اعلن الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان في وقت متأخر مساء أمس الأول موافقة العراق غير المشروطة على عودة مفتشي نزع السلاح.. واضاف في تصريح للصحافيين ان السلطات العراقية وافقت ايضا على بدء مناقشات فورية حول الترتيبات العملية لعودة المفتشين واستئناف مهمتهم. واكد عنان ان خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش اثار حماس المجموعة الدولية. وقال ان جميع خطباء الجمعية العمومية تقريبا دعوا العراق الى الموافقة على عودة المفتشين. وحرص عنان على توجيه تحية خاصة الى جميع دول جامعة الدول العربية التي اضطلعت بدور اساسي في هذه القضية وعلى شكر (امينها العام) عمرو موسى لجهوده الحثيثة التي ساعدت في اقناع العراق على الموافقة على عودة المفتشين. وقال عنان ايضا سأنقل الان الرسالة الى مجلس الامن الذي سيقرر المرحلة المقبلة. واشار الامين العام الى ان هانز بليكس رئيس مفتشي الاممالمتحدة لنزع السلاح وفريقه جاهزون لمتابعة عملهم. من جهتها اعتبرت بغداد أمس الثلاثاء، انها اسقطت ذرائع واشنطن لشن حرب عليها بقرارها قبول عودة غير مشروطة لمفتشي نزع الاسلحة، وهاجمت التكتيك والاتهام الاميركي لها بانها اتخذت القرار على سبيل التكتيك والمراوغة، وفي الغضون، فقد تباينت ردود الفعل الدولية على هذا القرار. وأعلن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز أن الذريعة التي كانت تستخدمها واشنطنولندن لشن الحرب على العراق اسقطت، واصفا ما تقوله لندنوواشنطن بانه ذرائع واكاذيب. وقال عزيز ان الذريعة التي كانوا يستخدمونها لشن العدوان على العراق اسقطت ونحن مستعدون للعمل مع (الامين العام للامم المتحدة كوفي) عنان من اجل وضع قرارنا هذا موضع التنفيذ. واضاف ان قرار العراق قبول عودة المفتشين الدوليين في نزع السلاح بدون شروط ليس تكتيكا كما قال البيت الابيض ليل الاثنين الثلاثاء. واعتبر عزيز ان ردود الفعل التي صدرت حتى الان تؤكد ان هذا الموضوع لم يكن الا ذريعة وكانوا يتصورون ان العراق لن يتخذ قرارا جريئا وشجاعا مثل هذا (..) وقد صدموا بهذا القرار الشجاع وصاروا يتحدثون عن التكتيك والمراوغة. واكد انه ليس من طبيعة واخلاق شعب العراق التكتيك والمراوغة. حذر بريطاني ولكن الإعلان العراقي قوبل بحذر من قبل الحكومة البريطانية التي اعتبرت ان للرئيس العراقي صدام حسين تاريخا طويلا في المناورة، كما اعلن مساء امس الأول متحدث باسم رئيس الوزراء توني بلير. وقال المتحدث باسم رئاسة الوزراء ان نظامه سخر من مجموعة من قرارات الاممالمتحدة. لديه تاريخ طويل في المناورة. فلنر ما لديه ليقدمه. ويعتبر رئيس الوزراء البريطاني الزعيم الاوروبي الاكثر تأييدا للخط المتشدد الذي يتبعه الرئيس الامريكي جورج بوش حيال العراق، على رغم تشديده على عودة مفتشي الاممالمتحدة اكثر من التشديد على اطاحة صدام حسين. البيت الابيض: مناورة فاشلة ! أما البيت الابيض فقد شكك في العرض العراقي العودة غير المشروطة لمفتشي الاممالمتحدة واصفا اياه بأنه مناورة ستمنى بالفشل. واعلن البيت الابيض في بيان ان هذا العرض الذي ورد في رسالة سلمها وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان مناورة ستمنى بالفشل. واعتبر المتحدث سكوت ماككليلان ان هذه الرسالة هي مناورة من العراق الذي يأمل في تجنب خطوة حازمة من مجلس الامن الدولي. واضاف آن الاوان لأن يقوم مجلس الامن بخطوات. واشار المتحدث الى ان المسألة ليست مسألة عمليات تفتيش. هي مسألة ازالة اسلحة الدمار الشامل العراقية والتأكد من ان النظام العراقي يحترم جميع قرارات مجلس الامن الاخرى. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الامريكية طالبا عدم الكشف عن هويته في تصريح صحافي ان هذه الرسالة ليست وعدا من جانب العراق بتنفيذ جميع واجباته المنصوص عنها في قرارات مجلس الامن. واضاف انها ليست وعدا بالسماح بتفتيش كافة المواقع وبلا قيود. واكد انها ليست وعدا بالكشف عن جميع البرامج العراقية المحظورة. انها ليست وعدا بنزع السلاح كما ترغم قرارات مجلس الامن العراق على ذلك. واعتبر ان هذه الرسالة هي ايضا اعلان اخر على ورقة. لكنه قال اخذنا بالتأكيد علما بهذه الرسالة التي تثبت انه عندما تتحرك المجموعة الدولية على غرار ما فعلت بعد خطاب الرئيس (بوش)، فحتى العراق يصغي. وخلص هذا المسؤول الى القول نعتزم المضي قدما في قرارنا، وهو قرار سيثبت ان العراق متناقض مع واجباته، وسيحدد الطريق الذي يتعين سلوكه حول ما يجب على العراق القيام به وما سيحصل اذا لم يسلك العراق هذا الاتجاه. وكان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول قد صرح الاثنين الماضي بأن موقف مجلس الأمن تجاه العراق بدأ يقترب من الموقف الأمريكي. وترى الولاياتالمتحدة أن التحرك العراقي ما هو إلا حيلة لإجهاض مساعي إصدار قرار من مجلس الأمن ضد حكومة الرئيس صدام حسين. وأكد وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أنه أصدر أوامره للطائرات الحربية التي تجوب منطقتي حظر الطيران في شمال وجنوب العراق بتكثيف قصفها الأهداف العراقية. ترحيب دولي الى ذلك، فقد تباينت ردود الفعل الدولية على القرار العراقي، ففي حين اعتبرته إسرائيل غير كاف وانه لن يجنب العراق ضربة عسكرية أمريكية، فقد رحبت به اليابانوالصين ونيوزيلندا، وعرضت الأخيرة الإسهام بمفتشين من جانبها. وقد لاقى القرار العراقي ردود فعل دولية مرحبة به، فمن جانبه أعرب وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف عن ارتياحه للقرار العراقي الموافقة على العودة غير المشروطة لمفتشي الأممالمتحدة. وتعليقا على تسليم الرسالة العراقية الى الأمين العام للأمم المتحدة، قال ايفانوف للصحافيين في نيويورك بفضل جهودنا المشتركة، توصلنا الى تجنب التهديد بحرب وعدنا الى الاساليب السياسية لتسوية المشكلة العراقية. وبالمثل فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان ليل الاثنين الثلاثاء في نيويورك بان الامور يجب ان تتحرك بسرعة بعد موافقة العراق على عودة مفتشي الاممالمتحدة للاسلحة. وقال الوزير الفرنسي انه رد العراق على طلب الأسرة الدولية الحازم جدا والواضح جدا. واضاف علينا الآن العمل باتجاه إلزام صدام حسين بمضمون الرسالة والامور يجب ان تتحرك بسرعة. وعبر عن أمله في التحرك بدون تأخير. واضاف أن المفتشين يجب ان يتمكنوا من بدء عملهم بسرعة، موضحا كل العناصر اجتمعت لتحقيق ذلك. وتابع انه اذا تأكدت موافقة العراق، فان ذلك يثبت الى اي حد يمكن ان تنجح الاسرة الدولية في الحصول على نتائج عندما تكون متحدة. وردا على سؤال عن رد مجلس الامن الدولي على الموافقة العراقية، اوضح ان المجلس سيجتمع اليوم ( أمس ) الثلاثاء لدراسة الرد العراقي ومناقشة الرد عليها. وكان دو فيلبان قد اكد قبل الاعلان عن الرسالة العراقية ان فرنسا تعتبر ان القرار 1284 الذي امتنعت عن التصويت عليه عند تبنيه