عزيزي رئيس التحرير المتتبع لحاضر ومستقبل أبنائنا يلحظ ظواهر شاذة وغريبة عن طبيعة المجتمع فالكثير يتساءل.. ماذا حصل؟ وكيف حصل؟ ولماذا حصل؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ دون ان نفكر في سبب ذلك؟ وكيف يمكن مواجهته؟ ان الاهمال الأسري وضعف العلاقات بين الآباء والأبناء وفقدان التواصل والضوابط والقدوة الحسنة واعتبارهم كائنات بشرية متمردة، دونما إدراك وفهم لطبيعة المتغيرات الحضارية المحيطة بهم والمتمثلة في العولمة, والانفجار المعرفي المفتوح الذي أثر على ثقافة ووعي وسلوك الأبناء مع تجاهل وجودهم وهتك آدميتهم وبراءتهم مما جعلهم يعيشون حالة توهان وذوبان يصعب تجنب الوقوع فيها فانعدام لغة الحوار والاتصال المتبادل بين الآباء والأبناء ووضع سياج من السرية والرقابة المشددة واتباع أسلوب العنف والعنف المضاد بحجة اصلاح الأخطاء أفقد الأبناء مع مرور الوقت القدرة على اتخاذ القرار المناسب مع عدم القدرة على المواجهة في الظروف الصعبة كالحوار والجرأة في التعبير لتعطل وظيفة اللغة فتعثر الأبناء في طلب المعرفة مما أثر على وعيهم بأنفسهم وبالآخرين. ان الخلل الذي أصاب التربية الأسرية من خلال غياب الصورة الأبوية السليمة في عيون الأبناء أدى بهم الى الاتجاه لمشاهدة الفضائيات المتعددة الثقافات والتي تجاوزت كل الخطوط الخضراء والصفراء والحمراء حيث استفادت من هذه الفجوة بين الآباء والأبناء فقامت تمارس الدور الأبوي خاصة في السن الحرجة من العمر مرحلتي الطفولة المبكرة والبلوغ والمراهقة مما أدى الى اختلاف وجهات النظر بين الآباء والأبناء لما يواجهه الأبناء من تناقض فيتجهون للبحث عن مصادر أخرى مما ندع في نفوسهم السيطرة واللجوء الى العنف او التقوقع داخل الذات والتفكير في صمت دون تشجيع على معرفة ماهية الأبناء من حولهم, او التعبير عن مكنون نفوسهم بحرية لإشباع رغباتهم والفطرية ولاستكشاف العالم من حولهم, كذلك عجزت المدرسة في ان تكون المنزل الثاني فلم تعد البيئة التربوية والتعليمية الصالحة موجودة لتقوم بدورها الحقيقي لعجز المناهج عن تحقيق أهدافها لعدم احتوائها على الفكر والمعرفة ولغة الحوار والتواصل وقواعد التعامل المناسب, فلم يسلم الأبناء من التهديد والوعيد من المعلم والمرشد والإدارة عندما يستفسرون عن شىء من صميم المنهج او عن شىء يجهلونه يؤمرون بالسكوت لان هذا عيب وعليهم فقط حفظ الدروس دون نقاش ليكونوا أبناء "شطارا", فظهر جيل مشوه مزدوج السلوك والتناقضات.. والشواهد هذه الاخفاقات في المجال التعليمي من خلال مخرجات التعليم العام والجامعي والمهني والفني. هذا الأسلوب المتبع دونما تفكير في الاصلاح بالارشاد والقدوة الحسنة ومحاولة التقرب منهم والاستماع لمعاناتهم وتقديم المساعدة لتجاوز أزماتهم زاد من حدة المبالغة في ردة الفعل والارتجال والارتباك فزاد التقريب والتخلف فظهر قلق التردد الخوف عدم الثقة بالنفس وبالآخرين فكان الاحباط والعزلة فالاغتراب. ان التعامل مع الأبناء يجب ان يبنى على قاعدة الاحترام المتبادل وليس الخوف والرهبة وهذا يتطلب حكمة ورجاحة عقل وتفكيرا فالأبناء لا يريدون آباء بالهوية بل آباء أصدقاء. فهل أدركنا أين نقف؟ وماذا نفعل؟ لتفعيل قيم الخير والحب والعدل من خلال اعادة تنظيم أساليب التربية الاجتماعية والاخلاقية وبذل الجهد الصادق لتصحيح الأوضاع وعدم التذرع بالحاجة لموقف حازم او اجراء قانوني والاعتراف بلوم أنفسنا قبل ان نلوم غيرنا ونعترف بأننا لم نبذل الجهد المخلص لتحمل مسؤولية التربية والتوجيه والمتابعة حتى يمكن ابعاد الأبناء من الفراغ القاتل, وسوء الفهم, ومغريات الحضارة المعاصرة بكل وسائلها وأدواتها المتاحة من تعدد مصادر العلم والمعرفة وتقنية الحاسوب والانترنت مما زاد من صعوبة ومهمة القائمين على شؤون التعليم. هذا الفهم يقودنا الى التعامل المناسب مع الأبناء بطريقة نحترم فيها حق الأبناء في الاختلاف وإبداء الرأي وهذا يتطلب. تفعيل دور الأسرة للقيام بدورها خاصة تنمية الوعي الديني. توفير البيئة المدرسية المناسبة لتطوير الشخصية واشباع الحاجات لتطوير الفكر والإبداع. وضع رؤية واضحة ووسيلة جديدة لتأصيل مفهوم الانتماء والوطنية تتناسب وظروف العصر. التحضير لكل مرحلة من مراحل النمو بتعهد الجوانب المختلفة لهذه التغيرات بوضع برامج متابعة لتعديل السلوك ولنشر الثقافة التربوية والصحية والاجتماعية. اقامة لجان لحماية الأبناء الذين يتعرضون للعنف الجسدي والنفسي والجنسي داخل الأسرة او خارجها. عبدالله بن علي الآنسي الطائف