أكدت مصادر عسكرية أن مؤشرات اقتراب الضربة العسكرية الأمريكية المحتملة للعراق تزايدت بشدة أمس حيث أعلن الجيش الإسرائيلي نشر بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ التي قد يطلقها العراق في حال بدء الهجوم الأمريكى عليه، وكذلك إعلان الاتحاد الوطنى الكردستانى فى شمال العراق أن القوات التركية كثفت وجودها في مطار قديم في شمال العراق، يسيطر عليه منذ سنوات لكنه يصلح لهبوط مروحيات لنقل الجنود، بينما اجتمع عسكريون عراقيون معارضون مع أمريكيين في البنتاجون أمس الأول، لكن المؤشر الأهم كان في تصريح رامسفيلد مساء أمس، حيث أعلن بشكل مباشر أن سياسة احتواء العراق بالعقوبات الاقتصادية والحظر الجوى لم تعد تجدي ويجب الإنهاء فورًا بضربة عسكرية تطيح بصدام ونظامه. الى ذلك، اعلن مسؤول في البيت الابيض ان الرئيس الأمريكي جورج بوش لم يحدد اي جدول زمني للتوقيع على خطة تهدف الى الاطاحة بالنظام العراقي وليس من المؤكد ان يتخذ قرارا ما هذا العام. وقال هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته ان الرئيس لم يحدد اي جدول زمني وكما قال. حتى ولو كان حدد هذا الجدول الزمني فهو لن يعلن عنه. واضاف ان قرارا رئاسيا لن يتخذ بالضرورة هذا العام. وذكر المسؤول انه ليس بالضرورة ان يقرر بوش هذا العام ما اذا كان سيلجأ للقوة العسكرية لتنفيذ سياسة الولاياتالمتحدة لتغيير النظام في العراق وهي اشارة الى الاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين. فقد أفاد مصدر عسكري أن الجيش الإسرائيلي نشر خلال الأيام الماضية بطارية صواريخ أولى مضادة للصواريخ حيتز (السهم) في شمال تل أبيب. وذكرت صحيفة يديعوت احرونوت التي نشرت صورة المنشآت ان محطة توجيه بالرادار نصبت لهذه الغاية بعد ان احتج السكان على مثل هذا النشر. وقال المصدر العسكري إن نشر البطارية يهدف الى اختبار النظام كي يكون عمليا ، وكان مقررا منذ فترة طويلة. في المقابل ربطت يديعوت احرونوت نشر البطارية بمخاطر إطلاق صواريخ عراقية على إسرائيل في حال تعرض العراق لضربة أمريكية كما حصل خلال حرب الخليج في 1991. وقالت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون حذر الولاياتالمتحدة من أن إسرائيل سترد على مثل هذا الهجوم خلافا لما حصل عام 1991. من جهته قال وزير الثقافة والرياضة العمالي ماتان فيلناي للاذاعة الإسرائيلية ان على إسرائيل ان تكون مستعدة في اي وقت لمواجهة هجوم عراقي. واضاف فيلناي مساعد رئيس قيادة الاركان سابقا مثلنا مثل الأمريكيين، لدينا مصلحة في القضاء على (الرئيس العراقي) صدام حسين. وتابع ان اسرائيل حصلت على ضوء اخضر أمريكي للرد على اي هجوم محتمل يشنه العراق وعلى ضمانة بانه سيتم ابلاغها مسبقا باي عملية ضد العراق لكي تتمكن من تحضير اجراءاتها الدفاعية. على جانب اخر ، اعلن جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، احد ابرز فصيلين كرديين يسيطران على شمال العراق، في مقابلة بثتها الجمعة شبكة سي ان ان-تورك الخاصة ان القوات التركية تسيطر منذ سنوات على مطار قديم في شمال العراق.. لكن الجيش التركي نفى هذه المعلومات. وقال طالباني: منذ 1996 او حتى 1995 يسيطر الجيش التركي على مطار باميرني الذي بني خلال حقبة الملكية العراقية وذلك في وقت يواجه فيه العراق تهديدات بضربة عسكرية أمريكية لقلب نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وهذا المطار يقع في منطقة بين مدينتي زاخو ودهوك اللتين يسيطر عليهما الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، منافس الاتحاد الوطني الكردستاني، كما افادت الصحافة التركية التي تشير منذ ايام الى معلومات حول هذا المطار. وأكد بيان لقيادة أركان الجيش التركي ان هذا المطار تعرض لاضرار فادحة خلال الغارات الجوية التي شنتها القوات المتعددة الجنسيات خلال حرب الخليج وقد اصبح غير صالح للاستخدام. وقال طالباني ان المطار خضع لعمليات ترميم بعد دخول الائتلاف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة الى العراق في 1991 ردا على الاجتياح العراقي للكويت. يشار الى ان شمال العراق خارج عن سلطة بغداد المركزية منذ نهاية حرب الخليج. وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كان يتم حاليا استخدام هذا المطار لمهمات عسكرية قال طالباني ليس هناك سوى المدرج، لست خبيرا وانما لا اعتقد انه بامكان طائرات عسكرية حديثة كبرى ان تهبط