الأخضر يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة العراق في خليجي 26    نوتينغهام يواصل تألقه بفوز رابع على التوالي في الدوري الإنجليزي    في أدبي جازان.. الدوسري واليامي تختتمان الجولة الأولى من فعاليات الشتاء بذكرى وتحت جنح الظلام    طارق السعيد يكتب..من المسؤول عن تخبطات هيرفي؟    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    السلطات الجديدة في سوريا تطلق عملية بطرطوس لملاحقة «فلول النظام المخلوع»    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    وطن الأفراح    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    المملكة ترحب بالعالم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    مسابقة المهارات    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصحيح أسعار الوقود مسألة حساسة وأي تغيير سيؤثر على محدودي الدخل
تنويع مصادر الدخل أولوية مطلقة لحماية مستقبل الأجيال.. المستشار البترولي الصبان ل «عكاظ» :
نشر في عكاظ يوم 16 - 12 - 2012

استحوذت التقارير الصادرة مؤخرا حول وضع النفط في المملكة على اهتمام كبير، حيث تناولها الكثير من الكتاب والاقتصاديين تحليلا وتمحيصا، فكان منهم من شكك في صحتها ومنهم من أكدها، لكنهم اختلفوا في التوقيت. وآخر هذه التقارير كان ذلك الذي أصدرته مجموعة (سيتي قروب) التي اعتبرت فيه أن المملكة ستصبح دولة مستوردة للنفط في العام 2030، لو بقيت على معدلات استهلاكها للنفط. هذه التقارير وكل ما يتعلق بها من تعليقات وتحذيرات وتحليلات، كانت موضوع الحوار الذي أجرته «عكاظ» مع المستشار الاقتصادي والبترولي الدكتور محمد سالم سرور الصبان الذي اعترف أن هناك مشكلة حقيقية، تمثلها المعدلات المتزايدة للنمو في الاستهلاك المحلي للنفط، مؤكدا حتمية مراجعة أسعار المشتقات النفطية، ولكنه اعتبر أن أي تغيير في أسعار الوقود سيؤثر على ذوي الدخل المحدود، خصوصا في غياب للبنية التحتية للنقل العام كأحد أهم البدائل التي تساعد على تقليل معدلات استهلاك النفط التي قد تتجاوز ال 7 في المئة سنويا والتي تفوق معظم دول العالم بما فيها الولايات المتحدة.
وقدر الصبان الحجم السنوي للإعانة المقدمة لقطاعي الوقود وتوليد الكهرباء في المملكة بحوالى 162 بليون ريال، مشددا على أن الطاقة الشمسية والنووية هي الاستراتيجية المقبلة التي ستركز عليها المملكة حتى العام 2020. وفي ما يلي وقائع الحوار:
برز مؤخرا موضوع الاستهلاك المحلي المتزايد للمشتقات النفطية كأحد أبرز التحديات التي تواجه اقتصادنا الوطني، في ظل التوقعات بتحول المملكة إلى مستورد للنفط بحلول العام 2030 أو العام 2035، هل هو فعلا تحد حقيقي يواجهنا في المملكة؟
لابد أن نعترف أن هناك مشكلة حقيقية تمثلها المعدلات المتزايدة للنمو في الاستهلاك المحلي السعودي من النفط، وإذا ما أخذنا المعدلات الفردية لاستهلاك الطاقة كمقياس، فإن المملكة تعتبر من الدول المرتفعة في الاستهلاك، وتتفوق على معظم دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة، وجميع الدول النامية. وفي الوقت الذي تمثل فيه الأسعار المنخفضة جدا للوقود عاملا أساسيا في تشجيع هذا النمط من الاستهلاك، وهناك عوامل أخرى ساعدت على تعزيز الأنماط الاستهلاكية المرتفعة في قطاعي الوقود والكهرباء، ومن بينها، على سبيل المثال، عدم توفر شبكة متكاملة للنقل العام، وعدم وجود ضوابط وإجراءات حكومية تلزم باقتناء المركبات ذات الكفاءة المرتفعة في استهلاك الوقود، إضافة إلى عدم وجود كود خاص بالمباني، بما في ذلك شرط توفر العوازل الحرارية فيه، وكل ما يؤدي إلى توفير الطاقة الكهربائية في المباني الحكومية، وغير الحكومية والمصانع.
