منذ عهد الأستاذ سعد الجريس، والإذاعة السعودية تخطو بخطى ثابتة ورائعة، نحو تطوير برامجها وتطوير مذيعيها. وعندما استلم دفة السفينة الإذاعية أبو هاشم الأستاذ الخلوق صالح المرزوق، وتربع على عرش أهم إذاعة عربية في العالم. كان إحساسه أنه تكليف لا تربع تشريف، هكذا أحس هو بذلك، بدليل هذا العمل المتواصل والمكثف من الإشرافات والاجتماعات والتوجيهات والعمل الدءوب. والذي حوَّلَ مبنى الإذاعة إلى خلية نحل تعمل ليل نهار، وكلٌّ يعطي في مجاله وحسب طاقته. كل هؤلاء وغيرهم ولجوا أبواب الإذاعة وهم يحملون على عواتقهم هَمَّ المسئولية، وهَمَّ التطور، وهَمَّ الإبداع الإذاعي، والحب، والولاء للوطن، فتميَّزت البرامج بالإعداد الإبداعيكانت الإذاعة، قبل ربع قرن أو يزيد، تفتقر إلى البرامج الحيوية المباشرة والجماهيرية إلا قليلاً مما قدمه الدكتور بدر كُرَيِّم (جايب لي سلام) وذلك قبل الدكتوراة.. أو ما يقدمه الأستاذ غالب كامل أيام شبابه، مثل: برنامج أبشر، وغيرهم من المذيعين الشباب آنذاك، ولكن عندما انطوت تلك الحقبة، وفرض التغيير والتطوير نفسه على كل شيء، فتحت الإذاعة ذراعيها لاستقبال نخبة من المذيعين الشباب، فجاء عدد لا يستهان به من المذيعين المتعاونين. فاحتضنتهم، وشجعتهم، وفتحت المجال الأرحب لهم، بالممارسة والتدرب، وامتصاص خبرة الرعيل المخضرم، مثل: الأستاذ خالد الشهوان، والأستاذ الراجح، والأستاذ القنيعي، وغيرهم من المذيعين الأفاضل، تحت إشراف أساتذة ثقات، يحبون وطنهم، ويحاولون جهدهم أن يضعوا لبنة قوية في إعمار وطنهم، كالأستاذ: الصلهبي، والحارثي، ومحمد بن نهار، وغيرهم. حتى تشكل جيل جديد من المذيعين والمعدين والمخرجين، الذين نبض في عروقهم دم الشباب والفتوة، كالأَساتذة: خالد الغانم، وطلال النفيسة، وأحمد المالكي، ومحمد العقيلي... كل هؤلاء وغيرهم ولجوا أبواب الإذاعة وهم يحملون على عواتقهم هَمَّ المسئولية، وهَمَّ التطور، وهَمَّ الإبداع الإذاعي، والحب، والولاء للوطن، فتميَّزت البرامج بالإعداد الإبداعي من أمثال البرامج الاستشارية: «حياكم»، و«مسانا غير» للأستاذ ناصر الجميعة.. و«الهوى هوانا» للأستاذ والشاب المرح والمتألق فارس العيد، وكذلك إن أنس لا أنس برامج «حوار الحرائر» للأستاذة الإعلامية الرائعة دعاء البحطيطي، و«بريق امرأة» و«مرافئ» و«أقوال في الغربال» للأستاذ الغانم.. أما الأستاذ خالد الشهوان فهو الصوت المثقف، القادر على أداء الخبر والقصة القصيرة والقصيدة العربية والحوار الاجتماعي والسياسي، وهذا برنامجه (الإذاعة في خمسين عاماً) يقدمه بروح الابن الوفي للإعلام والإذاعة بشكل خاص، والذي يأتي يوم الجمعة ويأبى الشاب الطموح إلا أن يعلن عن نفسه بصوت شبابي مرح أنيق وهو الأستاذ أحمد المالكي في ليل وسمر، وكذلك الأستاذ خفيف الظل محمد العقيلي في «صوت المواطن»، وهو برنامج له نكهته الوطنية والعاقلة في طرح بعض المشاكل الاجتماعية بلغة حوارية هادئة، وهذا البرنامج يومي، إن الإذاعة السعودية قامت على دعامات تراكمية قوية.. فمنذ عهد زهير الأيوبي والغلاييني وماجد الشبل -شفاه الله- وغالب كامل، والدكتور بدر كريم، والدكتور علي الخضيري، والدكتور عايض الردادي، إلى عهد الأستاذ الإعلامي العظيم (أبو أحمد) إبراهيم الصقعوب، الذي ترجل عن صهوة جواده الإذاعي بعد أن بلغ مبلغ الرواد في المناصب الإدارية (مدير عام.. ووكيل وزارة الإعلام لشئون الإذاعة) ترجل ليسلم الراية لآخر من أبناء الوطن المخلصين. فَشَكَرَ الله لك يا أبا أحمد في يوم تسلمك وظيفة مذيع، وسلام عليك يوم تقاعدك، وأمدك الله بالصحة، فأنت ممن تَعَلَّمَ على صوته وأدائه وإعداده الكثير.