سأكتب هذه المقالة على فرضية مفادها أن القارىء الكريم على دراية واطلاع بالدور الذي يقوم به مجلس القوى العاملة وغرض إنشائه بالتزامن مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وسأنطلق من هذه الفرضية لأنني لا اريد في الواقع ان تتحول مقالتي هذه الى اخبارية تصف المجلس واهدافه ودوره وإنجازاته لأن ذلك كما يقال متوافر على الأرفف لمن أراد الاستزادة بيد ان أهداف هذه المقالة تحليلية ونقاشية سأحاول من خلالها ان اضيف مقترحا دورا جديدا للمجلس على خلفية المعطيات الجديدة الداخلة سواء على المستوى العالمي وتأثر البيئة السعودية بذلك او من خلال المتغيرات المحلية. ومن المعلوم بينيا ان المهمة الرئيسية المناطة الى المجلس هي التخطيط الآني والمستقبلي للقوى العاملة الوطنية واجراء الدراسات التي تكشف بجلاء عن الوضع الراهن للقوى العاملة الوطنية والتنسيق مع الجهات المعنية بالتدريب والتوظيف كالمؤسسة العامة للتعليم الفني ووزارة العمل وان المجلس ممثل على اية حال في المجالس المعنية بهذه الجهات ليقوم بالتنسيق معها لوضع الخطط موضع التنفيذ. ويتضح مما ذكرته ان المجلس تقوقعت علاقاته بالجهات التدريبية والتوظيفية الحكومية دون القطاع الخاص وان كانت نتائج الدراسات التي يقوم بها المجلس قد يستفاد منها من قبل القطاع الخاص اذ ان الاستفادة من هذه النتائج كما يبدو اختيارية للقطاع الخاص على وجه الخصوص. وما يقودنا في الحقيقة ان نضيف دورا جديدا لمجلس القوى العاملة هي المستجدات والمعطيات التي تطرأ على الساحة الدولية في قضايا التدريب والتوظيف التي بلاشك تتأثر بها البيئة السعودية ولعلنا نستطلع بعضا من هذه المستجدات، فعلى الساحة العالمية طرأت تغييرت عدة منها التحول من اعداد الكوادر البشرية من مدرسة التأهيل المهني التي تقوم على امتلاك الخريج مهارات يدوية تمكنه من ممارسة هذه المهارات في الوظيفة المناطة الى التأهيل المعرفي والذي يمكن الخريج من ان يمتلك مهارات معرفية تعينه على استخدام معارفه وافكاره في القيام بالمهام الوظيفية المناطة به والمبرر خلف هذا التحول هو ان سوق العمل لم يعد يتطلب مهارات يدوية بقدر ما هو بحاجة الى معارف على اساس ان التقنيات المستخدمة في سوق العمل متقدمة تقنيا واصبحت تتطلب معرفة اكثر من مهارة تمشيا مع اتجاه الاقتصاد المعرفي k - economy والذي اعلاه k- worker العامل المعرفي. ويصعب في الحقيقة ان اتناول بموضوعية المتغيرات التدريبية التوظيفية على الساحة العالمية من خلال هذه المقالة الا انني سأؤكد على بعضها خاصة تلك التقنيات التي احدثت تغيرا في توزيع الادوار سواء للجامعات او غيرها بالاضافة الي اهدافها التقليدية من اعداد للكوادر البشرية وخدمة المجتمع وتطوير البحث العلمي لتضاف اليها ادوار كالتأهيل الوظيفي لخريجيها واقصد بالتأهيل الوظيفي تلك الفترة التدريبية التي يقضيها الخريج بعد فترة الاعداد وتبنى على احتياجات الوظيفة التي يناط بها دعما من هذه المؤسسات بتوظيف خريجيها، ناهيك عن المتغيرات الاخرى كالتوسع في خدمة المجتمع من خلال برامج موازية وايضا المتغيرات المتعلقة باساليب التعليم وتنفيذ المناهج اذ اصبحت تعتمد على الاساليب الحاسوبية مستفيدة من الثورة المعلوماتية والاتصالاتية التي تغزو العالم لتلبي بذلك احتياجات الاقتصاد المعرفي لاعداد العمالة المعرفية كما اسلفت آنفا. ولقد افرزت المعطيات على الساحة العالمية تأثيرا سواء بشكل مباشر او غير مباشر