هاجس استيراد النفط
صدرت في الأشهر الأخيرة عدة دراسات وتقارير وتحذيرات من صندوق النقد الدولي، مفادها ضرورة التخطيط لتخفيض المعدلات المرتفعة جدا لاستهلاك النفط في المملكة، وبالتحديد في قطاعي النقل وتوليد الكهرباء؛ بصفتهما المستهلك الرئيسي للنفط محليا، وتبني إجراءات وضوابط ترشيد استهلاك الطاقة، وإلا فإن تحول المملكة إلى مستورد للنفط عام 2035، يعد أمرا حتميا.. كيف ترى مدى واقعية هذه التقارير، وهل بدأنا نعيش «هاجس استيراد النفط»؟
كما ذكرت سابقا، هناك مشكلة حقيقية نعيشها، ولا يمكن لها الاستمرار بكل الأحوال، بغض النظر عن النتيجة النهائية التي توصلت إليها هذه التقارير، وهي أن المملكة ستتحول إلى مستورد للنفط، وهذا الأمر يصبح مستبعدا في ظل التحرك القائم لحل المشكلة، وإن كان بطيئا نوعا ما، فمعدلات النمو المرتفعة في استهلاك الطاقة محليا لا تعود إلى عدم المبالاة والإسراف في الاستهلاك، نتيجة للأسعار المتدنية، فقط، بل هناك أيضا معدلات النمو السكاني المتزايد سنويا، والتوجه الحكومي لتنمية مختلف المناطق النائية في إطار تحقيق هدف التنمية المتوزانة لمختلف المناطق، والمساحة الشاسعة للمملكة وما يتطلبه الربط الكهربائي من إنشاء مزيد من محطات توليد كهرباء، إما لتوسعة الطاقة الإنتاجية المتاحة أو تعميم الكهرباء لمناطق تخلو منها، وافتقار المملكة رغم مساحاتها الشاسعة إلى شبكات نقل عام على مستوى المدن أو فيما بينها،كما أن سوق السيارات السعودي أصبح هدفا لمصدري السيارات ذات الكفاءة المنخفضة في استهلاك الوقود، ومردما للسيارات الجديدة والمستعملة التي لا يمكن تسويقها في دول أخرى، وسبب ذلك غياب التشريعات الحكومية الملزمة والتي منها على سبيل المثال، تحديد مستويات معينة من استهلاك الوقود لكل كيلومتر، ومنع استيراد السيارات التي لا تتماشى وهذه المواصفات، كما أن تدني الوعي بضرورة الصيانة الدورية للسيارات يساهم في مزيد من استهلاك الوقود. ويمكن الحديث عن أنماط الاستهلاك نفسها في قطاع المباني، وعن عدم توفر إلزامية العزل الحراري، وطبيعة مواصفات واستخدامات الأجهزة الكهربائية المصنعة محليا، أو تلك المستوردة منها، بصفتها سببا من أسباب المشكلة. وأعتقد أن كل هذه العوامل تعمل على الإبقاء على معدلات نمو استهلاك الطاقة عند مستويات 7 في المئة وأعلى، ما لم يتم تبني سياسة شاملة تتطرق لكل من الطلب والعرض، وأسعار الوقود والطاقة بشكل عام، والحلول المقترحة. ولا يمكن أن تقوم كل جهة منفردة باقتراح وتنفيذ الحلول في هذا المجال، بل لا بد من أن يكون ذلك من خلال جهة مركزية، ولتكن المجلس الاقتصادي الأعلى، تناط بها هذه المهمة الضرورية والعاجلة؛ فهو مجلس وزراء مصغر برئاسة والدنا الملك عبدالله «متعه الله بالصحة» تتوفر فيه المرونة اللازمة، وقراراته تتجاوز الأجهزة الحكومية منفردة، من حيث السرعة والإلزامية وتعميم التطبيق. وهذا الموضوع ضمن موضوعات اقتصادية أخرى يجب أن يكتب على رأس ملفاتها عبارة «عاجل جدا»، وأن يكون المجلس الاقتصادي في حالة انعقاد دائم، ليتحول إلى «مجلس لإدارة الأزمات».
