صدرت رواية جديدة لأحلام مستغانمي. وأحلام هي تلك المرأة الموجوعة بالوطن بالجزائر بقطاع الحب. الذين لا يتوانون عن دفنه حيا مع كل الوجوه القادرة على حمل انعكاسه في ابتسامات عيونهم ومع كل الأيدي التي تزرعه هنا وهناك. رواية (عابر سرير) جاءت في 319 صفحة قرأت منها حتى هذه اللحظة 81 صفحة فقط. ولكن كانت كافية أن تشهق عيناي في كل لحظة تقابل فيها كلمات بسيطة ولكنها ليست كالكلمات. فهي تأخذك في دوامة من الدهشة المتواصلة بقدرتها على التقاط صور وتشابيه قريبة منك لدرجة أنك لم تكن تراها وعندما ترشقك بها الكاتبة لا تملك إلا أن تضحك، نعم أعرفها لقد مرت بي، اوربما عشتها أو تقفز في ذاتك لتقول نعم هذا ما أردت قوله. بعيدا عن الرمزية اللغوية التي يرجمنا بها كتاب الرواية الحديثة المحتفى بهم. تكتب أحلام بوضوح البصمة ورمزية خطوطها المتعرجة. (عابر سرير) هو الجزء الثالث من ثلاثيتها. ذاكرة الجسد وفوضى الحواس. تبدأ بحكاية مصور فاز بجائزة عالمية عن أفضل صورة صحفية للعام. وهذا يعني أن الكاتبة تغزل نسجها بروح الأنثى التي تعلمت الغوص في بحر الفحولة، أكاد أجزم بأن الرجال الأقوياء، الأصحاء نفسيا يجدونها أكثر صدقا وإيلاما مما كتبه بعض الرجال. تقول أحلام على لسان خالد بن طوبال بطل القصة (في الواقع كنت أحب شجاعتها عندما تنازل الطغاة وقطاع طرق التاريخ ومجازفتها بتهريب ذلك الكم من البارود في كتاب ولا أفهم جبنها في الحياة عندما يتعلق الأمر بمواجهة زوج. تماما كما لا أجد تفسيرا لذكائها في رواية وغبائها خارج الأدب إلى حد عدم قدرتها وهي التي تبدو خبيرة في النفس البشرية على التمييز بين من هو مستعد للموت من أجلها ومن هو مستعد لأن يبذل حياته من أجل قتلها. إنه عمى المبدعين في سذاجة طفولتهم الأبدية). هكذا عندما تمسك المرأة بقلم الرجل لتكتب عنه وعنها تبدو أكثر صفاء من المرأة التي تحتضن صندوقا لا تلبث أن ترمي عليك منه اقنعة جديدة فهذا وجه محب وذاك وجه متشرد يفر من نفسه وهنا وجه ضعيف يتقوى وقوي يتضاعف.. هل أبدو مسرفة في الثناء؟ ربما. ولكني أرى وجهي في كلمات أحلام يخرج من ذلك الصندوق وإذا استشعر قارئي هذا الدبيب الخفي لالتقائه بالكاتب فهذا يعني نجاح الثاني. أيضا تقول أحلام: (ليس البكاء شأنا نسائيا. لابد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم!! وعليك أن تحسم خيارك أتبكي بحرقة الرجولة أم ككاتب كبير تكتب نصا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية! فالموت كما الحب أكثر عبثية من أن تأخذه مأخذ الجد).