لم تصل وزارة من الوزارات في ميزانيتها وحجم الاهتمام بها لدينا مثل وزارة التربية والتعليم، ومع ذلك لا يظهر ذلك الأثر القوي والملموس كما هو المأمول، لا أحد ينكر حجم المحاولات الرائدة والتطوير المحدود للتعليم خلال فترة الدكتور محمد الرشيد يرحمه الله تعالى، والقفزة النوعية الواضحة للمناهج ولمشروع تطوير التعليم العام للأمير فيصل بن عبدالله، ولكن كله لم يرتق لحجم التفاؤل والأمل والمليارات، لماذا وكيف؟ هذان السؤالان المطروحان المهمان على طاولة الأمير خالد الفيصل، ولا بد من التوقف عندهما والإجابة عليهما بدقة وذكاء، بعدها يبدأ السباق الماراثوني للوزارة العتيدة لأنها تأخرت كثيرا. البيرقراطية، تشابك وتعدد المهام، التطوير، مطالبات المعلمين والمعلمات المشروعة، المباني المستأجرة، العملية التعليمية ومتطلباتها، كلها أمور يعلمها الجميع، وما خفي كان أعظم، والأمير خالد الفيصل دائما ما يرى ويهتم بالمعنى الخفي، ولذلك فالتحديات كبيرة أمامه أعانه الله، وزارة التربية والتعليم تضخمت ورقيا لدرجة العجز، فكل تعميم يلغي ما قبله، وحتى التشكيلات الجديدة المأمول منها خدمة وتيسير العملية التعليمية، تأتي تنظيمات داخلية تلغيها ليبقى الوضع على ما هو عليه، فيذهب التطوير في خبر كان ويبقى الحال على ما هو عليه! إذا أردنا بداية جادة للتعليم لا بد من التوقف عند أمرين مهمين، أولهما: البدء فورا في معالجة أوضاع المعلمين والمعلمات؛ لأن هؤلاء هم الفاعلون الحقيقيون لتقدم العملية التعليمية، فلا يمكن مقارنة معلم أو معلمة أمام أربعين طالبا أو طالبة طوال اليوم بمن يجلس خلف مكتب وثير تتقدمه سكرتارية تشبه كتيبة عسكرية، لا يستطيع أحد الوصول لذلك المسؤول أو المسؤولة اللذين لا هم لهما سوى إصدار التعاميم وتطوير خطط واستراتيجيات للميدان الذي لا يعلمون عنه شيئا! الأمر الثاني تسليم التطوير للجيل الجديد من المعلمين والمعلمات الأكفاء، وعدم اجترار خبرات صدرت تعاميم قبل ثلاثين عاما! فمن أبجديات التطوير هي الاستفادة من عقليات شابة متطورة، مع الاستفادة من أصحاب الخبرة الإيجابية الذين لا يتوجسون خيفة من كل جديد، فهناك من خططوا ووضعوا رؤى استشرافية جيدة لتعليمنا، ولكن لا حياة لمن تنادي! إذا شعر طلابنا وطالباتنا بالتطوير الملموس من خلال تحول البيئة التعليمية إلى بيئة قريبة من طموحهم وآمالهم وفكرهم ورؤيتهم للمستقبل، وأنهم عنصر أصيل في هذا التطوير سيكونون هم في مقدمة من ينجح عملية التطوير!، وتجارب الأمير خالد الفيصل مع شباب منطقة مكةالمكرمة خير شاهد على ذلك.