بعد السماح للأجانب بتملك حصص من رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة الإماراتية عام 2005، بدأت المصارف والشركات الاستثمارية العالمية والإقليمية والمحلية بإصدار توصيات دورية عن الأسعار العادلة وتوصيات بشراء أسهم بعض الشركات المدرجة أو بيعها. ويتم التركيز في التوصيات عادة على أسهم الشركات التي تسمح للأجانب بتملك أسهمها وتحديداً الشركات الأكثر سيولة إذ يفضل الاستثمار الأجنبي تركيز الشراء والبيع على الشركات التي تتمتع بسيولة عالية، أي طلب وعرض وتداول يومية كبيرة على أسهمها كي يسهل شراء أسهمها وبيعها بما يحقق حرية وسرعة على صعيد الانتقال إلى فرص استثمارية أخرى في الوقت المناسب. وساهمت هذه الدراسات والتوصيات في رفع مستوى الوعي الاستثماري في أسواق الإمارات ومستوى نضج القرار الاستثماري لدى المستثمرين المؤسسيين المحليين ومديري المحافظ الاستثمارية والمستثمرين في الأجل البعيد، خصوصاً أثناء فترة انتعاش الأسواق المالية ما بين عام 2005 ونهاية الربع الثالث من عام 2008 وهي فترة شهدت ارتفاع حصة الأجانب في تداولاتها وتجاوز قيمة مشترياتهم قيمة مبيعاتهم بنسبة كبيرة. إلا أن التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية في أداء أسواق المنطقة، خصوصاً خروج الاستثمار الأجنبي في شكل مكثف من معظمها، أدت إلى انحسار تدريجي في الثقة في توصيات المؤسسات الاستثمارية العالمية وتحليلاتها بما لا يتفق مع حركة الاستثمارات في أسهم الشركات المدرجة. ولوحظ تراجع مستوى الثقة بهذه التوصيات والتحليلات في شكل كبير خلال هذه السنة بالتزامن مع سيطرة سيولة المضاربين على حركة الأسواق وانحسار تداولات الاستثمار الأجنبي، إضافة إلى وجود تفاوت واضح في تقويمات المصارف الاستثمارية العالمية للأسعار العادلة، ما يعكس اختلاف الأساليب المتبعة من جهة ويعكس من جهة أخرى عدم الحصول على معلومات كافية من الشركات الإماراتية، في ظل عدم وجود مستوى عالي من الإفصاح والشفافية وعدم تزويد المحللين بالمعلومات والبيانات التي تساعدهم في إنجاز مهمتهم بكفاءة وصدقية عالية. وآخر التوصيات التي نشرت في أسواق الإمارات صدرت نهاية الشهر الماضي عن مجموعة «غولدمان ساكس» وأوصت بشراء أسهم بعض المصارف الإماراتية وفي مقدمها «بنك أبو ظبي الوطني» فاعتبرت السعر المستهدف لأسهم المصرف يساوي 15.20 درهم، بينما تُتداول أسهمه عند مستوى 10 دراهم حالياً في سوق أبو ظبي، أي بانخفاض نسبته 34 في المئة عن السعر المستهدف. ولوحظ عدم تفاعل السوق مع هذه التوصية عند نشرها في وسائل الإعلام وهو ما ينطبق أيضاً على أسهم «بنك الخليج الأول» إذ حدِّد السعر المستهدف لأسهم المصرف عند مستوى 23.3 درهم بينما تُتداول في السوق عند مستوى 15 درهماً، بانخفاض نسبته 35.6 في المئة، وكذلك أسهم «بنك الاتحاد الوطني» البالغ سعرها المستهدف 5.25 درهم بينما تُتداول في السوق عند ثلاثة دراهم بانخفاض نسبته 42.8 في المئة. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن انخفاض مستوى الثقة في الاستثمار في الأسواق المالية نتيجة ارتفاع مستوى الأخطار في ظل التقلبات الشديدة التي تشهدها أسواق المنطقة تأثراً بالأزمات المالية والاقتصادية والمصرفية التي تتعرض لها الدول الأوروبية والاقتصاد العالمي في صورة عامة. ويساهم هذا الوضع أيضاً في عدم الالتفات أو التفاعل مع التوصيات والتقارير التي تصدرها المصارف الاستثمارية العالمية في ظل ضبابية التوقعات وسخونة سيولة الاستثمار الأجنبي في أسواق المنطقة وسيطرة حال من الحذر والترقب على قرارات المستثمرين في الأسواق ما أدى إلى انخفاض قيمة التداولات بنسبة كبيرة خلال هذه السنة. * مستشار الأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»