كشف الانخفاض الذي شهده سوق دبي المالي يوم امس (الثلاثاء) عن ركود يشوبه عزوف من قبل المستثمرين على تداول الاسهم، وذلك رغم حالة الانتعاش التي شهدها السوق في مطلع هذا الاسبوع، وقد شهدت قطاعات سوق دبي المالي الاربع انخفاضا بلغت نسبته المتوسطة 54.1٪ كان الاعلى انخفاضا فيها قطاع الخدمات الذي يضم شركات العقار التي تعتبر بعض اسهم شركاتها قيادية في السوق، وبلغ معدل انخفاضها ما نسبته 74.2٪، في حين بلغ حجم التداول في سوق دبي المالي بمختلف قطاعاته ما مقداره 865.599.43 سهما بقيمة بلغت 501.786.466 درهما اماراتيا، وهو اقل بنسبة 60٪ عن حجم أو قيمة التداول الطبيعي او المقبول لسوق دبي المالي. ويعود سبب هذا العزوف من قبل المستثمرين او المضاربين بحسب عدد من المحللين الاقتصاديين إلى سببن رئيسيين أولهما عدم افصاح الشركات المدرجة اسهمها في سوقي الامارات الماليين عن مشاريع او قرارات محفزة للاستثمار وشراء الاسهم، بل جاء قرار شركة نخيل تأجيل تسليم مشروع النخلة ديرة للعام 2015 بدلا من العام 2010 إلى زيادة المخاوف بين المستثمرين وزعزعة ثقتهم في شركات العقار الاماراتية، فضلا عن أن المحافظ المالية المحرك الأكبر والأقوى لحركة العرض والطلب في السوق والتي تحافظ على استقراره او نموه، قد عزفت عن التدخل في انشطة السوق في هذه الفترة بسبب اعدادها لقوائمها المالية ومراجعة وتدقيق ميزانياتها ومعظم تدخلات هذه المحافظ كانت بتسييل اصولها لتعظيم ارباحها ما اعطى السوق جرعات تنشيطية مؤقة كما حدث يومي الاحد والاثنين الماضيين، وتبقى الآمال المعلقة باعادة النشاط في سوق دبي المالي مرتبطة بقرب اعلان الشركات العامة عن ارباحها ما سيحفز المستمرين إلى رفع مساهماتهم في الشركات لجني عائد ارباح أعلى على الاسهم.وواقع النشاط المالي في سوق دبي المالي طوال الشهرين الماضيين وبالتحديد مع نهاية الاكتتاب العام على اسهم شركة دانة غاز وهو يعاني من ركود حاد من قبل المستثمرين أو المضاربين لعدة اسباب منها أن التوقعات كانت تسير باتجاه جني كم هائل من الارباح حال طرح اسهم دانة غاز في سوق ابو ظبي المالي، الامر الذي خالف الواقع تماما، اذ قام حينها عدد كبير من مكتتبي الفئة الأولى بعرض اسهمهم للبيع في السوق الموازي وسرت شائعات عن محاولة المؤسسين التخلص من اسهم التأسيس بصورة تخالف القانون في دولة الامارات الذي يمنع بيع اسهم التاسيس الا بعد عامين على تاسيس الشركة المساهمة العامة ومزاولة نشاطها الفعلي. كما ان تعثر وتؤخر استعادة شهادة الاستثمار وقيمة التخصيص، ومن ثم طرح اسهم الشركة بقيمة أقل من التوقعات ومن ثم انحسار قيمة سهم دانة غاز وذلك وفق آليات العرض والطلب ما بين ما بين 4 إلى 30.4 درهما اماراتيا، كل هذه العوامل تضافرت من موجة تصحيح الاسعار التي شهدها سوق دبي المالي في البداية، ما نجم عنه تجميد رؤوس الاموال وتآكل عدد كبير منها.وبلغت القيمة الفعلية لخسائر الأسهم أكثر من 40 مليار درهم من قيمتها السوقية، ولعل الارتفاع الطفيف في الأسعار والذي تحقق خلال الأيام القليلة الماضية، وعودة الزحام إلى قاعات التداول مجددا حفز المترددين والخائفين والخاسرين الذين تكبدوا خسائر باهظة من تراجع الشهرين الماضيين إلى معاودة دخول السوق مما يوفر مزيدا من السيولة وقوة دفع جديدة علي خلفية ترقب إعلان أرباح الشركات عن العام الحالي، الا ان موجة الصعود التي شهدها السوق خلال 48 ساعة الماضية كانت حالة (بائسة) من المضاربين إلى معاودة تنشيط السوق وسجل عدد من اسهم الشركات - بلغت اربعة تقريبا - يوم الاثنين الماضي- الحد الأعلى 15٪ ارتفاع ولم يكن من ضمنها سهم اعمار القيادي. وهناك إجماع بين المحللين علي ان الإنخفاض الذي طال كثيرا في أسواق المال الإماراتية جاء في توقيت غير متوقع ففي الوقت الذي كانت السوق تتهيأ لارتفاعات سعرية بسبب قرب إعلان نتائج العام المالي بأكمله إذ بها تدخل في مرحلة تصحيح سعري قاسية فقد تراجع مؤشر سوق دبي المالي في نوفمبر الماضي 5,9٪ مقارنة مع ارتفاع قدره 51٪ عن نفس الشهر من العام الماضي، غير أن هذا التراجع ساهم في إعطاء فرصة لكبار المستثمرين وأصحاب المحافظ لإعادة تقييم مراكزهم المالية من جديد كما كانت الفرصة مثالية للشراء بعدما وصلت الأسعار إلى أدني مستوياتها خصوصا الأسهم القيادية مثل سهم إعمار الذي ظل سعره.ومع نهاية العام المالي 2005 لجأت المحافظ المالية إلى تسييل بعض من أصولها لإظهار المزيد من الأرباح في ميزانياتها عن العام المالي الحالي من اعطى السوق نبضات انتعاش مؤقتة، ومن المتوقع ان يعاود المستثمرين الخليجيين خصوصا السعوديين إلى دخول السوق، وحسب إحصاءات سوق دبي المالي فإن استثمارات الخليجيين بلغت 32 مليار درهم بنهاية نوفمبرالماضي منها 28 مليارا للسعوديين كما يقدر عددهم بحوالي 35 ألف مستثمر في حين تقدر استثمارات العرب بحوالي 34 مليار درهم وعددهم 33 ألف مستثمر. الا أنه يوجد إجماع بين المحللين والمهتمين بأداء أسواق المال الإماراتية على أن هناك عدة عوامل تفسر إلى حد ما أسباب تراجع السوق الأسهم في مثل هذه الأوقات من العام والتي عادة كما في غالبية الأسواق تشهد ارتفاعا في الأسعار بسبب قرب نهاية العام المالي ومن هذه العوامل والتي توصف بأنها عوامل سلبية أثرت في أداء البي) وبأسعار أقل بكثير عن أسعار الشركات القديمة ما ترتب عليه اعطاء عمق أكبر للسوق وقلل من المخاطر نتيجة تنوع خيارات الاستثمار أمام المستثمر إلا أن اشتداد المضاربات علي أسعار الشركات الجديدة أضر بالسوق كالمضاربات التي وقعت على اسهم شركات «أرامكس» و«إياك للتأمين» و«رأس الخيمة العقارية» و«الطاقة» و«أرتك» و«أبار».