كنت اقول بالامس ان الاعلان الناجح لا يكتفي بالتقريب بين اصحاب السلع والخدمات والبضائع الاساسية او الكمالية وبين جمهورهم وحسب وانما يسعى قدر الامكان للارتباط بالبيئة المحلية بكل موروثاتها الرمزية والتي تمثل هوية العقلية الجماهيرية.. صحيح نحن مجتمعات مستهلكة واسواقنا مفتوحة امام منتجين عالميين يرتبطون بوكالات عالمية اعلانية وببلايين الدولارات سنويا في محلاتهم التسويقية لمنتجاتهم والتي من جانبها ترتبط بوكالات اعلان محلية تقوم بمهام اعادة هيكلة ان صح التعبير للرسالة الاعلانية بما يعزز من رواج السلعة او الخدمة في مجتمعها.. وللاسف كثيرا ما لجأ الوكيل المحلي للمنتج العالمي او حتى الوكالة الاعلانية المحلية الى ترجمة النصوص لا اقل ولا اكثر ودونما بذل الجهد الابتكاري المطلوب. فالاعلان يقدم معلومة عامة او خاصة حسب طبيعة المنتج. فالبعد التثقيفي للاعلان في المجتمع مسألة في غاية الاهمية لافراد المجتمع. ومن الطبيعي ان تكون الرسالة الاعلانية في مكوناتها الفكرية والترفيهية والمعلوماتية مرتبطة بثقافة السائد في المجتمع على الاقل لحماية الثقافة المحلية من التغييب امام ثقافة المنتج والوكيل الاعلاني الدولي.. الاعلان اليوم طغى على الرسالة الاعلامية المشاهدة والمقروءة والمسموعة، بل اصبح الاعلان هو الرسالة ان شئنا في وسائل الاعلام وهذا بالتأكيد بعد بالغ الاهمية في مسألة التعددية الثقافية وضرورة ارتباط الرسالة الاعلانية بخصوصية الهوية الاجتماعية للمجتمع. وهذا يحتاج الى اعادة نظر في مسائل الترخيص المهني لوكالات الاعلان واستصدار نظام خاص بالمهنة الاعلانية محليا يأخذ في الاعتبار حماية الهوية الثقافية للمجتمع خاصة في ظل حالة الفوضى من قذف المجتمع بأساليب هجينة ليست لها علاقة بمجتمعنا في الغالب الاعم من الاعلانات هنا.. قناعتي ان توطين صناعة الاعلان خطوة ممكنة بمعاهد متخصصة في تدريب كوادر وطنية من خريجي الاعلام وغيرهم من خريجي اقسام الفنون على كافة مراحل هذه الصناعة بدءا من الافكار والشعارات والرموز المحلية التي تمثل ثقافتنا الشعبية.. الاعلان اليوم لايروج السلع والخدمات وانما يشكل عقلية البني ادم. والله يستر.