بعد جهود ومحاولات استمرت سنوات طويلة، وانفق عليها ملايين الدراهم، اكتشفت وزارة التربية والتعليم ان المحاولات المحلية لوضع وتأسيس مناهج متطورة في ميادين العلوم والرياضيات لن تقود المجتمع للنتيجة المطلوبة وهي بالتالي ليست سوى حرث في البحر طال امده، انها بعبارة وزير التربية والتعليم ليست سوى عملية "قص ولصق"! التعبير طريف جداً، وان كان لا يخلو من الاشارة الواضحة إلى الفشل والعبث وسوء التقدير، فكل طالب وطالبة يعرف تمام المعرفة ما الذي تعنيه عملية "القص واللصق" انها ليست سوى محاولة تضييع وقت وابتداع شيء من لا شيء، وهي عملية ترقيع او تجميل سرعان ما تتساقط اوراقها الملونة كاشفة عن الفراغ لااكثر!! اذن الاسلوب المتبع حالياً في وضع المناهج ليس سوى عملية ترقيع فاشلة وذات نهاية محسومة، وعليه فلابد من التوجه نحو العالمية لضمان الجودة والتميز والتفوق، وبالتأكيد فليس هناك من يعترض على سعي الوزارة بكل قياداتها التربوية نحو التميز والتطوير، والخلاص من اختناقات المجال التربوي المعروفة للجميع، لكن السؤال: لماذا التجديف نحو الغرب في اكثر قضايانا خصوصية وخطورة؟ لماذا الاعتقاد الراسخ بأن التطور والتقدم لن يضعه احد لنا على طبق من ذهب سوى الآخرين والغرب تحديداً؟ انه حينما تصر وزارة التربية والتعليم على تطوير بنية المجتمع بشراء المناهج "المتطورة" من الخارج فإنها تقودنا للسؤال مرة اخرى: لماذا تعجز وزارة التربية عن وضع مناهج لطلبة الصف الاول الابتدائي بعد كل مسيرة التعليم الطويلة في الامارات في مادتي الرياضيات والعلوم؟ مع العلم بأن هناك اعداداً من المعلمين والمعلمات من المواطنين المشهود لهم بالكفاءة والاهلية لصياغة المناهج اذا اعطوا الفرصة. ان المجتمع قد يعجز عن صناعة متطورة كالسيارات مثلاً، او انتاج تلفزيوني ضخم، او تخريج جيل من الشباب المؤهل لسوق العمل، او المدرب لممارسة صناعات دقيقة، وذلك عجز قد يجد له من يبرره او يغض الطرف عنه إلى حين، لكن ان تعجز وزارة التربية والتعليم بعد اكثر من 30 عاماً عن ايجاد اقسام مختصة ذات كفاءات وطنية مؤهلة لوضع مناهج لطلبة المدارس ولجميع المراحل فإن هذا امر خطير ويجب الوقوف عنده وبحث اسبابه ووضع الخطط الفورية لعلاجه بحيث تضمن الوزارة ووفق هذه الخطط وجود هذه الاقسام في مدى السنوات الخمس المقبلة على اكثر تقدير، اما تجاهل خطورة الامر والتوجه نحو الحلول السهلة لوفرة الاموال لدينا وذلك بشراء المناهج من الخارج فإن ذلك لن يطور المجتمع ولن ينهض بمستوى التعليم. ان الآخرين المتطورين قد يبيعوننا (اشياءهم) كتبهم او سياراتهم او ادوات الجراحة عندهم او اجهزة الحاسوب لكنهم لن يصدروا لنا معها روح الابداع، وحب العلم واتقان العمل واحترام الوقت، وخصوصية المجتمع واحتياجات طلابنا الحقيقية لاخلاقيات وقناعات وثقافة انسانية يفتقدونها ولن يغرسها فيهم سوى واضعي مناهج مواطنين مخلصين اكفاء ومؤهلين. حرص الوزارة على التطوير نقدره حق قدره، لكننا نتمنى ان ينبع من الداخل ليسير باتجاه الوطن. جريدة الاماراتية