برامج الترشيد
برامج الترشيد والسياسات الأخرى التي قد تتبناها الحكومة السعودية لتخفيض المعدلات المرتفعة من الاستهلاك المحلي للطاقة، قد تأخذ سنوات حتى تحقق أهدافها، فهل يسعفنا الوقت لنستجيب ونرشد؟
الخطوة الأولى والضرورية هي اعترافنا بوجود مشكلة، وأن لها تأثيرا سلبيا على اقتصادنا، وتؤدي إلى تناقص قدرتنا على تصدير النفط، حيث إن الاستهلاك المحلي من النفط هو جزء من إجمالي حصة أي دولة عضو في الأوبك، وأن أنماط استهلاكنا للطاقة لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه الآن. وأعتقد أن هناك اقتناعا عاما على كل المستويات بذلك، بغض النظر عن مصدر الإقناع، داخلي أم خارجي، وأيضا فقد تجاوزنا هذه المرحلة إلى مرحلة تشخيص أسباب هذه المشكلة. وهما خطوتان مهمتان في طريق إيجاد الحل، ونحن في المملكة لن «نعيد اختراع العجلة» كما يقولون، فتجارب الدول الأخرى الناجحة بالنسبة إلى ترشيد استخدام الطاقة مدونة، وعدد من هذه الدول جاهز لتقديم خبراته في هذا المجال لتسويق منتجاتها وتقنياتها ذات الكفاءة العالية في استخدام الطاقة. ولكن قبل البدء في ذلك، علينا ترتيب أولوياتنا في هذا المجال، ووضع البرنامج الزمني اللازم لتحقيق هذه الأولويات، وطبيعة التشريعات والسياسات الحكومية اللازم صدورها لتنفيذ وتسريع برامج ترشيد استهلاك واستخدام الطاقة. وقد لاحظنا مؤخرا أن الجميع أصبح يتحدث عن خطط لترشيد استخدام الطاقة، فالشركة السعودية للكهرباء تذكر أن باستطاعتها توفير ما لا يقل عن 40 في المئة من الوقود الذي تستخدمه خلال الأعوام الخمسة المقبلة، كما أن هناك خطوات حثيثه وبرامج محددة يتبناها مركز ترشيد استخدام الطاقة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو يحاول أن ينسق في ذلك مع هيئة المواصفات والمقاييس؛ لتحديد قائمة المواصفات المطلوبة لكل السلع والخدمات المرتبطة باستهلاك الطاقة؛ تمهيدا لإصدار التشريعات اللازمة لترشيد الاستهلاك.
تصحيح الأسعار
كيف ترى التقارير المحذرة من الزيادات الكبيرة في الاستهلاك المحلي للطاقة في المملكة؟ وهل المواطن السعودي جاهز لتصحيح أسعار الوقود سواء في قطاع النقل أم قطاع توليد الكهرباء؟
نتائج مختلف التقارير التي تتحدث عنها لم يكتب لحيثياتها الانتشار الكافي، وما بقي في أذهان الكثيرين، هو التخوف من تحولنا إلى مستورد للنفط بحلول العام 2035، دون فهم كامل للأسباب التي تقودنا إلى ذلك، والإمكانات المتاحة لحل هذه المعضلة. ولذلك فالأسئلة التي توجه لنا دائما هو هل يعقل أن نصبح دولة مستوردة للنفط؟ ولماذا لا تتجه الحكومة إلى تخفيض الإنتاج النفطي كي يكون لدينا نفط كاف، ولا نتحول إلى مستورد له؟ إلى غيرها من الأسئلة التي تعكس مدى بساطة تفهم الكثيرين لطبيعة الرسالة الواردة في التقارير، وهو ما يجب على إعلامنا الاقتصادي التركيز عليه في الفترة المقبلة.
