ابسط عقلاء الشارع العربي لم يكن يتوقع ان تنتهي معركة بغداد الى لغز محير بدءا من مصير الاخ المغامر صدام ورفاق البعث الاشاوس ومرورا بدخول قوات بلير وبوش لبغداد بكل يسر واطمئنان ونهاية بحالة الفوضى التي عمت مدن العراق الكبرى من الرعاع والدهماء والعلوج ان جاز التعبير على رأي طيب الذكر (الصحاف) والذي كان في نظري شغلة جدا ممتعة صباح كل يوم بعد الحفلات المسائية الصاخبة التي تحييها فرق الروك اند رول الانجلو امريكانية على رؤوس العراقيين المساكين الذين لاناقة لهم ولا بعير من البرنامج.. وايا كانت الترتيبات والصفقات التي تمت لرموز السلطة الفارطة فان مايهم العراقيين اليوم هو توافر الحاجات الاساسية كالغذاء والدواء والامن والتي هي في ايدي امريكا المهمومة بالترتيبات السياسية والادارية للبلاد وفقا لمعادلاتها الجيوبوليتيكية التي تقول بنظام موال لواشنطن ومرتبط في تنميته وبرامجه التصنيعية والتجارية الاقتصادية بالانظمة الامريكية مباشرة.. ولعل تبرير واشنطن بان مايجري من فوضى في العراق شيء طبيعي لغياب سلطة امنية في البلاد فهذه مردود عليها بان واشنطن السبب في حدوث الفرغ الامني الحالي بحملتها العسكرية التي يبدو جلبا ان تفكيرها لم يتجاوز مسألة ازاحة صدام عن الحكم ودونما ادنى حسابات لمرحلة مابعد الازاحة هذه.. والاسوأ بطبيعة الحال، ان استمرت امريكا في التعاطي مع الوضع الحالي في العراق بنفس اسلوب افغانستان من حيث تنصيب نظام سياسي جديد بمعيار الصقور في البنتاغون والامن القومي واغفال متغيرات عرقية وعقدية مؤثرة في التركيبة الاجتماعية العراقية وفي النظام السياسي الاجتماعي للعراق.. ولكن يبدو - والله اعلم - ومن واقع مايروج عن الجنرال غارنر الذي سيتسلم السلطة ليدير امور العراق اليومية ان واشنطن مهمومة برموز امثال الجلبي وغيره من المعارضة خارج العراق ودونما ادنى تفكير في الكيفية التي ينظر لها المواطن العراقي لهذه الرموز والتي قد تصبح مجرد زعامات حملتها الدبابات للسلطة مجددا.