كانت دورة (مؤسسة جائزة عبدالله بن سعود البابطين للابداع الشعري) الاخيرة في البحرين عن ابن المقرب اشبه بالشرارة التي اشعلت فتيل الاهتمام بهذا الشاعر العملاق بعد ان ظل قرونا غافيا في ذاكرة التاريخ, حتى قدر له ان يستيقظ عملاقا متألقا كما هي حقيقته على ايدي نخبة من المجاهدين في ميدان الكلمة الذين يعملون بروح الفريق الواحد تحت مظلة (مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري) ويقود هذا الفريق شاعر رقيق العبارة مرهف الحس, عشق الشعر منذ بواكير حياته واخلص له, لكن هذا الاخلاص دعاه للابحار في عالم الشعر بصفة عامة, ولم يقتصر الامر على العناية بشعره فقط, بل بالشعر العربي اينما كان, ان شعره ظل بمنأى عن اهتمامه, ولم يصدر حتى الآن غير ديوان واحد هو (بوح البوادي) يحمل الاصالة بكل معانيها, واشواق الصب المعنى المستهام. ان رحلة ما يقرب من نصف قرن مع الشعر كفيلة بأن يصدر خلالها عشرات من دواوين الشعر المتميز, لكن عبدالعزيز البابطين اهتم بالشعراء الآخرين وشعرهم, ولهذه الغاية أنشأ مؤسسة (جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري) ومكتبة للشعر العربي, وتبني اصدار عشرات الدواوين الشعرية والدراسات النقدية عن الشعر لشعراء ونقاد من مختلف الاقطار العربية, وعقدت المؤسسة دوراتها في اكثر من قطر عربي. كان آخرها (دورة علي بن المقرب العيوني) في مملكة البحرين. ضمن اصدارات هذه الدورة كتاب (علي بن المقرب العيوني حياته وشعره) في المصادر العربية والاجنبية تأليف د. صلاح كرازه. وهو كتاب وثائقي شامل لكل ما وصل اليه المؤلف حول هذا الموضوع, اضاف اليه الباحث في الامانة العامة للمؤسسة الاستاذ عبدالعزيز جمعة ملحقين هامين الاول عن بعض المراجع الاضافية (كتب ومقالات) والثاني عن عدة محاور تتعلق بمخطوطات ديوان ابن المقرب ومقدمة الديوان في طبعة البابطين, اصدارات المؤسسة في هذه الدورة, وكذلك ابحاث هذه الدورة, ولاشك ان اهم اصدارات هذه الدورة هو ديوان ابن المقرب في جزأين بلغ عدد صفحاتهما (1392) صفحة. والكتاب الذي بين أيدينا بدأه مؤلفه بمدخل عن الشاعر الامير علي بن المقرب العيوني وشعره. ثم قسم بحثه على خمسة اقسام في رصد (بيبلوجرافي) شامل القسم الاول عن تعريف القدماء بابن المقرب, والثاني عن ديوان ابن المقرب مخطوطا ومطبوعا, والثالث عن ابن المقرب في كتب التراجم, والرابع عن ابن المقرب وشعره, والخامس عن تاريخ الدولة العيونية, وتلا ذلك الملحقان اللذان اعدهما الاستاذ عبدالعزيز جمعة وختمهما ببيان مخطوطات ديوان علي بن المقرب كما اعدتها المؤسسة عام 2000. وهذا الرصد (البيبلوجرافي) الشامل هو الاول من نوعه في المكتبة العربية, اذ يمكن للباحثين الاستفادة منه في معرفة جوانب عديدة من حياة هذا الشاعر الفذ الذي التقت حياته وشعره باكثر من سبب مع حياة وشعر عمالقة الشعر العربي. وجاء هذا الاحتفال بحياته وشعره ليعلن للنقاد ان شاعرا في الازمنة الرديئة حقق التفوق, وهو جدير بعنايتهم ودراساتهم النقدية.