قال مسؤولون ومحللون امريكيون انه بتواصل الهجمات الجوية على اهداف عراقية يكثف الرئيس الامريكي جورج بوش الضغط على بغداد لكن ادارته لا تزال منقسمة على نفسها بشأن ما يبرر شن حرب واسعة النطاق على العراق. وبعد ان قاد بوش جهودا جديدة لنزع سلاح العراق من خلال استصدار قرار جديد لمجلس الامن كثف الرئيس الامريكي هذا الاسبوع من حربه الكلامية وان اتخذ في الوقت نفسه موقف الانتظار مع استئناف مفتشي الاممالمتحدة على الاسلحة لمهمتهم في العراق. لكن مع تواصل تحدي الرئيس العراقي صدام حسين للولايات المتحدة وبريطانيا وتصدي الدفاعات الجوية العراقية للطائرات الامريكية والبريطانية التي تطبق الحظر الجوي الذي تفرضه واشنطنولندن فوق شمال العراق وجنوبه ومع اقتراب موعد المهلة التي حددتها الاممالمتحدةلبغداد للكشف عما تمتلكه من اسلحة دمار شامل لم يعد واضحا الى اي مدى يمكن ان يستمر صبر امريكا. وقال انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو خبير عسكري في المنطقة لا يوجد توافق في الاراء داخل الادارة بأي شكل من الاشكال. وقال لرويترز ان المسؤولين الذين يعتقدون ان الحرب مع العراق حتمية وضرورية يميلون الى الالتزام بادنى حد من الصبر قبل التحرك عسكريا ضد العراق مقارنة بمن يرى انه سواء كانت الحرب حتمية ام لا فعلى واشنطن ان تتعاون لاقصى درجة ممكنة مع المجتمع الدولي. وصرح مسؤول من وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون بان ما ستعتبره واشنطن عملا يبرر الحرب لا يزال قيد البحث. وقال الامر موضع بحث ونقاش في قطاعات عدة من الحكومة ولا يزال هناك انقسامات. واضاف قوله هناك من يريدون التحلي بقدر من الصبر ومن يريدون مبررا للتحرك باي ثمن. وخرج كولن باول وزير الخارجية الامريكي وهو صوت معتدل يحاول نزع سلاح صدام سلميا منتصرا فيما يبدو حين وافق مجلس الامن في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني بالاجماع على ارسال مفتشي الاسلحة الى العراق بعد غياب دام اربع سنوات. لكن الخلافات داخل الادارة استمرت وتمحورت حول ما ستعتبره واشنطن عملا يبرر شن حرب على العراق. وقال مسؤولون وخبراء امريكيون انه اذا اقدم صدام على ما وصفه احد المحللين بانه شيء فظيع مثل اسقاط طائرة تابعة للامم المتحدة او منع المفتشين من دخول موقع مشتبه به سيسود منطق الحرب. لكن اي شيء اقل من هذا سيدخل في اطار منطقة رمادية تحتمل تفسيرات عدة لسلوك العراق مما يؤخر اتخاذ قرار واضح بشأن النزاع العراقي. وهناك عدد من النقاط التي يمكن ان تفجر الموقف. اولها ما اذا كان اطلاق النيران العراقية على الطائرات الامريكية والبريطانية التي تجوب منطقتي الحظر الجوي يشكل انتهاكا ماديا لقرار مجلس الامن الجديد ومن ثم مبررا كافيا لشن الحرب. وكانت الولاياتالمتحدة وبريطانيا قد فرضتا منطقتي الحظر الجوي في اعقاب حرب الخليج بزعم حماية اكراد الشمال والجنوب من قوات الرئيس العراقي. وتصر الولاياتالمتحدة ان في مهاجمة الطائرات الامريكية والبريطانية خرقا للقرار الجديد بينما ترى معظم الدول الاعضاء في مجلس الامن غير ذلك وهو الرأي الذي ايده ايضا كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة. وبالرغم من ذلك لا يبدو ان الادارة الامريكية عازمة على تحويل هذه