أما فيما يتعلق بالتصحيح السعري للوقود بكل أنواعه واستخداماته، فهي مسألة لها حساسيتها الاجتماعية، فلا تجد إلا القليل يقترح مناقشتها، ولا يمكن القيام بها بصورة مفاجئة ودفعة واحدة، فقطاعا النقل والكهرباء يمثلان خدمات انتقلت بكل شرائح المجتمع تقريبا من كونها خدمات «كمالية» إلى «ضرورية». وفي ظل غياب النقل العام من قطارات وباصات وغيرها، فليس لدى المواطن العادي سوى استخدام السيارات أو التاكسي، وتمثل ميزانية الوقود نسبة لا بأس بها، وبالتالي ففي ظل غياب البدائل، فإن أي تغييرات في أسعار الوقود ستؤثر في طبقات المجتمع ذات الدخل المحدود.
لكن علينا معرفة حقائق أساسية تتمثل في التالي:
أولا: إن الإعانات المقدمة للوقود في المملكة تضيع على المملكة، ليس فقط فرصة تغطية تكاليف الإنتاج بالنسبة إلى بعض الأنواع من الوقود فقط، بل تضيع عليها أيضا فرصة بيع هذه الكميات من الوقود بالسعر العالمي المرتفع للبرميل، وهو يتجاوز المئة دولار، بينما تباع مكونات البرميل محليا في حدود 5 إلى 15 دولارا للبرميل. ويقدر الحجم السنوي للإعانة المقدمة لقطاعي الوقود وتوليد الكهرباء في المملكة بحوالى 162 بليون ريال.
ثانيا: إن مستويات أسعار الوقود في المملكة هي أقل الأسعار العالمية على الإطلاق، وقد لا ينافسنا في ذلك سوى دولة فنزويلا. وسوء تخصيص الموارد الاقتصادية هو هدر ستدفع ثمنه الأجيال الحالية والقادمة، وهو ما يساعد على الإسراف في استهلاك الطاقة.
ثالثا: إن هذه الإعانات تستفيد منها كل الطبقات، بما في ذلك الطبقة الغنية والعمالة الوافدة، وبالتالي فلو كان الهدف هو توفير الوقود بأسعار زهيدة للطبقات الدنيا في المجتمع مساعدة لها في تحمل أعبائها المالية فقد تم تجاوز ذلك.
رابعا: إنه نتيجة للفارق السعري القائم في أسعار الوقود بيننا وبين الدول المجاورة، فإن هناك تهريبا لكميات متزايدة من الوقود، وهو ما يفاقم من معدلات نمو الاستهلاك المحلي للطاقة، فأسعار الوقود في دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والأردن أعلى بكثير من المملكة، ورغم محاولة مصلحة الجمارك السعودية أخذ الفارق في الأسعار وفق رسوم تفرض، فإن محاولتها تأتي محدودة النجاح، في ظل التهريب القائم على مدار الساعة وباستخدام مختلف الطرق ووسائل الإخفاء.
لكن هل تعتقدون بحتمية مراجعة الأسعار؟
نعم نعتقد بحتمية مراجعة أسعار الوقود المحلي، واعتبارها أولوية، ولذلك لا بد أن تخضع كل التعديلات في أسعار الوقود لدراسات توضح الآثار الإيجابية والسلبية لها، وتشمل مجموعة من الحلول البديلة التي يتم من خلالها تعويض طبقات المجتمع الأكثر تضررا من الارتفاع التدريجي لأسعار الوقود، كما أنه لا بد من أن يصاحب ذلك توعية إعلامية، وحوار اجتماعي يضم الفئات المعنية، حول أفضل البدائل التي يمكن اتباعها والبرنامج الزمني المصاحب لتدرج تطبيق هذه الحلول، مع إقناع الجميع باستحالة الإبقاء على الأسعار الحالية المنخفضة جدا للوقود المستهلك محليا، وأن التدرج في رفع الأسعار سيكون هو النهج الذي سيتم اتباعه. ولأن الكثير من الدول سبقتنا في مجال الإزالة التدريجية للدعم الذي تقدمه لمختلف السلع والخدمات بما في ذلك الوقود، نستطيع دراسة التطبيقات الناجحة لهذه الدول في هذا المجال، وبالذات تلك التي أعطت أولوية مطلقة للآثار الاقتصادية والاجتماعية لعملية تصحيح أسعار الوقود. ونحمد الله أننا لسنا تحت رحمة قرض أو قروض من صندوق النقد الدولي الذي ما كان ليقدم هذه القروض إلا برفع أسعار الوقود المحلي كأحد شروط الإقراض، وهو ما يتبعه مع مختلف الدول المقترضة وآخرها مع مصر، لكن غياب مثل هذه الضغوط الدولية لا يبرر لنا الاستمرار في إهدار مواردنا الاقتصادية، وعدم تحقيق أفضل استغلال لها.
