عزيزي رئيس التحرير أثار فيض قلمي ما خطته يد الأخت (ليلى باهمام) يوم السبت الموافق 17 شوال 1423ه بعدد 10781 في زاوية (نهار جديد) بما تحدثت فيه عن قسوة بعض الأباء على ابنائهم ونتائجها السلبية على نفسياتهم وليت الأخت ليلى اسهبت في طرح الموضوع وبوضوح اكثر حتى يتسنى لنا الخوض في زمامه والحديث بواقعية أعمق وأشمل لما للموضوع من أهمية تستحق الوقوف والتأني. مما لاشك فيه ان للأب الدور الفاعل من حيث اهميته في ايجاد جو من الود والالفة داخل محيط الاسرة وهو المصدر للامان النفسي والاستقرار العاطفي , والقوة التي يتشبث بها الأبناء لردع متقلبات الحياة وهمومها , والقدوة الصالحة والنموذج الأمثل الذي يسيرون على نهجه وينهلون من نبع أخلاقه ولكن عندما ينقلب السلوك الطيب والمشاعر العاطفية الجياشة الى نوع من القسوة والحرمان العاطفي في جو خال من الحب والحنان كيف يكون رد فعل الابناء؟؟ حتما سيترك هذا السلوك انطباعا وآثارا مدمرة تنتج عنها عواقب وخيمة يظهر مردودها جليا للعيان . ويتضح ذلك الشعور بداية في تصرفاتهم وتعاملهم مع من حولهم ولعل قصة الفتاة التي ذكرتها الأخت ليلى واقعة من الوقائع التي تشهد مساوئ قسوة الآباء على ابنائهم والاسباب مختلفة يطول شرحها منها على سبيل المثال: الطلاق وتزعزع العواطف او المشاكل التي تنشأ بين الوالدين داخل محيط الأسرة والضغوط التي يعانونها , فينشأ الابناء في جو خال من الامان النفسي ومن الحب والعطف والمشاعر الجميلة التي هي البذرة الأولى التي تنغرس في نفوس الابناء حتى الكبر وقد ارتووا واشبعوا عاطفتهم بتلك المشاعر والاحاسيس الشفافة التي تكبر داخلهم ثم يفرقونها على ابنائهم فيما بعد. ولندرك مدى الدور الكبير الذي تلعبه البيئة والمحيط الاجتماعي اللذان ينشأ فيهما الأب والتربية التي تلقاها منذ الصغر في تكوين شخصيته ومنهجه في الحياة فالذي تربى على جفاف المشاعر والغلظة في المعاملة وكبت شعوره الداخلي وعدم ابداء رأيه وتفريغ شحنة الحب داخله تجعله متبلد الاحاسيس جاف المشاعر خاليا من العاطفة وجمالها وبذلك يطبقها على ابنائه , واشباع الحاجة العاطفية للابناء والاهتمام بهم والاستقرار الاسري أمور لا ينبغي للوالدين تجاهلها بل هي أهم من الملبس والمشرب والمأكل , ومن ثم فأولئك الذين حرموا حنان الوالدين والاهتمام بمشاعرهم وعاشوا في جو يفتقد لهذا الإشباع هؤلاء يعانون مشاكل جمة في حياتهم النفسية والأسرية وان المعاملة السيئة والقسوة الزائدة دون مراعاة للمشاعر سبب في نمو الحقد والعداوة والكراهية في نفوس الأبناء وايجاد العقد النفسية والاضطرابات السلوكية , فتضعف شخصية الابن وتتكون لديه الانحرافات الاخلاقية كالكذب والسرقة وحب الانتقام والكراهية لمن حوله , او يولد لديه الخضوع والذل والانصياع والاستكانة. قال أحد الكتاب : من زرع الشوك لم يحصد الورد وقبل الختام أصوغ اليكم هذه القصة المؤثرة لأحد الآباء الذي ندم اشد الندم على ضياع ابنه وانحرافه والسبب قسوته واهماله يقول الاب : نشأ ابني في جو خال من الحب والود بيني وبين والدته فما يمر يوم الا ويزداد الخلاف بيننا , مما زعزع الطمأنينة داخله. حاول الخروج من جو المنزل المشحون قهرا وذلا فلجأ الى المسجد وهناك تعرف على صحبة صالحة التحق معهم في دورة لحفظ القرآن لكن ما ان علمت بذلك حتى وبخته وصببت جام غضبي عليه وطلبت منه عدم الذهاب الى المسجد خشية ألا يهتم بدروسه وليتني لم أفعل , انصاع الولد لأوامري وترك الحفظ والصحبة الصالحة وقبع داخل المنزل يخفي آلامه ويكتم مشاعره الحزينة , ضاقت به الأرض ما رحبت وسارت بنا الأيام على مهل الا ان أتى ذلك اليوم .. تعرف ابني على بعض رفقاء السوء وأدمن معهم المخدرات واصبحت حالته سيئة .. ادخل على اثرها المستشفى وذلك بسبب اهمالي وتقصيري وذهبت اليه لأزوره وكانت الصاعقة أن طردني من الغرفة وهو يردد على مسمعي هذا ما جنيته علي يا أبي , هذا زرعك وحصادك خرجت تلوكني الحسرات وتخرج من نفسي الآهات.. آه لقد ضيعت ابني بيدي .. نعم هذا ما أوجدته القسوة ونتائجها المدمرة دون رحمة. @@ فاطمة محمد الخماس