تشهد سوق الاسهم فى الامارات حاليا فترة انتعاش حقيقية تكاد تكون الافضل منذ طفرة عام 1998 نتيجة جملة عوامل محلية وخارجية ساهمت فى تسجيل حركة دؤوبة ومعدلات تداول أعلى من السابق وسط ارتفاع أسعار معظم الاسهم مخالفا التوقعات التى اعتادت على فترة هدوء وركود نسبى فى مثل هذه الفترة من العام. وتوقع محللون ومتعاملون استمرار انتعاش سوق الاسهم المحلية وبشكل اكبرخلال الاشهر القادمة مع تصاعد ارتفاع مؤشر الثقة بالاسهم المحلية وتوقع تزايد الارباح والتوزيعات النقدية لمعظم الشركات والبنوك المحلية. وتظهر أرقام التداول فى الاسهم المحلية اتجاها تصاعديا ومغايرا لما يحدث فى أسواق المال العالمية على خلفية الاهتزازات فى أسعار الاسهم وسلسلة الفضائح المحاسبية التى طالت كبريات الشركات الامريكية حيث ارتفعت قيمة الاسهم المتداولة فى السوق المحلية الى اكثر من 804ر2 مليار درهم خلال الاشهر السبعة الماضية بزيادة 192 بالمائة عن الفترة المماثلة من العام الماضى والبالغة حوالى 3ر959 مليون درهم فى الوقت الذى تجاوزت فيه تداولات الاشهر السبعة الماضية أجمالى تداولات العام الماضى بكامله بأكثر من 791 مليون درهم. بينما ازداد عدد الاسهم المتداولة فى فترة هذا العام الى 136 مليونا و771 الفا و679 سهما بارتفاع نسبته 126 بالمائة عن فترة العام الماضى البالغ 60 مليونا و387 الفا و989 سهما. ويؤكد المحلل المالى محمد على ياسين ان سوق الاسهم المحلية يشهد منذ منتصف يونيو الماضى حركة دؤوبة وحجم تداولات مرتفع يزداد باستمرار بشكل لم يشهد السوق المحلى مثيلا له منذ عام 1998 حيث تتجاوز الارباح المتحققة من الاسهم خاصة اسهم الشركات القيادية ذات التوزيعات النقدية الكبيرة ثلاثة أضعاف ريع فائدة الودائع المصرفية. ويرجع ياسين هذا الانتعاش الى جملة عوامل داخلية وخارجية تتركز أهمها فى النتائج المالية الجيدة التى حققتها الشركات المساهمة المحلية فى النصف الاول من العام الجارى ونمو أرباحها بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضى الامر الذى يتوقع فى حال استمرارها فى النصف الثانى من هذا العام نمو صافى أرباح الشركات بنسبة 7 الى 12 بالمائة مما سينعكس أيجابا على الموءشرات المالية التى يتم فيها تقييم أسعار اسهم تلك الشركات وارتفاع توزيعاتها النقدية. وقال ان انخفاض مستوى الفائدة وتوقعات عدم رفعها حتى الربع الاول وربما الربع الثانى من العام القادم شجع المستثمرين على استثمار أموالهم فى سوق الاسهم المحلية بشكل أساسى وسوق العقارات بشكل ثانوى كون عائداتها تعد الافضل فى المرحلة الحالية مشيرا الى ان الانخفاض المتواصل للاسواق العالمية خاصة الامريكية وأزمة الثقة التى تمر بها هذه الاسواق نتيجة مخالفات واختلاسات فى ميزانيات الشركات الكبرى انعكس ايجابا على مستوى ثقة المستثمرين بالسوق المحلية وساهم فى ضخ سيولة اضافية فى السوق. بالمقابل يعتبر المحلل المالى مرتضى الدندشى ان الانتعاش الذى يشهده سوق الاسهم المحلية حاليا كان متوقعا نتيجة عدم ارتفاع أسعار الفائدة ووجود سيولة تبحث عن مجالات للاستثمار والاستقرار موضحا ان نتائج معظم الشركات المحلية خلال الفترة الماضية شجعت المستثمرين للدخول الى السوق المحلية وسط استمرار ارتفاع عائد الاستثمار فى الاسهم البالغ حاليا بين 5ر4 الى 6 بالمائة وبشكل اكبر من قيمة عائد الودائع المصرفية البالغ حوالى 1بالمائة. ويشير الدندشى الى ان الازمات الحالية فى الاسواق العالمية وضعف الثقة بها ساهم بشكل غير مباشر فى هذا الانتعاش من خلال إعادة تقييم بعض المستثمرين المحليين لاستثماراتهم الخارجية والعودة مجددا الى السوق المحلية رغم قلة العوائد التى يمكن ان يجنيها هؤلاء المستثمرون فى السوق المحلية مقارنة بالاسواق العالمية. ويظهر بعض الاختلاف فى اراء المحللين حول حقيقة عودة بعض الاموال المحلية المستثمرة فى الاسواق الخارجية ومدى مساهمتها فى أنعاش سوق الاسهم المحلية. ففى الوقت الذى يعتبر فيه ياسين ان أزمة أسواق المال العالمية وتحديدا الامريكية أوقفت خروج الاموال والاستثمارات من السوق المحلية مشككا بعودة بعض هذه الاموال من الخارج بسبب دفترية معظم الخسائر المسجلة فى الخارج يؤكد الدندشى على حقيقة عودة جزء كبير من هذه الأموال لافتا الى ان السوق المحلى لمس فعليا عودة هذه الأموال المحلية. ويتوقع الدندشى استمرار تحسن سوق الاسهم المحلية خلال الفترة القادمة وسط التفاؤل بزيادة أرباح الشركات التى ستعطي دفعة قوية للسوق وتساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات بشكل افضل أسرع نافيا وجود طفرة حاليا فى السوق لان الاسعار لا تزال ضمن الحدود المعقولة مع وجود إمكانية لارتفاع اخر خلال الفترة القادمة بنسب تتراوح بين 10 و20 بالمائة. وتستحوذ اسهم قطاع الخدمات على الجزء الاكبر من تداولات السوق المحلية حيث بلغت قيمة تداولاتها خلال الاشهر السبعة الماضية حوالى 527ر1 مليار درهم وبنسبة 4ر54 بالمائة من إجمالى تداولات السوق تليها اسهم قطاع البنوك بقيمة 151ر1 مليار درهم وبنسبة 1ر41 بالمائة ثم اسهم قطاع التأمين بقيمة 126 مليون درهم فقط وبنسبة 5ر4 بالمائة. وحول الاجراءات المطلوب اتخاذها فى هذه المرحلة لتعزيز مكاسب سوق الاسهم المحلية طالب ياسين الجهات المشرفة على سوقى ابوظبى ودبى بمراقبة السوق المحلية لمنع أي تلاعب محتمل لرفع أسعار الاسهم بسرعة كبيرة دون الاستناد على قواعد السوق التى تحكمها سياسة العرض والطلب فيما لا يرى الدندشى مانعا من دعم الحكومة للمحافظ والصناديق الاستثمارية والمشاركة فيها.