وصل معدل الطلب العالمى على النفط للعام الحالى وبحسب تقرير الاوبك لشهر اكتوبر حوالى 89.7 مليون برميل يوميا بزيادة 0.8 مليون برميل عن العام الماضى. ويتوقع نفس التقرير ان ينمو الطلب بحوالى مليون برميل يومياً فى عام 2014م ليصل الى 90.8 مليون برميل يومياً. ويبقى معظم النمو على الطلب قادما من دول الشرق الاوسط والدول الاسيوية كالصينوالهند. وتعد وسائل النقل المختلفة العامل الاهم فى هذا الاستهلاك اذ ان حوالى 70% من النفط العالمى يذهب كوقود لوسائل النقل و12% لتوليد الطاقة و8% لصناعة البتروكيماويات و5 % لزيوت التشحيم والاسفلت. وسجل معدل سعر برميل العربى الخفيف حوالى 108 دولارات للبرميل لشهر اكتوبر الماضى واما اسعار المشتقات الرئيسية فى بورصة سنغافورة ولنفس التاريخ فهى كالتالى: ديزل 124 دولارا للبرميل والجازولين 122 دولارا للبرميل واما الكيروسين وقود الطائرات فحوالي 121.5 دولار وهذا يعنى ان بالامكان ان يصل الفرق بين سعر النفط الخام واسعار هذه المشتقات حوالى 15 دولارا للبرميل. ويعتبر هذا الفرق ليس بالكبير لان جزءا من المشتقات وهو زيت الوقود يصل سعر البرميل الى حوالى 95 دولارا. هذا التقارب بين اسعار النفط الخام واسعار المشتقات المكررة بالاضافة الى انخفاض النمو على طلب المشتقات جعل ربحية التكرير فى الغرب ليست بالمغرية مما ادى الى افول هذه الصناعة تدريجياً فى الدول الغربية واليابان وبحسب بلومبيرج فان 10% من مصافي اوروبا ستغلق بسبب انخفاض الطلب وانخفاض الارباح كما شهدت اليابان وضعاً شبيهاً لأوروبا. وفى نفس الوقت يوجد كثير من المؤشرات التى تؤكد ازدهار هذه الصناعة فى السعودية والصينوالهند حيث ازدياد الطلب على المشتقات البترولية فى السعودية والصين واما الهند فهى تمرست بهذه الصناعة بحكم قربها لمنابع النفط ورخص الايدى العاملة فيها فأصبحت صناعة التكرير من اهم صناعات الهند. وتعيش المملكة طفرة حقيقية بصناعة تكرير النفط وهذا الامر سينعكس ايجابا على ايجاد فرص عمل بالاضافة الى زيادة الدخل. ويعد قطاع النقل وبلا منازع هو العامل الاهم فى زيادة الطلب العالمى على النفط. ولكن يجب على هذه الصناعة ان تعود نفسها ان تكون مرنة وقادرة على التعامل مع المتغيرات العالمية حتى تستمر بنجاح. سوف ترتفع طاقة المملكة التكريرية فى السنوات القليلة القادمة الى حوالى 3.5 مليون يومياً مع القرار الحكيم بانشاء ثلاث مصافٍ جديدة بالجبيل وجازان وينبع. وبهذا تكون المملكة ضمن اكبر خمس دول بالعالم من ناحية القدرة التكريرية مع الولاياتالمتحدةوالصينواليابانوالهند. وتعتبر الصينوالهند حالياً من اقوى المنافسين فى صناعة التكرير العالمية حيث بلغت قدرة الصين التكريرية فى 2010م حوالى 9 ملايين برميل يومياً وسوف تضيف الصين حوالى 3 ملايين برميل بحلول 2017م (ثلث النمو العالمى فى صناعة التكرير) لكى تدخل عالم تصدير المنتجات البترولية بعد تلبية متطلباتها المحلية. اما الهند فتبقى من الدول القلائل التى استفادت بحق من صناعة تكرير النفط حيث تتمتع الهند حالياً بفائض للمشتقات البترولية يقدر بحوالى 1.4 مليون برميل يومياً تذهب للاسواق العالمية لتكون مصدرا مهما وأحد روافد الاقتصاد الهندى. تمتلك الهند حاليا 22 مصفاة ذات طاقة تكريرية تقدر بأكثر من 4 ملايين برميل يوميا وستضيف مليوني برميل يوميا لطاقتها التكريرية بحلول 2017م لتصل الطاقة الاجمالية لتلك الفترة الى اكثر من ستة ملايين برميل يوميا ولتصبح فى المرتبة الثالثة عالميا بعد الولاياتالمتحدةوالصين. ويبقى ان نشير هنا الى ان قيمة صادرات الهند من المشتقات البترولية كانت بحدود 1.7 مليار دولار فى عام 2001م واستمرت بالنمو والازدهار الى ان وصلت الى حوالي 58 مليار دولار فى عام 2012م وهى مرشحة للارتفاع الى حوالى 90 مليار دولار فى عام 2016م. يوجد حالياً ثلاث اسواق عالمية رئيسية للتجارة بالمشتقات البترولية وهى كالتالى: فى اسيا سنغافورة وفى اوروبا روتردام وفى الولاياتالمتحدة فى خليج المكسيك. نأمل ان تصبح الجبيل او رأس تنورة من اكبر البورصات فى العالم لبيع المشتقات البترولية ولا سيما ان المملكة صاحبة اكبر احتياطى للنفط التقليدى ومن اكبر المنتجين للنفط فى العالم. ونتمنى ان يأتى اليوم وتصبح صناعة التكرير فى المملكة من المصادر الاساسية للدخل القومى ولخلق فرص جديدة لشبابنا المتدرب والمتعلم. لن يستطيع العالم ولعقود قادمة التخلى عن وقود وسائل النقل التقليدية ولن تفلح البدائل باهظة الثمن فى التأثير على الوقود التقليدى ولكن تستطيع التشريعات العالمية البيئية عمل الكثير من المضايقات. لذلك فان تشييد مصافٍ تحاكى تلك التى فى امريكاواليابان وبذل المال فى ذلك هو عين الصواب. كل هذا يجعلنا ننظر بعين الامل الى صناعة تكرير وطنية حديثة ومتطورة تكون رافدا من روافد اقتصادنا الوطنى لا عالة عليه.