إن ابن آدم لا يعطيك نعجته إلا ليأخذ منك الثور والجملا بيت من النظم القديم.. استيقظ في ذاكرتي بعد سبات طويل.. أيقظته الحرب الطاحنة في أرض الرافدين.. بل أيقظته صرخة بلير وبوش باعلانهما تحرير العراق.. واهداء أهل ذلك القطر الذي عانى ما عانى في اكثر من ثلاثة عقود الديموقراطية. ورحم الله شوقي الذي نظر لهذه الحرب الضروس في بيت شعر من قصيدته الشهيرة حيث يقول : ==1== وللحرية الحمراء باب==0== ==0==بكل يد مضرجة يدق==2== ولكن هذه الدماء السائلة.. وهذه الاشلاء الممزقة والمتناثرة هنا وهناك. هل هذه هي الدماء التي تتعطش لها الحرية.. وهذه الاشلاء هي التي تقتات منها الديموقراطية دماء الأطفال واشلاؤهم دماء النساء واشلاؤهن دماء الشيوخ والعجزة واشلاؤهم. سؤال يطرح نفسه ولا نجد له جوابا. ولكن الحرية لها ضريبة.. قد تكون ضريبة مقنعة وقد لا تكون. فطاغية العراق وزبانيته ما كان لهم أن يمارسوا حريتهم المطلقة في أرض الرافدين الا بعد ان أضرجوا أيديهم بدماء الابرياء. وقفت مندهشا مضطرب الاعصاب امام الشاشة وهي تعرض في صراحة حيادية اكثر من مائتين من التوابيت المكومة فيها بعض العظام الآدمية من جماجم وأضلاع وسيقان وظهور.. هذه الجماجم التي اخترقها الرصاص... ماذا يقول الناطق باسم النظام ومفوه الحزب الصحاف.. الذي تخرج في كلية البذاءة للاعلام أومن كلية الاعلام للبذاءة وسقط القول؟! ماذا يقول عن هذه التوابتي.. او القبول الخشبية التي جعلها في مخزن عسكري وكأنها خزينة ينتظر المقايضة بها..؟! لولا هذه الدماء وهذه الأشلاء وهذه السادية المفرطة في العنف والبعد عن الرحمة والانسانية.. لولا هذه لما أخذ هو ورفاؤه حريتهم في شعب دولة منكبار الدول العربية لكنها السياسة الميكيافيلية الطاغية اتي تقول: الغاية تبرر الوسيلة. هذا الطغيان الخرافي عند صدام وأركانه هو الذي جاء لنا بمالا نشتهي من وجود الاجنبي ومن الحرب ومن الدمار. هذا الدمار الذي التهم الانسان والحيوان والارض والبيئة والثروة. وهكذا جاءت (دول الديموقراطية) كما تسمي نفسها لتهب للعراق الديموقراطية ولكن بأي ثمن ؟؟ ومن الذي سيدفعه؟ هل هم اهل العراق فقط؟ الانسان والحيوان والنبات والجماد والماء والهواء.. كل اولئك ستشملهم كمبيالة الدفع ولعقود من الزمن قادمة.. وسيغص بها احفادنا القادمون من المجهول الى المجهول.. مما سوف ينسيهم ان يترحموا علينا.. وهذا اضعف الايمان. وأعود لما بدأت به: جاء الغرب بأبنائه وعتاده واسلحته الكلاسيكية والجديدة ليعطي العراق نعجة اسمها الحرية.. او اسمها الديموقراطية.. وعلاقات الدول ببعضها علاقات مصالح.. فما هي المصلحة التي يتوخاها الغرب.. والتي دفع ثمنها مقدما من دماء ابنائه واموال شعوبه؟ انها الثور الذي هو البترول والتجارة. وانها هي الجمل الذي هو الارض والشعب. وإلا ما ضحى بكل غال ونفيس من اجل عيون العرب السود.. كلا.. وألف ألف كلا.. وقادم الايام سيعلن بلسان الحال عن هذه الاغراض.. وان غدا لناظره قريب.