أمين الطائف يطلق مبادرة الطائف أمانة    "الأحساء" نائباً لرئيس شبكة المدن المبدعة بمجال الحرف والفنون    الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. جولة إعادة بين بيزشكيان وجليلي 5 يوليو    مدرب كاريو يُدافع عن دوري روشن السعودي    «الداخلية»: ضبط 13,445 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    السيسي: تنسيق دائم بين مصر وأوروبا للتصدي للتحديات الإقليمية والدولية    رئيس بلدية محافظة المذنب يكرم عضو لجنة الاهالي بالمحافظة صالح الزعير    المالديف: اعتقال وزيرة عملت «سحرا أسود» لرئيس البلاد !    أمين عام «مجلس التعاون»: 180 مليار دولار حجم التجارة الثنائية بين دول الخليج وأمريكا في 2023    شاحنة كبيرة تحطم سيارة رياض محرز في إنجلترا    وزير الاتصالات يناقش مع وزيرة التجارة الأمريكية الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن    رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من مكة والمدينة    «النيابة»: حماية «المُبلِّغين والشهود» يدخل حيز التنفيذ    "الجوازات" تعلن الجاهزية لاستقبال المعتمرين    "المسكنات" تسبب اضطرابات سلوكية خطيرة    رفض اصطحابها للتسوق.. عراقية ترمي زوجها من سطح المنزل    مناسك الحج في ظل الاعتراف السيسيولوجي    الموارد البشرية بالقصيم تشارك في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات    غوتيريش: العالم يفشل في تحقيق أهداف التنمية    "التعاون الإسلامي" تدين مصادقة الاحتلال على شرعنة بؤر استيطانية    ختام منافسات النسخة الأولى من الدوري الخليجي للرياضات الإلكترونية    سفارة المملكة في لندن تستضيف جلسة نقاشية لتكريم المرأة السعودية    افتتاح أكثر من خمس مناطق ترفيهية ضمن موسم جدة 2024م    إطلاق موسم صيف عسير 2024    خبير دولي: حجب إثيوبيا المياه عن مصر يرقى لجرائم ضد الإنسانية    بايدن يخاطر بحرب نووية مع روسيا    "ميشيل سلغادو" مدرباً للأخضر تحت 15 عاماً    "العمري" مديراً للإعلام والإتصال ومتحدثاً رسمياً لنادي الخلود    ختام الجولة الثانية لبطولة الديار العربية لمنتخبات غرب آسيا    سباليتي يتوقع أن تتحلى إيطاليا بالهدوء أمام سويسرا في دور 16    ختام بطولة المناطق الأولى للشطرنج فئة الشباب تحت 18 سنة و فئة السيدات كبار    انطلاق فعاليات موسم صيف عسير    فقدان الجنسية السعودية من امرأة    ضبط مواطنين بمنطقة حائل لترويجهما مواد مخدرة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة هدى بنت عبدالله الفيصل آل فرحان آل سعود    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة هدى بنت عبدالله الفيصل آل فرحان آل سعود    أمير عسير يُعلن إطلاق موسم الصيف 2024 بشعار "صيّف في عسير.. تراها تهول"    انطلاق الاقتراع بانتخابات الرئاسة الإيرانية    بدء فعاليات الدورة ال 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس    جامعة الحدود الشمالية تعلن مواعيد القبول للبكالوريوس والدبلوم    «السندباد» يعود للساحة ب11 أغنية جديدة    أمن الحج والحجيج.. خط أحمر    يسر وطمأنينة    صنع التوازن.. بين الاستثمار الناجح وحماية التنوّع البيولوجي    لاعبون يمضغون العلك    1.66 مليار دولار سوق الرموش الصناعية عالمياً !    شوكولاتة أكثر صحية واستدامة    النجمي يلتقي مدير عام فرع الإفتاء في جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في المعرض التوعوي بمخاطر تعاطي المخدرات    القوامة تعني أن على الرجال خدمة النساء    كيف نطوّر منظومة فكرية جديدة؟    زيارة الغذامي أصابتنا بعين    إساءة استغلال التأشيرة!    سيدات مكَّة يسجلن أروع القصص في خدمة ضيوف الرحمن    د. الحصيص: التبرع بالكبد يعيد بناء الحياة من جديد    محافظ الطائف يزف 9321 خريجاً في حفل جامعة الطائف للعام 1445ه    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان حاكم الشارقة في وفاة الشيخة نورة بنت سعيد بن حمد القاسمي    وفاة والدة الأمير منصور بن سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هويدي.. والعلوج .. والثورة الشعبية
خليل علي حيدر
نشر في اليوم يوم 10 - 04 - 2003

طالعنا جميعا فيما اعتقد مقال الأستاذ فهمي هويدي "عن النصر والهزيمة" يوم امس، 8/4/2003! لم يتحدث طبعا، بعد طول انتظار وبث كل هذه الصور المأساوية، عن حال شعب العراق وما فعل نظام صدام حسين بالناس وما أنزل بهم من دمار، عبر تسلط دموي لا يعرف الرحمة على امتداد ثلاثين سنة، ولا تكلم عن استتباب الوضع في العديد من المدن العراقية كالبصرة والنجف، ولا تحدث عن مأساة 1991.