مصادر طاقة متجددة
هل ما زلنا في مرحلة التخطيط لإيجاد مصادر طاقة جديدة ومتجددة تقلل من الضغوط على النفط كمصدر أساسي في قطاعي النقل وتوليد الكهرباء في المملكة؟، وكم المدة التي تراها كافية لنقول إن لدينا مصادر طاقة متجددة؟
الحاجة إلى مصادر الطاقة الآمنة والمتجددة هي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولا بد من تنويع ميزان الطاقة السعودي ليشمل مصادر مثل: الطاقة الشمسية والرياح وطاقة حرارة الأرض وغيرها، إضافة إلى التوسع في استكشافات واستخدامات الغاز الطبيعي. وقد سعدنا جميعا ببدء الاكتشافات الغازية على طول ساحل البحر الأحمر، والاكتشافات المهمة المعلن عنها في كل من حقل «مدين» وحقل «ضباء»، وغيرهما، وهو ما أدى إلى التفاؤل كثيرا بإمكانية وجود الغاز الكافي، ليس فقط لتلبية الطلب المحلي عليه في القطاع الصناعي، ولكن أيضا لتحويل قطاع الكهرباء في المملكة إلى استخدام الغاز بدلا عن النفط، وقامت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة برسم استراتيجية واضحة عرضت على الجهات المعنية، تبين طبيعة اختياراتها وتركيزها في السنوات السبع المقبلة، وماهية المصادر التي ستركز عليها خلال هذه المرحلة. ويتضح من الاستراتيجية أن تركيز المملكة في هذه الفترة سيكون على الطاقة الشمسية والنووية. وقد استمعت المدينة إلى التخوفات التي أثيرت حول الطاقة النووية وضرورة بناء القدرات الذاتية المحلية القادرة على التعامل مع مفاعلات الطاقة الذرية، ومع الحوادث التي قد تقع، إضافة إلى كيفية التعامل مع النفايات النووية الناتجة عن عمليات توليد الطاقة الذرية. وهي أمور تعطي أولوية في دفع مشروعات الطاقة الشمسية، في الوقت الذي يتم التأني في بناء أي مفاعلات للطاقة الذرية والتي عادة ما تأخذ وقتا أطول لبنائها.
تنويع مصادر الدخل
تنويع مصادر الدخل من أهم أولويات الاقتصاد السعودي، فهل بدأنا نسير في الطريق الصحيح؟
تنويع الاقتصاد السعودي يعتبر أولوية مطلقة؛ حماية للأجيال القادمة من تدهور أسعار النفط العالمية، فنحن الآن نعيش عصرنا الذهبي بالنسبة إلى الأسعار العالمية المرتفعة للنفط والتي فاقت خلال السنوات القليلة الماضية في متوسطها المئة دولار للبرميل، أعتقد أن ولاة الأمر يدركون هذه الحقيقة، وكل ما يحتاجونه هو تعاون الجميع في تحقيق ذلك، ولقد سعدنا جميعا باهتمام ولاة الأمر ومختلف فئات المجتمع بما في ذلك مجلس الشورى بضرورة إنشاء صندوق سيادي تستثمر فيه الفوائض المالية الضخمة التي نمتلكها حاليا، بدلا من إيداعها في صورة شبه سائلة على هيئة ودائع تتآكل قيمتها يوما بعد يوم. وبإنشاء الصندوق السيادي وإيكال مسؤولية الإشراف عليه إلى المجلس الاقتصادي الأعلى، على أن يكون له مجلس إدارة مستقل عن وزارة المالية، ومؤسسة النقد، تختار له الكفاءات الوطنية المتمرسة، ويتمتع بشفافية مطلقة، هو خير ضمان لاستثمار جيد يضمن عائدات تعيش بها الأجيال القادمة بكرامة. وهناك الكثير من أوجه التنويع الاقتصادي وعلى رأسها التوجه وبسرعة كبيرة نحو بناء الاقتصاد المعرفي، وتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.