المسألة الى ازمة. وقال مسؤول في البنتاجون لا اعتقد ان قضيتنا ستقوم على ان اطلاق العراق النار على الطائرات الامريكية والبريطانية هو مبرر للحرب. واضاف في محاولة لتهدئة مخاوف الحلفاء الذين قد تحتاج واشنطن الى مساعدتهم في الحرب وما بعدها يجب ان نبدو هادئين وصبورين ولا نصدر امر اطلاق النار بسبب الحظر في الشمال والجنوب والا سينقلب الموقف علينا. اما النقطة الثانية التي يمكن ان تفجر الموقف فهي البيان الذي يجب على العراق ان يقدمه في الثامن من ديسمبر كانون الاول للامم المتحدة معلنا عن اي اسلحة دمار شامل لا يزال يمتلكها وكل المنشآت المدنية والمواد ذات الصلة. وفي كلمته امام قمة حلف شمال الاطلسي في براج هدد الرئيس الامريكي بغداد بلهجة عنيفة قائلا ان صدام في مرحلته الاخيرة اذا نفى امتلاك اسلحة دمار شامل في بيانه المقدم الى المنظمة الدولية. كما هدد بوش بعواقب وخيمة اذا لم يكشف صدام عن ترسانته العسكرية كاملة. لكن هل يعني هذا الحرب بعد الثامن من ديسمبر كانون الاول. وصرح مسؤول اوروبي رفيع مطلع على الاجتماع الذي عقده بوش مع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني في براج يوم الخميس بان البريطانيين خرجوا من الاجتماع وهم على قناعة بان بيان الثامن من ديسمبر كانون الاول لن يتخذ مبررا للحرب. وقال المسؤول ان الاتفاق على ان العراق انتهك ماديا قرار مجلس الامن سيستند الى تقرير مفتشي الاممالمتحدة بعد ان استأنفوا العمل في العراق لا على بيان الثامن من ديسمبر كانون الاول فقط. وقال مسؤول من البنتاجون انه اذا نفى صدام امتلاكه لاسلحة الدمار الشامل فذلك سيكون مؤشرا جديدا على تحدي العراق للمجتمع الدولي وستحرك الولاياتالمتحدة المزيد من القوات الى منطقة الخليج. واضاف ان الحشود العسكرية الجارية منذ اشهر تجعل امام الولاياتالمتحدة شهرا او شهرين لتصل الى مستوى الاستعداد الامثل لكنه استطرد قائلا انه اذا دعت الضرورة نحن مستعدون للذهاب في اي وقت للحرب مع العراق. وقد حذر وزير الخارجية الاميركي كولن باول في تصريح لشبكة ان.بي.سي من مضاعفات اذا كانت اللائحة التي سيقدمها العراق عن برامجه لاسلحة الدمار الشامل في الثامن من كانون الاول ديسمبر المقبل، ناقصة ومجتزئة. وقال وزير الخارجية الامريكي اذا ما اتضح من خلال هذه اللائحة انه يسعى الى التلاعب على غرار ما فعل في الماضي، ولا يتعاون ويسعى الى عرقلة عمل المفتشين، فان ذلك سيكون اشارة قوية للمجموعة الدولية تتعلق بما يمكننا القيام به في المستقبل. واضاف باول الذي كان يتحدث من براغ حيث رافق الرئيس جورج بوش الى قمة حلف شمال الاطلسي اعلنا صراحة انه اذا لم يتعاون صدام حسين، فان نزاعا يمكن ان يحصل مع العراق. ويلزم قرار مجلس الامن 1441 حول تشديد عمليات نزع السلاح العراقي، بغداد بأن تقدم في الثامن من كانون الاول/ديسمبر لائحة كاملة ببرامجها ومخزوناتها من اسلحة الدمار الشامل. وتؤكد بغداد انها لا تمتلك مثل تلك الاسلحة فيما تتهمها الولاياتالمتحدة بحيازة مخزونات من الاسلحة الكيميائية والجرثومية وتسعى الى حيازة السلاح النووي. واكدت الولاياتالمتحدة انها لن تتساهل حيال تخلف العراق عن القيام بواجباته، وتهدده بتدخل عسكري سواء وافقت الاممالمتحدة ام لا اذا ما عرقل عمل مفتشي نزع السلاح.