لا تستغربوا من هذا العنوان نعم الرجال مدمنو تسوق.. ففي مجالس الرجال البعض يغتنم الفرصة لاستعراض عيوب المرأة حيث اصابع الاتهام دائما موجهة نحو النساء وفي كل شيء والسبب لانعلم؟! فهي لم تعد تعجب الرجل ابدا مهما فعلت وقدمت له وعلما قدمت من خدمات وضحكات وانجبت الابناء والبنات فهي مازالت في نظره ثرثارة نسبة الى شهر زاد تلك المرأة الذكية والحلوة الحديث والتي ملأت الف ليلة وليلة بالحكايات والقصص الطرائف لشهرياركي تسعده وتزيح سحابة الملك من فوق عينيه واخبارها التي ملأت كتب الادباء بفصاحتها وعذوبة لسانها وقدرتها الفائقة على التنوع والتجديد سواء في حكاياتها او ملابسها وفي كل شيء ومع ذلك فهذا لم يعد يعجب الرجل حاليا متذرعا بالتعب والملل وليس لديه متسع من الوقت كي يسمع شيئا منها كما اتهمها الرجل بصفات اخرى فهي دائما متعبة من العمل والبيت والجري وراء الاولاد ومتسلطة وكثيرة الخروج واهم شيء انها لا تفتح فمها بكلمة يعطيك العافية بل هات فهي تحب الانفاق والاسراف وبشكل فظيع واصبحت في نظرهم مخلوقة للاسواق وعاشقة لها من الشريان للشريان وقد وصل بهم الحد الى انهم شبهوها بهاتف العملة الذي عليك ان تملأه بالنقود حتى يعمل واذا توقفت عن ذلك يبدأ الهاتف بالصفير بكلمة "هات" وهذا يشتكي الراتب طار وهذا يبكي كل يوم سوق وثالث يقول لا اسمع منها سوى كلمة اوصلني الى السوق خذني من السوق والراتب في السوق وليس مهما هل بقي من الراتب مايكفي طعاما لنهاية الشهر او لدفع فواتير الجوال والهاتف والكهرباء ليس مهما المهم ان تشتري كل مايروق لها ويغيظ جارتها.. وكأن السوق اصبح عدوهم اللدود وهم لا يعلمون ان كل هذا من اجل عيني زوجها وان عليها ان تملأ عينية خوفا عليه وان تلبس كل جديد وتركض لاحضار كل بعيد وان تجاري الفضائيات حتى لا ينظر لغيرها ولكن ارضاء الزوج غاية لا تدرك. وبسبب تذمر الرجال الطويل والمشاكل الكثيرة بحثت المرأة عن الاستقلالية فخرجت للعمل ولاقت الكثير من المصاعب وواجهت المتاعب الجمة في التوفيق بين عملها وواجباتها نحو زوجها واولادها ومنزلها ولنفسها وشهرت بقيمة المال لكنها خرجت للسوق ودفعتها رخيصة في مقابل جمالها وراحتها ولكن اليوم تم تعميم هذه الحالة على الرجال ايضا فهم "مدمنو سوق" مثل النساء هذا مااكدته احدث الدراسات والاحصائيات حيث اظهرت ان لدى الرجال رغبة في التسوق وقوية ايضا تضاهي رغبة النساء.. وهذه الرغبة قديمة ومنذ العصر الحجري فقد كان الرجل سابقا يتزين من اجل المرأة بكل انواع الحلي القديمة والألوان المختلفة والمستخرجة من الطبيعة وذلك للفت انتباه المرأة والحصول على موافقتها للزواج به.. فهذه الرغبة موجودة منذ الازل ومستمرة الى الان فلا نكاد نرى الشاب الا وهو يقف كالفتاة امام المرآة بالساعات كي يظهر في ابهى حلة وينفق الاموال الباهظة في شراء افخم انواع السيارات وارقى ماركات العطور الفواحة منها خاصة واجود انواع اقمشة الثياب واغلى انواع الشماغات والغتر والاحذية وحتى محفظة النقود والنظارات الشمسية وغيرها من الاكسسوارات الاخرى الخاصة بالجوال والسيارة والكثير الكثير وكل ذلك جذب للمرأة ولاسباب اخرى واعراض حمى الشراء لاتكاد تفارق الشاب منذ العشرينات وحتى اواخر