فيه. . لكنه اشار الى امكان استخدامه لهبوط مروحيات. وفي واشنطن ، أعلن مسؤول كبير في المعارضة العراقية في واشنطن قبل بدء محادثات مع مسؤولين أمريكيين ان الشعب والجيش العراقي سيتخليان بسرعة عن الرئيس صدام حسين في حال شنت أمريكا حربا خاطفة ضد نظامه. وقال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العراقي (تحالف من الحركات العراقية المعارضة مقره في لندن) الشريف علي بن الحسين لا أحد سيقاتل من اجل صدام حسين. والحسين عضو في وفد من 6 قادة من المعارضة العراقية التقي الجمعة بمسئولين في وزارتي الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والخارجية. واضاف ان العسكريين العراقيين ليسوا مستعدين للقتال والموت من اجل صدام حسين مشيرا الى السرعة التي طردت بها قوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة الجيش العراقي من الكويت عام 1991. وقال ان العسكريين العراقيين خذلوا واهينوا وخضعوا لعمليات القمع والتعذيب والاغتيال وتعرضت عائلاتهم لمعاملة سيئة من قبل صدام حسين مؤكدا انه تلقى هذه المعلومات من مصادر عسكرية داخل العراق. والتقى وفد المعارضة العراقية امس الأول بمساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مارك غروسمان ومساعد وزير الدفاع دوغلاس فايس للبحث خصوصا في مختلف السيناريوهات الممكنة للاطاحة بالرئيس العراقي وايجاد بديل له. وأتى المؤشر الكبير من داخل الادارة الأمريكية ، حيث اعلن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد ان سياسة احتواء العراق بالعقوبات الاقتصادية ومناطق الحظر الجوي لا تجدي. وصرح رامسفلد للصحافيين لا يوجد عاقل يمكنه النظر الى ما انجز ويقول ان الامر نجح. ان ذلك لم يجد ولا يجدي مؤكدا ان الرئيس العراقي صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل. وبذلك يرفض رامسفلد مباشرة سياسة عزل العراق التي انتهجتها منذ 1991 الادارات الأمريكية المتعاقبة وبدا وكأنه يقف الى جانب الخيار العسكري للاطاحة بالرئيس صدام حسين وهذا ما توعد به الرئيس جورج بوش وبكل الوسائل. وقال وزير الدفاع الأمريكي ان سياسة العزل هذه كانت بوضوح فعالة لبعض الوقت وقد اخرت الاشياء وبالتأكيد عقدت حياة صدام حسين ولكن هل فعلا اوقفت النشاطات العراقية في مجال اسلحة الدمار الشامل لا. وردا على سؤال حول مخاطر الفوضى في العراق بعد الهزيمة المحتملة لصدام حسين، اجاب رامسفلد بان الولاياتالمتحدة ترغب في بلد موحد. وقال ان على النظام المستقبلي ان يتخلى عن الاسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية واجتياح جيرانه مع احترامه رأي مواطنيه وكذلك حقوق الاقليات. واشار الى ان هذا القلق يبدو انه بين اولويات المعارضة العراقية. وقال رامسفلد ايضا ان سياسة العزل والردع التي كانت مطبقة مع الاتحاد السوفياتي لا يمكن ان تتماشى مع منظمة ارهابية او مع دولة ارهابية مثل العراق. وذكرت صحيفة ذي اندبندنت البريطانية نقلا عن مصادر عسكرية ودبلوماسية ان وزراء بريطانيين حذروا من حرب أمريكية محتملة ضد العراق، معتبرين ان حربا كهذه قد تنتقل الى بؤر توتر اخرى على غرار افغانستان واسرائيل او كشمير. واعتبر رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي ان على الولاياتالمتحدة ان تتحلى (بضبط النفس) فيما يتعلق بأي تدخل عسكري أمريكي محتمل ضد العراق كما اوردت وكالتا انباء يابانيتان. وتجنب البيت الابيض التعليق مباشرة على التحفظات الشديدة التي يبديها حلفاء واشنطن ازاء توجيه ضربة عسكرية الى العراق خصوصا بعد الموقف الالماني الرافض للتدخل العسكري في هذا البلد. وقال سكوت ماكليلان مساعد المتحدث باسم البيت الابيض ان التعليق على هذه المواقف يعني الاعتماد على شيء هو اصلا افتراضي. واضاف ان الرئيس الأمريكي جورج بوش يبقي كل خياراته مفتوحة ولم يتخذ اي قرار بشأن اي خطة تحرك وهو سيواصل مشاوراته المكثفة مع الدول الصديقة والحليفة ومع اعضاء الكونغرس حول الملف العراقي. وجاء كلام المتحدث الأمريكي ردا على سؤال حول الموقف الاخير لمستشار المانيا غيرهارد شرودر الذي استبعد تماما اي مشاركة المانية في عمليات عسكرية محتملة ضد العراق. وكان شرودر قد اعلن في مقابلة مع شبكة التلفزيون العامة (ايه ار دي) امس الأول ان على المانيا ابداء ضبط النفس فيما يتعلق بتدخل عسكري ضد نظام صدام حسين مضيفا هذا يعني ان المانيا لن تشارك فيه مبددا بذلك اي شك حول هذا الموضوع.