في مجلس الامن الدولي يشكل اساسا مرجعيا مقبولا يمكن ان يؤدي الى رفع الحظر المفروض على العراق. وقال دو فيلبان لصحافيين ان القرار 1284 يحدد بشكل جيد الاطار الذي يجب ان يجري فيه عمل المفتشين، موضحا ان هناك اساسا مرجعيا يمكن ان يلقى موافقة جميع الاطراف. يذكر ان القرار 1284 الذي اعتمده مجلس الامن الدولي في 17 ديسمبر 1999 ينص على ان يعلق مجلس الامن الدولي العقوبات لمدة 120 يوما قابلة للتجديد في حال تعاون بغداد الكامل مع مفتشي الاسلحة. ورأى دو فيلبان ان القرار يحدد مختلف طرق عمل المفتشين وفي الوقت نفسه ينص على تعليق العقوبات ثم رفعها عندما تتم ازالة كل المنشآت المشبوهة. ترحيب دولي واعلن وزير الخارجية الاسرائيلي شيمون بيريز ان الولاياتالمتحدة ستضطر في نهاية الامر على التدخل عسكريا ضد العراق برغم عرضه حول المفتشين. وقال بيريز للاذاعة العامة الاسرائيلية من نيويورك حيث يشارك في الجمعية العامة للامم المتحدة ان الولاياتالمتحدة قالت بدون التباس انها تريد التدخل في العراق (..) ولا اعتقد انها تستطيع التراجع. وردا على سؤال عن احتمال تهدئة الازمة بعد موافقة العراق على عودة المفتشين الدوليين في نزع السلاح بدون شروط على ارضه، قال ان المراقبين اشخاص نزيهون لكنهم سيواجهون نظام (الرئيس العراقي) صدام حسين، وهو مافيا محلية. ومن جانبها، رحبت اليابان بحذر أمس الثلاثاء بموافقة بغداد على عودة المفتشين بدون شروط، واعتبر الناطق باسم الحكومة ياسوو فوكودا خلال مؤتمر صحافي ان الرسالة التي وجهها العراق الى الاممالمتحدة مساء امس الاول الاثنين واعلن فيها موافقته على عودة المفتشين امر جيد. لكنه اشار الى انه ما زال يتحتم على المجتمع الدولي ان يرى ما اذا كان العراق سيطبق بصدق ما ورد في الرسالة. وفي بكين عبر وزير الخارجية الصيني تانغ جياكسوان عن ارتياحه للقرار العراقي. . وقال تانغ في تصريح لوكالة انباء الصين الجديدة ان القرار العراقي يتطابق مع ما أملت به دائما الاسرة الدولية بما فيها الصين. واضاف ان الصين وبالتشاور مع الاسرة الدولية ستواصل العمل من اجل حل سياسي للمسألة العراقية في اطار الاممالمتحدة. وايضا رحبت نيوزيلندا بالعرض العراقي، واعلنت رئيسة الوزراء هيلين كلارك امس انها مستعدة لارسال عشرة مفتشين في مجال ازالة الاسلحة الى العراق في اطار فريق للامم المتحدة. وقالت كلارك للصحافيين انها ما زالت تنتظر تأكيدا من مندوب نيوزيلندا في الاممالمتحدة معتبرة ان الانباء التي تحدثت عن تغيير في موقف العراق مشجعة جدا. واضافت لدنيا ظاهريا اعلانا وردت فيه عبارة بدون شروط اذا تأكد ذلك فسيكون نبأ سارا. وتابعت ان الاممالمتحدة طلبت من حكومتها ان تضع بتصرفها عشرة مفتشين في مجال ازالة الاسلحة. واضافت اعتقد انه يمكننا اعتبار كل ذلك اتفاقا نريد المساهمة فيه. واكدت رئيسة الوزراء النيوزيلندية نحن مستعدون للتحرك بالسرعة التي تطلبها الاممالمتحدة . يذكر أن فرق التفتيش الدولية عن أسلحة الدمار الشامل غادرت العراق قبل نحو أربع سنوات بعد أن شكا أعضاؤها من القيود التي فرضتها عليهم السلطات العراقية. وقد رفض العراق منذ ذلك الوقت عودة المفتشين مما أدى إلى الأزمة الحالية. وقد جاءت الموافقة العراقية بعد أربعة أعوام من الجمود، وعقب إلقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال فيها إن على العراق أن ينصاع لقرارات الأممالمتحدة أو يواجه الآثار المترتبة على استمرار تحديه لها.