الوصول نحو التكامل الاقتصادي الخليجي هدف سام يشار اليه منذ فترة, لكن الأهمية تكمن في سرعة الإنجاز وجزالة النتائج على أرض الواقع لا أمنيات ومنتديات تتناثر بينها الرغبات والتطلعات وتخفي بعض الاخفاقات المؤمل انها ردمت منذ سنين تجاوبا مع واقع الظروف الجيوسياسية والاقتصادية للمنطقة. لسنا بحاجة الى إبراز أهمية التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي فمن بدهيات الفكرة - وهي مطبقة عالميا - انه بداية لتكون نواة اقتصادية تتحرك ككتلة واحدة من ناحية رفع مستوى قدرة التنافسية لدول المنطقة أمام القضايا والمحاور والتحالفات الاقتصادية الاقليمية والعالمية. وفي ذات الوقت تؤدي تلقائيا الى توحيد الرأي السياسي للمنطقة، وبالتالي الحد من أي وضعية ضعف أو اختراقات محتملة لإحدى الدول منفردة على أي صعيد من شأنه أن يوجد خللا بالمنظومة الخليجية ككل. التكامل إنما هو ربط أجزاء وامتزاجها للوصول الى حالة متقدمة من الإيجابية والرقي, وهذه الأجزاء - على مفهوم الدول - إنما هي المجتمعات الإنسانية المكونة لها التي تتوقد منها كافة الفعاليات التنموية استخداما لما تمتلكه من مهنية ومقومات، وبذلك يستوجب ان يكون آلية ومردود عملية التكامل الاقتصادي الحكومي على هذه المجتمعات متمحورين ويصبان في صالح الفرد المكون لها بالمقام الأول، وأي اختزال لها خارج نطاق مصلحة الفرد، فانه يفقدها أهميتها التي وجدت من أجلها! معالجة الخلل في العملية الاقتصادية تحتم إزالة أسبابه بطرق علمية ومهنية بحيث تتم إزالة أولى عتباته المهترئة لا أن يمد جسرا فوقها! الاجتماع الأخير لوزراء النفط لدول مجلس التعاون الخليجي أشار الى الوصول الى مراحل متقدمة من الدراسة لتوحيد أسعار الوقود أو تقاربها بين دول المنطقة. كما صرح وزير النفط السعودي, وإن أخذنا في الاعتبار ان دولة الإمارات يصل لتر البنزين فيها لما يقارب 1.7 ريال (وهي أعلى من نسب بقية دول المنطقة) فان ذلك يفهم منه بصورة أو أخرى ان بقية الدول سوف تتجه الى زيادة سعر الوقود «البنزين أو غيره» تلقائيا! المبرر الراجح لهذه الخطوة هي تكلفة الانتاج وعمليات الهدر في الطاقة! والسؤال الأهم هنا ماذا بشأن (ردم العتبات المهترئة السابق ذكرها) في مسببات عملية الهدر في الطاقة وماذا وضع لها من حلول، واستنفد على أرض الواقع، لتكون مسألة رفع الأسعار أخر الخطوات وليس بدايتها! كتبنا مقالا هنا عن أحد الحلول في هذا الشأن بعنوان: ( إدارة المرور وترشيد استهلاك الطاقة) وربما لم يأخذ حيزه من اهتمام المسؤول كون البدائل في نظره غير جاهزة حاليا، رغم ان امكانية تنفيذ ما ذكرناه لا يحتاج إلا الى الإرادة الحقيقية في عملية تطبيقات ترشيد استهلاك الطاقة! التكامل الاقتصادي لا يعنى بالنظر الى جانب « كترشيد الاستهلاك برفع الأسعار» وترك جوانب أخرى أهم منها كالمسببات ووضع الحلول الناجعة لها بعيدا عن البراغماتية, والسير نحو رفع مقدرة الفرد التنموية (حقوق وواجبات وتأهيل والخدمات والمميزات المقدمة له)، وبالتالي زيادة مستوى دخله المالي، ليتناسب مع حالة التضخم العام التي تمر بها دول المنطقة. فلا يصح المساواة في أمر وإغفال الجوانب الأخرى كالمتعلقة بفوارق مستويات المعيشة والدخل للفرد داخل منظومة دول مجلس التعاون. وقفات: أخر المصرحين بوجوب زيادة أسعار الطاقة في المنطقة وزير النفط العماني إلا انه في ذات الوقت صدر قرار من السلطان قابوس قبل أيام بوجوب مراجعة سلم الرواتب والدرجات للموظفين والمتقاعدين كإشارة الى رفعها، رغم ان ذلك سيكلف الدولة مصاريف اضافية، رغم ان السلطنة تستقبل مساعدات مالية سنوية من دول الخليج. الحملة التصحيحية للعمالة رغم وجوبها منذ سنين وإيجابيتها الحالية وافتراض حتمية عدم نشوء المشكلة من الأساس لو تمت معالجتها منذ البداية (سواء لمخالفي نظم الاقامة النظامية أو تنظيم أحقية الحصول على التأشيرات) إلا انه ان لم تردم العتبات التي سببتها مسبقا فانها سوف تعود بصورة أخرى. عمليات الشغب التي قد ترافق أي عملية تنظيمية أو أمنية في البلد يجب ان تجابه بكل حزم ويعاقب عليها كل متسبب فيها أو مثير لها, دون ذلك بالإمكان استفحالها أو تكرارها, وقبل ذلك يجب ان تكون هناك استعدادات وخطط جاهزة وبدائل قبل تنفيذ أي خطوة على أرض الواقع. مقولة: إن البلد غير ممطر التي كان يستخدمها المسؤول قبل 18سنة وثبات عدم صحتها وتكبد الخسائر بعدها، ومن ثم التعذر بارتفاع منسوب مياه الأمطار بعدها، كلها ايقونات يجب ألا تتكرر بالعمل على الحد منها بالإنجاز العملي والاستفادة من مياه الأمطار وحتمية تثقيف المجتمع مع كيفية التعامل مع الكوارث قبل حصولها. Twitter:@sabah_alturki