اتفاق المصالحة الذي توصلت إليه حركتا فتح وحماس برعاية مصر الأربعاء الماضي يعتبر انتصارا لقضية الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر لتحرير أرضه واستعادة حقوقه وهو ثمرة للنظام المصري الجديد بعد أن تحرر من عقدة النظام السابق والذي ربط مصالحه مع طرف فلسطيني على حساب الآخر مما يؤذن بانفتاح ودور مصري مختلف مع قضايا الشعب الفلسطيني خصوصا مع تلميحات مصرية بإمكانية فتح المعابر مع قطاع غزة وما يمثله ذلك من تجاوز لعقد الماضي والتحرر من الضغوط الإسرائيلية والأمريكية. ما سهل هذا الاتفاق رؤية الفلسطينيين تهاوي عدد من الأنظمة العربية وزعزعة الأوضاع الحالية في سوريا وارتداد إيران إلى الداخل مما وضع حركة حماس وفتح أمام خيار واضح عبر تحقيق مصالحة سريعة بعد التحرر من الضغوط السياسية الخارجية وتغليبهما المصلحة الفلسطينية الصرفة. إسرائيل أعلنت موقفها المعروف من المصالحة بشكل فج من خلال رئيس وزرائها ووزير خارجيته والذين خيروا السلطة الفلسطينية بين الصلح مع حماس أو اختيار إسرائيل كشريك لسلام مزعوم لم يتحقق طوال عقود وإسرائيل الرافضة للمصالحة إنما تؤكد نيتها الحقيقية في رفض السلام والمراهنة على الخلافات الفلسطينية لإجهاض مطالبات العرب بتسوية تقوم على أسس عادلة تعيد للشعب الفلسطيني أرضه وحقوقه التاريخية. الموقف الأمريكي غير الواضح والمرتبك من المصالحة يتطلب من الإدارة الأمريكية إعادة النظر في مواقفها السياسية من الصراع العربي الإسرائيلي وأن تعيد النظر في مقاطعتها لحركة حماس ، والأيام المقبلة ستكشف الموقف الأمريكي الحقيقي الذي انحاز للجانب الإسرائيلي في كل محطات الصراع بما فيها المفاوضات التي جرت سابقا من خلال الضغوط الهائلة الموجهة للفلسطينيين. لاشك أنها مصالحة تاريخية نأمل أن تتوج باتفاقات لاحقة تراعي مصالح الشعب الفلسطيني وأن تبتعد الأطراف الفلسطينية عن مواقع الاستقطابات السياسية الإقليمية وأن تدرك في المحصلة الأخيرة أن الشعب الفلسطيني هو المصلحة العليا الوحيدة التي يجب الانحياز لها وهي الجوهر الذي ينبغي على كل فلسطيني التمسك به.