تفاعلت في أوروبا تصريحات وزير الخارجية البلجيكي، "لوي ميشيل" الذي رفض ضرب العراق، ما لم تثبت واشنطن بالملموس، امتلاكه أسلحة نووية، وأكد ان بلاده ستعمل على رفع العقوبات عن بغداد، كلما سنحت لها الفرصة، والتقى "ميشيل" بهذه المواقف مع ألمانيا وبصورة أقل مع فرنسا التي تهاجم "صدام حسين"، لكنها تشترط موافقة مجلس الأمن الدولي، على أي اجراء ضد العراق، ولكن تفاعلات كلام الوزير البلجيكي، لا تنطلق من هذه النقاط فقط بل من النقطة الأساسية، وهي هجومه العنيف على السياسة البريطانية، واتهامه البريطانيين بالخضوع للولايات المتحدة الأميركية، واصراره على التصرف بالقناعة التي تراها بلجيكا، بمعزل عما يريده "بوش" و"بلير" على حد تعبيره الحرفي. "لوي ميشيل"، في هذا الموقف، هو أول مسؤول أوروبي، يوجه انتقادات واضحة وجريئة لبريطانيا، ويتناول السياسة الأميركية لشخص رئيسها مباشرة، بأسلوب يذكر ببعض المواقف التي كان يتخذها الرئيس الفرنسي الراحل "شارل ديغول"، غير ان هذه الجرأة غير مهيأة للتحول إلى سياسة أوروبية في المدى المنظور، فالاتحاد الاوروبي، يعاني من خلل عسكري واقتصادي بوجه الولاياتالمتحدة، ومن خلل سياسي صعب، بسبب اختلاف المواقف الأوروبية عن السياسة الأميركية في العالم. تبقى أهمية مواقف "ميشيل" فيما تدل عليه من تنامي الإنزعاجات الاوروبية من واشنطن، بما يشكل مؤشرات مستقبلية يجب ان تلتقطها دبلوماسيتان في العالم، الدبلوماسية الصينية، والدبلوماسية العربية، وإذا كانت الأولى تعمل بهدوء وببطء لتعزيز هذه الناحية، فإنه من الأسف الشديد ان الثانية لا تعمل من أجل هذا الهدف، رغم توافر الإمكانات، ووجود المصالح، ورغم القرب الجغرافي بين العرب والأوروبيين. لقد تجرأ الوزير البلجيكي حيث لم يتجرأ الآخرون، ولعل جرأته نابعة من نظرة ثاقبة بعيدة المدى لمصلحة بلاده، وأوروبا، في المستقبل فمتى تنشط الدبلوماسية العربية لملاقاة هذه المواقف؟ الوطن القطريه