شحن أجهزتنا الذكية وهواتفنا المحمولة بات تفصيلاً ثابتاً في جدول حياتنا اليومية ، وشدة تعلقنا بهذه الأجهزة تجعل مشهد الهلع الذي ينتابنا للظفر بالشاحن قبيل انتهاء البطارية منطقياً ومبرراً ، وهذا يقودني لتساؤل : ما مدى اهتمامنا بشحن أنفسنا مقارنة بأجهزتنا ؟! هذا السؤال سيفجر كميات الإحباط والفتور والاكتئاب داخلنا ، وسيعطينا احمرار منسوب الشحن في دواخلنا تحت مبررات التثبيط وعدم القدرة وانعدام الثقة وفقدان الأمل في طريق الوصول إلى طموحاتنا وأهدافنا . وهنا أتذكر القصة التي أوردها ستيفن كوفي في كتابه الشهير «العادات السبع» عندما مرّ أحدهم برجل يقطع الأشجار في غابة فسأله : (ماذا تفعل) ، فرد متبرماً : (ألا ترى ؟! إنني أقطع الشجرة) ، فتساءل مجدداً : (كم مضى عليك من الوقت وأنت تقطع هذه الشجرة) ؟ ، فأجابه : (أكثر من خمس ساعات) ، فاقترح عليه : (لماذا لا تستريح بضع دقائق لتشحذ المنشار كي يقطع بشكل أسرع) ، فأجابه قاطع الأشجار بقوله : (ليس عندي وقت لشحذ المنشار ، فأنا مشغول تماماً بعملية قطع الشجرة) . توقف قليلاً ، وانفض الغبار عن أهدافك واغسلها بماء روحك لتبرق من جديد في عينيك ، وراجع أهدافك وأحلامك فقد تحتاج إلى تعديل وتطوير ، وحياتنا بدون أحلام كمسن ينتظر أجله في دار العجزة الروتين اليومي لحياتنا يجعلنا في حالة إدمان على تفاصيل حياة ليست هي الأفضل بالضرورة ، ولذلك علينا أن نتوقف بكسر الروتين ، ونفكر في منسوب الطاقة الموجودة داخلنا ، وصحة اتجاه البوصلة التي تسير حياتنا ، فالحياة الأفضل هي عبارة عن طريق صحيح وطاقة كافية. ومن أجل ذلك توقف قليلاً ، وانفض الغبار عن أهدافك واغسلها بماء روحك ، لتبرق من جديد في عينيك ، وراجع أهدافك وأحلامك فقد تحتاج إلى تعديل وتطوير ، وحياتنا بدون أحلام كمسن ينتظر أجله في دار العجزة ، وأهدافنا تنتظر منّا أن نعرفها بوضوح ، وأن نسير إليها باستقامة، وألّا نخونها مع المشتات ، فأهدافنا تبتسم لنا إذا ركزنا عليها ، وتركض إلينا إذا ركضنا إليها . حياتك هي فيلم سينمائي تلعب فيه أنت دور المؤلف والبطل ، ويتقاسم العالَم وإصرارك دور الإخراج فيه ، وإذا فقدنا الشحن الداخلي لأحلامنا سيضيع الفيلم في أرشيف الفشل ، وهنا أنقل لك كلام جويس مايرز : ( يمكن لقلم رصاص وحلم أن يأخذاك إلى أي مكان ) . ويتردد السؤال الصعب دائماً : كيف أعيد الشحن في نفسي ؟ ، ولن تستطيع الوصول إلى الشحن الأمثل ما لم تؤمن بأن الحوافز الداخلية أهم وأقوى من الحوافز الخارجية ، وإذا كان العكس هو الصحيح عندك فكلمة استهتار صغيرة من أحد أعداء النجاح قد تنهي شحنك لمشروعك بلحظة ، والهزائم التي تطيح بنا في الخارج لم تكن لتحدث إلا لأننا استسلمنا لها في الداخل . اصرف لنفسك مكافأة بعد كل نجاح ، وتقرب من الايجابيين ، وإذا مر بك كلام المُحْبِطين فوجهه لعقلك وابعده عن نفسيتك إلا كوقود جديد للتحدي ، والاستعانة بالله أهم الشواحن التي تعيد إلينا الطاقة المفقودة . شحن أنفسنا أهم من شحن أجهزتنا .