وبينما وجد الاستاذ جمال البنا وشيخ الازهر قدرا كبيرا من الجرأة في قول الحق ويقظة الضمير، فطالبا بالجهاد ضد نظام صدام حسين، رأينا الاستاذ هويدي، كما في سقوط نظام طالبان بعد الحرب الافغانية، يقف بصلابة مع استمرار صمود نظام بغداد، ويتنبأ قائلا: صار بمقدورنا ان نقول ونحن مطمئنون بأن العراق لن ينكسر. كما ان الولايات المتحدة لم تنتصر. ثم قال، بعد ان استبعد انتصار النظام، أن الذي يلوح في الافق هو هزيمة مشرفة". تصور.. هزيمة مشرفة لصدام حسين ونظامه!!
ورطة الاستاذ هويدي في هذه الحرب واضحة ومؤلمة فهو من جانب يعرف جيدا الجرائم المروعة التي انزلها نظام صدام حسين بالشعب العراقي ثوراته، وأن شخصا مثله لا يصلح لأن يكون قائد دولة بل نزيل دائم في احد سجون الاشغال الشاقة او نزيل مؤقت في إحدى غرف الاعدام. ولكن الاستاذ هويدي، بعكس فضيلة شيخ الازهر والاستاذ جمال البنا، لديه مصالح عريضة مع التيارات الدينية المتشددة منها والمعتدلة، وهو نجم المنتديات والمقابلات والمحاضرات والمقالات النارية ضد امريكا والغرب وكل اعداء الامة العربية والاسلامية. ولهذا لا بأس، بل لابد، ان ينحاز للشارع وللغوغاضية العربية والاسلامية، حتى لو كان يعرف في دخائل نفسه ان صدام مجرد سفاح ونظامه كارثة عربية والجماهير مسكينة مضللة!! انه في نفس مصيدة "الجزيرة" وبقية المحطات العربية.
نطلب للأستاذ هويدي المزيد من الاعتدال والهداية، وننتقل الى موضوع آخر.
قلت لنفسي وأنا اتابع تطورات هذه الحرب التي تقودها منذ ثلاثة أسابيع الولايات المتحدة ضد نظام بغداد، وتستخدم ضده كل هذه الاسلحة المتقدمة وكل هذا الجيش المدرب، وتحاصر كل هذه المدن، وتقابل كل هذه الصعاب، قلت لنفسي: ماذا لو كان اعتماد العراقيين على "ثورة داخلية" او "انقلاب عسكري"؟ اما كان ذلك على الأرجح سيفتح الباب واسعا عبر كل هذه المدن والقرى، لحرب أهلية قد تطول سنين مديدة تتدمر فيها العراق ويموت فيها الملايين ربما دون نتيجة؟
تصور فقط كيف يمكن للشعب العراقي المسكين ان يدخل في حرب مع نظام دموي تدافع عنه كل الاقلام العربية والمثقفون، وتهلل له كل محطات التلفاز العربية، وينسى فيها حتى العقل اللبناني عداءه الراسخ للدكتاتورية وحبه المعروف للديموقراطية؟
الا تذكرك مطالبة دعاة الانقلاب الداخلي والثورة الشعبية لتغيير نظام بغداد، بموقف تلك الفئة العربية العريضة التي كانت تندد عام 1991 بجريمة الاستعانة بالولايات المتحدة، وتدعو لحلول عربية وإسلامية، بينما كان زعماء العرب جميعا يقولون علنا: لا نريد ولا نستطيع مهاجمة العراق وبغداد!