الاربعينات واحيانا اكثر فلا تستعجب ان ترى رجلا في الستين ولكنه في كامل اناقته ونظافته مثل شاب في الثلاثين.. وعند بداية العشرينات كل مايهم الشاب مظهره الخارجي اي من بداية سن المراهقة وحتى بعد الزواج عند البعض ففي سن المراهقة يجب ان يكون اجمل شاب في "شلته" وان تتهافت عليه الفتيات وان يتحدثن عن قصة شعره وعن اناقته وعن رائحة عطره التي مازالت عالقة بعد مروره بساعة من هذا المكان.. من هنا تبدأ اعراض حمى الشراء تظهر على الشاب فيبدأ باقتناء كل ماهو جديد وموضة وكل مايجعل مظهره متميزا بين الآخرين فهو لا يستطيع مقاومة شراء كل مايعجبه دون ان يضع في اعتباره تكرار الالوان والموديلات والكثير من الشباب اصبح يقتني ما يعجبه ولا يستخدمه بل لمجرد انه اعجبه والتنزيلات اغرته وطريقة عرض البضائع وتعدد مراكز التسوق المختلفة والكاملة فهو خرج مع بعض اصدقائه لتناول وجبة او شرب القهوة ولكن اثناء تجواله لم يستطع مقاومة الشراء مع ان نية الشراء لم تكن موجودة بالاساس لكن الغريزة دفعته لذلك وفعل لدرجة انه قد يستدين من اصدقائه او بيع مايستحق الشراء مالا يستحق كي يطفئ نار الحمى في اختفاء هذا وذاك ولا يتردد في شراء اربع او خمس ساعات شريطة ان يكون جلد الساعة لونه مناسب للحذاء فواحدة للصباح واخرى للسهرات والجوال الذي يحرص اكثر الشباب ان يحصل على اخر موديل نزل الى السوق ومواكبة الموضة فلقد اصبح من متطلبات العصر وهو مؤقت بمجرد نزول الموديل الجديد وعند شرائه حذاء فانه لا يكتفي بواحد فقد يأخذ باثنين أوثلاثة واربعة ولا ننسى العطورات التي يشتري منها بعض الشباب بالجملة وحتى قبل نفاذ الزجاجة السابقة. فالشاب لم يعد يفكر او يخطط لمستقبله حيث انه لاتوجد لديه اية ارتباطات اسرية حالية ولا يجب ان يكون غيره افضل منه لذا فهو لا يدخر اي جزء من راتبة لمستقبلة ولكن عند الزواج يتفاجأ بانه محتاج الى مبالغ خيالية ويبدأ الندم على مافات وعلى ماصرفه يمينا ويسارا. ولكن حب المباهاة والاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي ولدت حمى الشراء لدى الشباب على ان صاحب المظهر الانيق سوف يلاقي قبولا واسعا في المجتمع واحتراما رائعا في كل مكان يدخله حتى في الحصول على وظيفة مناسبة له وهذا كله يؤدي بالتالي الى المزيد من الشراء واقتناء احدث الموديلات كي يعيش حياته من باب الاستمتاع بالحياة بكل نواحيها فالعمر واحد ولا غنى الآن عن الهاتف المتحرك والقمر الاصطناعي والسيارة والخادمة والسائق وغيرها ولكن يظل من الصعوبة التعرف إلى السبب او الاسباب الحقيقية وراء هذه الحمى مما ادى ببعض الشباب الى الاعتراف بانه بهذه الطريقة يقوم بالتنفيس عن مشاكله والهرب من الضغوط اليومية التي يتعرض لها وان الشراء انطلاق وحرية ولا يشعر بالراحة والاطمئنان الا بعد عمليات الشراء المستمرة التي يقوم بها بل انها تزيد الثقة بالنفس بل انه يكافىء نفسه بعد عناء يوم كامل بهدايا تدخل الفرح والسرور الى قلبه بل انه يؤدي دورا اجتماعيا فقال مثله مثل اي زبون آخر يدفع المبالغ الباهظة دون اهتمام امام البائع والآخرين. وعملية الشراء هذه سوف تستمر الى مالا نهاية وقد تنتقل العدوى احيانا من الأب الى ابنه او من الزوج الى زوجته احيانا.