على البيئة السعودية كوننا جزءا من هذا العالم نؤثر ونتأثر ومن المعطيات المحلية صندوق تنمية الموارد البشرية والبرامج الوطنية التدريبية التي اطلقت لها المملكة المساحة الابداعية في بعض مناطقها ونذكر منها برنامج الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز لتأهيل وتوظيف الشباب السعودي والذي يعمل على تمهين مخرجات التعليم الثانوي واكسابهم مهارات ومعارف تؤهلهم للقيام باحتياجات الوظائف المتاحة بالسوق كما نذكر المشروع الوطني بمكة الكرمة وبرنامج الامير سعود بن عبدالمحسن لتأهيل وتوظيف الشباب السعودي وغيرها من المشاريع والبرامج الوطنية في مناطق اخرى من المملكة. ومن المعطيات المحلية ايضا ما طالعتنا به الصحف مؤخرا عن مشاريع وطنية اذكر منها للتمثيل ليس الحصر المشروع الذي اطلقته مجموعة عبداللطيف جميل بميزانية على ما اذكر مائة مليون ريال وايضا مجموعة الزامل والمعهد الياباني الفني للسيارات والغرف التجارية ومشاريع وطنية اخرى قد لا يتسع المجال لذكرها، وتعد هذه المشاريع منفردة بخططها واستراتيجياتها بعيدة عما يرصده مجلس القوى العاملة من خطط واستراتيجيات. ان المدرك لذلك يعي تماما اننا بحاجة الى مظلة تجمع هذه المشاريع الوطنية تحت قبتها لكي يتم التخطيط على اساس واهداف موحدة تنطلق من خطة وطنية شاملة لتدريب وتوظيف الخريجين تتضمن آليات عمل تتوافق مع خصوصية البيئة السعودية موظفة كافة الموارد المتاحة من هذه المشاريع والمؤسسات الحكومية والخاصة لتحقيق اهداف هذه الخطة. وهذا هو الدور الذي اقترح إضافته لمهام مجلس القوى العاملة في ان يقوم بدور المظلة التي تستظل تحت مظلته كافة المؤسسات التدريبية والتوظيفية الحكومية وايضا المشاريع والبرامج الوطنية شبه الحكومية والخاصة التي ذكرتها آنفا، ان مثل هذا الدور وان كان سيشكل عبئا على مهام المجلس الا انه سيوحد الجهود والسياسات مستغلا كافة الموارد المالية واللوجستية المتاحة لتحقيق اهداف موحدة وتفعيل عمليات توظيف وتدريب الخريجين، كما ان هذه المظلة ستجبر كافة هذه المؤسسات والمشاريع على ان تستفيد الاستفادة القصوى من نتائج الدراسات التي يجريها المجلس وتنفق عليها الدولة بسخاء. وأحسب بأن المقترح يعد ناقصا ان لم اذيله بأدبيات عمل لتطبيعه وان كان الاسهاب فيها غير مناسب هنا بيد ان رصد كافة المؤسسات والمشاريع والبرامج التدريبية والتوظيفية في البلاد من قبل المجلس وتشكيل لجنة عليا تنبثق من المجلس بمشاركة اعضاء من هذه المؤسسات والبرامج والمشاريع تكون من مسؤولياتها الاستفادة من نتائج الدراسات والبحوث المتاحة التي في اعتقادي لو تم تطبيق جزء منها لاحدثت آثارا ايجابية على مشكلة تدريب وتوظيف الخريجين اذ ينبغي علينا ان ننتقل من مرحلة التنظير الى مرحلة التطبيق بعد ان تشبعت هذه المسألة من الدراسة والبحث والتمحيص، وتقوم هذه اللجنة برصد توصيات الدراسات السابقة في مجالي التدريب والتوظيف وترسم منها اهدافا عملية بعيدة عن المثالية وقابلة للتطبيق وفق الامكانات المتاحة لهذه المؤسسات والبرامج والمشاريع لتتحول الى خطة فورية وتوزع الأدوار لتحقيقها وتتم متابعة تنفيذها من خلال هذه اللجنة عبر مؤشرات قياسية لنجاحها من عدمه وبالتالي تبدأ مرحلة التقويم لتعيد الكرة مرة اخرى وهكذا دواليك، ولا يمنع ان ترصد اهدافا على المديين المتوسط والبعيد لتكون اقرب الى الواقع المثالي الذي يخرج بنا من مشكلة تدريب وتوظيف الخريجين ويبدو ان للحديث بقية.