التحالف العلم والمعرفة أو القدرة أو القوة البشرية الملائمة التي يمكنها ان تعالج هذه التطورات. (هآرتس) الاسرائيلية