أقف أخيرا عند وزير التضليل العراقي محمد سعيد الصحاف، أكذب رجل دولة عرفه الشرق الاوسط!
والى جانب الكذب والمبالغة، أظهر سعادة الوزير مهارة خاصة في قذارة اللسان وتلوث البيان، حيث ساهمت جهوده في احياء بعض الكلمات في القاموس السياسي المعاصر ومنها كلمة "العلوج". ولهذه الكلمة عدة اوجه استسمح القارىء الكريم بعض الوقت في شرحها قدر المستطاع في قواميس عدة مثل "لسان العرب" و"اساس البلاغة" و"المنجد".
والعلوج جمع مفرده علج، بكسر العين، ويقول القاموس الاول ما يلي: العلج: الرجل الشديد الغليظ، وقيل هو كل ذي لحية، والجمع اعلاج وعلوج، والعلج كذلك: الرجل من كفار العجم، او الكافر عموما، حيث يقال للرجل القوي الضخم من الكفار، علج.
وفي الحديث: "فأتني بأربعة اعلاج من العدو".
وفي حديث قتل عمر قال لابن عباس: قد كنت انت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة.
وتقول القواميس الاخرى: العلج: الحمار، وكل شديد غليظ من الرجال. وغلام مستعلج الوجه اي غليظ الوجه، ونقول كذلك: اعتلجت الامواج، واعتلج القوم اي اقتتلوا.
وفي الجزء الاخير من كتاب ضحى الاسلام لاحمد أمين ان الشاعر اسماعيل بن سيار كان يتغنى دائما بمجد الفرس، ودخل على هشام بن عبدالملك في خلافته فاستنشده فأنشده قصيدة، فغضب هشام وقال: أعلي تفتخر، وإياي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك؟
وجاء في مكان آخر من الكتاب نفسه نقلا عن ابن قتيبة:
و"أما الجزيرة أي الأجزاء الشمالية الغربية من العراق فحرورية مارقة، وأعراب كأعلاج، ومسلمون في أخلاق النصارى، واما اهل الشام فليس يعرفون إلا آل سفيان، وطاعة بني مروان.. الخ" "ص8، 30" وكانت الضخامة البدنية بعض ما يلفت نظر العرب في الايرانيين وبخاصة اهل خراسان التي كانت يومذاك تضم افغانستان واجزاء من اسيا الوسطى.
فنرى أحد زعماء العباسيين مثلا يوصي دعاته بالاهتمام بها والتركيز عليها: "عليكم بخراسان، فإن هناك العدد الكثير والجلَد الظاهر، وصدورا سليمة وقلوبا فارغة لم تتقسمها الاهواء، ولم تتوزعها النحل، ولم تشغلها ديانة، ولم يتقدم فيها فساد.. وهم جند لهم أجسام وابدان، ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب، واصوات هائلة، ولغات فخمة تخرج من افواه منكرة".
استخدم بعض الكتاب العراقيين والشوام كلمة العلج والعلوج في تحقير غير العرب ممن يردون عليهم في مقالاتهم وكتبهم. واذكر انه ربما قرأت في هذه المؤلفات تعبير "علوج الافغان".
ذلك ان الشعور القومي في العراق، بعكس المناطق الاخرى، كان يتسم بالحدة العنصرية وعدم الاكتفاء بالتحديد الثقافي اللغوي للعروبة.. ولقد التقف البعثيون هذا التوجه، وطوروه باتجاه مؤسسة واسعة، ثقافية وسياسية، لاضطهاد ذوي الاصول الايرانية بل الكثير من الشيعة.
على كل حال، نتمنى ان تطوى سريعا صفحة هذا النظام المجرم الذي زرع هذه الاحقاد والعداوات، وان تستقر الأخوة والتقارب بين العرب والايرانيين والاكراد، وان يتمسك السنة والشيعة جميعا بالنضج الديني والسياسي، بعد كل ما عانت المنطقة من مآس وحروب.
عن جريدة الوطن الكويتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.