يحمل الإعلام ضمن منظومته رسالة تعبر عن قيم مجتمعه. هذه الرسالة الاعلامية لها أهداف ووسائل لتحقيق هذه الأهداف. والإعلان التجاري جزء من المنظومة الاعلامية وبالتالي فإنه يلزمه الانضباط بأسس وقواعد أخلاق المجتمع الذي ينطلق منه ويخاطبه في نفس الوقت. لا يمكن أن نشترط على الاعلان الغربي أن يلتزم بمبادئنا وأخلاقنا ولكن اعلاناتنا التجارية التي تنطلق بلغتنا وتلبس عباءة هويتنا وتستحوذ سلعها على قسم كبير من سوقنا أعتقد أنه في اقل الأحوال يجب عليها أن تحترم عقولنا وتلتزم بآداب الاعلان. احد الاعلانات لمشروب غازي شهير يقدم لنا المشهد التالي: شابة ترتدي العباءة السعودية في أحد المراكز التجارية وبرفقة أمها، تتبادل النظرات مع شاب يمسك بقارورة من ذلك المشروب الغازي ثم يقترب منها الشاب ويضع في يدها القارورة. وفي دعاية أخرى للمشروب الغازي يتكرر المشهد بزيادة العدد الى فتاتين سعوديتين (اللهجة والعباءة) يستقلان المصعد في احد المراكز التجارية ويلحق بهما شباب يقدمان لهما المشروب الغازي نفسه وبعد تردد بسيط يفتح باب المصعد بابتسامة من الفتاتين.. وهكذا تستمر مشاهد مسلسل الاعلانات الصفيق في كل عام تقليعة تهدف الى ما هو أبعد من الاعلان، حذف قيم وزرع مفاهيم. الاعلان سلاحه أمضى وتأثيره أقوى من الدعوة المباشرة الى تغيير قيم المجتمع. لست متنطعا ولكني لست ساذجا. كيف نطلب من الشباب والشابات عدم المعاكسة في المراكز التجارية والشوارع والشواطىء وتلك الاعلانات تبعث فيهم روح الجرأة على المعاكسة وكأنها أسلوب حياة في المجتمع السعودي. إن أخطر ما في الأمر هو السكوت عن مقاومة هذا العبث الاعلاني وكأنه قدر محتوم. الأسلوب الأمثل لوقف هذا العبث الاعلاني يتمثل من وجهة نظري في النقطتين التاليتين: 1 الجميع مطالب بالكتابة الى أصحاب تلك الشركات السعوديين وهم من أهل الخير الذين لا يرضون بمثل هذا الأسلوب الاعلاني. 2 مقاطعة تلك السلع، فإذا كان هدف الاعلان تحقيق الرواج للسلعة فإنه سينصاع للمقاطعة. المؤلم في الأمر أن لدينا جهازا في وزارة التجارة لحماية المستهلك أعتقد بأنه مازال يقوم بقليل من مهامه. هل حماية قيم المجتمع من الغزو الاعلاني يدخل ضمن اختصاصه أم أن هناك جهازا آخر في وزارة أخرى أم أن القيم والأخلاق أصبحت تخضع لقوانين العرض والطلب في زمن ضياع المفاهيم.