أرسى الاتحاد الاوروبي علامات تاريخية بارزة عام 2002 بتبني 12 دولة من أعضائه العملة الموحدة (اليورو) في كانون ثان/يناير الماضي، واجتماع قادة الاتحاد في كوبنهاجن منتصف كانون أول/ديسمبر لاتخاذ قرار تاريخي بشأن توسع الاتحاد شرقا بحلول عام 2004. غير أنه من المتوقع بالنسبة للشهور الاثني عشر القادمة أن تكون اللحظات التاريخية محدودة وأن يتم التركيز بشكل أكبر على العملية الروتينية لتجهيز آلة الاتحاد الاوروبي للتوسيع عام 2004. لكن كلمة الاصلاح، والمزيد من الاصلاح ستكون الكلمة الرنانة في بروكسل وغيرها من عواصم دول الاتحاد الاوروبي فيما تتسابق الحكومات عبر مختلف مناطق الاتحاد للتكيف مع القواعد والقوانين الاصلية للاتحاد حسبما يلزم لتكتل مختلط سيضم 25 بلدا سيكون من بينها، ليس فقط مالطا وقبرص الصغيرتان، بل أيضا بولندا العملاقة في شرق أوروبا، وسبع دول أخرى شيوعية سابقة. وسيتم الاسراع بالعمل في الاتفاقية الاوروبية بشأن الاصلاح الدستوري حيث من المتوقع أن تتقدم حكومات الاتحاد الاوروبي في وقت لاحق من عام 2003 باستعداداتها الخاصة بشأن معاهدة جديدة لاتحاد جديد موسع. ولكن برغم الجهد الشاق الذي سيجتازه الاتحاد للقيام بالتعديلات، فسيكون بإمكان صناع السياسات به أن ينظروا بفخر لما تم إنجازه في عام 2002. لقد بدأ العام بإطلاق الالعاب النارية والاحتفالات فيما تحولت حكومات اثني عشر بلدا من بلدان الاتحاد الاوروبي تحولا سلسا من عملاتها الوطنية إلى عملة واحدة هي اليورو. وفيما كان مواطنو منطقة اليورو المندهشون يصطفون في طوابير أمام آلات الصرف الآلي والبنوك ومحلات السوبر ماركت لتسلم العملة المعدنية اللامعة وأوراق النقد الجديدة من اليورو في حافظاتهم والتعامل بها، ازدادت الآمال في أن اليورو سيصبح منافسا للدولار الامريكي القوي. ولكن أداء اليورو في أسواق صرف العملات ظل متذبذبا يقفز سعره ليتعادل مع سعر الدولار وربما يتجاوزه قليلا على نحو ما حدث في الصيف ثم يتراجع سعره تارة أخرى إلى مستويات أقل. وازدادت متاعب منطقة اليورو سوءا مع توقع المفوضية الاوروبية بنسبة نمو متواضعة لعام 2002 قدرها 0.8 في المائة ترتفع إلى 1.8 في المائة عام 2003. ثم حدث في تشرين ثان/نوفمبر أن أطلقت المفوضية أول طلقة في أول سابقة توبيخ رسمية بشأن الميزانية ضد ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد بين دول منطقة اليورو. فقد أعلنت المفوضية أنها تطلق ما يسمى (إجراء تجاوز العجز) ضد برلين بعدما أظهرت التوقعات أن ألمانيا تنتهك قوانين منطقة اليورو التي تحدد نسبة العجز في ميزانية أي دولة من دول المنطقة بما لا يتجاوز ثلاثة في المائة من الناتج القومي الاجمالي. ولم يؤيد بعد وزراء مالية الاتحاد الاوروبي المفوضية في شكواها. وتلقت البرتغال توبيخا رسميا مماثلا فيما تلقت فرنسا التي بلغ العجز في ميزانيتها عام 2002 نسبة 2.7 في المائة ترتفع إلى 2.9 في المائة عام 2003 تلقت (تحذيرا مبكرا) من المفوضية بشأن أوضاعها المالية. لكن ومع نهاية العام وفي ظل نسب النمو الضعيفة وتراجع معدلات التضخم، قرر البنك المركزي الاوروبي التدخل وقام بإجراء أول خفض في أسعار الفائدة منذ أكثر من عام. وأدى هذا القرار الجريء، الذي كانت الأسواق المالية تتوقعه على نطاق واسع، إلى خفض سعر إعادة التمويل في البنك المركزي الاوروبي إلى 2.75 في المائة وهو أقل مستوى له على مدى ثلاث سنوات. وظلت مسألة إعادة رسم الجبهات الامامية للحرب الباردة السابقة في أوروبا تحظى بأولوية كبرى طوال العام. فقد وافق قادة الاتحاد الاوروبي في 13 كانون أول/ديسمبر في كوبنهاجن على خطة التوسع (الكبرى) للاتحاد بحلول عام 2004 والتي بمقتضاها ستنضم عشر دول جديدة إلى الاتحاد وهي: قبرص وجمهورية التشيك واستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا. وتم تحديد عام 2007 موعدا لدخول بلغاريا ورومانيا. غير ان الصراع حول تكاليف تمويل التوسع الجديد كان شديدا، حيث طالبت الدول الاعضاء الجديدة بقدر أكبر من الاموال لتسهيل اندماجها في الاتحاد، فيما أصرت ألمانيا الممول الاكبر للاتحاد على أنها لا تستطيع تقديم المزيد. وفي النهاية نجح قادة الاتحاد الاوروبي في إقناع الاعضاء الجدد عبر التوصل إلى صفقة مالية أخف تزيد من صفقة الدعم الزراعي والمساعدات المقدمة للدول المرشحة للعضوية الجديدة وقدرها 40.4 مليار يورو، بمقدار 400 مليون يورو أخرى. لكن سيتعين تصديق برلمانات معظم الدول المتقدمة للعضوية الجديدة ودول الاتحاد الاوروبي الخمسة عشر على اتفاق كوبنهاجن لتوسيع الاتحاد. وسيوقع القادمون الجدد معاهدات الانضمام في أثينا في 16 نيسان/إبريل عام 2003 وينضمون إلى الاتحاد الاوروبي في الاول من أيار/مايو عام 2004. وفيما فتحت أوروبا أبوابها لعشر دول جديدة، تم إبلاغ تركيا أن قادة الاتحاد الاوروبي سينتظرون حتى كانون أول/ديسمبر عام 2004 قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيحددون موعدا لبدء محادثات الانضمام مع أنقرة. ولكن في تطور إيجابي حدث في اللحظة الاخيرة حصلت أنقرة على وعد بأن تبدأ هذه المفاوضات (دون تأخير جديد) عن ذلك شريطة أن تحصل تركيا على شهادة صلاحية سياسية. وكانت تركيا تريد أن تبدأ المفاوضات الفعلية العام القادم. وبنهاية العام وفي دفعة جديدة إلى الامام في وضعه الدولي، وقع الاتحاد الاوروبي اتفاقية تعاون طال انتظارها مع حلف شمال الاطلنطي (الناتو) تعطي لقوة رد سريع أوروبية قوامها 60 ألف رجل، سيتم انشائها في المستقبل، الحق في الوصول للهياكل العسكرية والتخطيطية للحلف. وتهيئ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية السبيل أمام عمليات أمنية ودفاعية أوروبية بحلول العام القادم ربما تشمل نشر قوات من الاتحاد الاوروبي في مقدونيا والبوسنة. زعماء اوروبا نجحوا في انهاء التقسيم