كثيرا مانسمع عن الاقتصاد العربي مقولات غير صادقة وغير حقيقية تكشف عن نوع من الكسل (الفكري) يحاول ان يغطي في اغلب الاحيان على الرغبة في عدم السعي من اجل تفعيل آليات العمل العربي المشترك او لعلها اذا حسنت النوايا تفتقر الى الثقة في قدرة الدول العربية على ان تتكامل اقتصاديا، او تفتقر الى فهم ماتمتلكه هذه الدول من طاقات وامكانيات. فالاقتصاد العربي في واقع الامر ليس اقتصادا ضعيفا، اذا ما وضعنا في الاعتبار ما تمتلكه كل دولة من المقومات والادوات الفعالة التي تستطيع ان تصنع اقتصادا من اقوى الاقتصادات العالمية اذا ماتكاملت الدول العربية وتعاونت فيما بينها، وسعت بالفعل الى تطبيق اتفاقيات التكامل والتعاون الاقتصادي، وفي مقدمتها انشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وصولا الى اقامة السوق العربية المشتركة. ولكن واقع الحال يتنافى مع هذا (الحلم) اذ ان التجارة العربية البينية لا تمثل الا نسبة ضئيلة جدا من حجم التبادل التجاري لكل دولة غربية حيث الميزان التجاري يميل لصالح الدول الغربية التي تستنزف ثروات الدول العربية بحجة التعاون الاقتصادي والغريب ان اكثر ماتصدره هذه الدول للعالم العربي ليس الا سلعا استهلاكية ثانوية وغير فعالة لاقتصادات الدول العربية، بل وتشكل عبئا اقتصاديا على الدول العربية. ولا حل في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والاوضاع المتردية التي تواجه كل دولة على حدة الا التلاحم والتعاون لمواجهة الاخطار والتحديات التي تواجه الدول العربية، التي ستجد نفسها امام خطر التكتلات الاقتصادية الكبرى اذا ما واجهتها كل دولة على حدة وبمفردها، ومن هنا فلابد ان تعمل الدول العربية بشكل جاد من اجل تجميع قواها الاقتصادية، ونبذ الحلول الفردية وتنفيذ مابينها من اتفاقات وهذا على الاقل وفي حده الادنى لو تم فانه يمكن ان يشكل بداية جادة بل وقوية على طريق ما ننشده من تكامل وفي هذا الاطار لابد ان نضع امام اعيننا نموذج العمل العربي المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي حققت الكثير من الاتفاقيات التي ابرمتها فيما بينها بما يؤدي الى تسريع اجراءات التكامل بين اقتصادات هذه الدول. ولا سبيل امام الدول العربية كافة الا ان تطبق هذا النموذج مع توسيع اطاره وزيادة ما يقتضيه ذلك من اجراءات وقوانين ونظم تتناسب مع حجم الطموح الخاص بتحقيق السوق العربية المشتركة التي سترفع حجم التبادل التجاري وتقلل من تكاليف تبادل هذه السلع وتجعلها اقل بكثير من تكاليف السلع التي تستوردها الدول العربية من مختلف دول العالم. لقد اصبح العالم قرية صغيرة وعلى الرغم من ذلك فاننا نجد الكثير من الدول تتجه الى انشاء التكتلات الاقتصادية فيما بينها ومن ابرز هذه التكتلات الآن (الاتحاد الاوروبي) وهناك الكثير من التكتلات العالمية الاخرى التي يفرض وجودها على دول العالم العربي ان تتحذ لان ذلك يعطيها فرصا اكبر وافضل اذا ما تعاملت مع هذه التكتلات بينما تكون الشروط والظروف اصعب واقسى على كل دولة لو تعاملت بمفردها مع هذه التكتلات الاقتصادية العملاقة. كذلك فان اقامة (الشراكة) مع بعض هذه التكتلات وفي مقدمتها الاتحاد الاوروبي يمكن ان يحقق فوائد كثيرة للاقتصاد العربي في كثير من المجالات على ان يتم ذلك على اساس من التكامل العربي اولا الامر الذي يبتعد بهذا التعاون عن فرضية التبعية. ان التكامل هو الطريق الوحيد فلنتحرك الآن وليس غدا وقبل ان يفوت الأوان.