كثيرة هي العبارات التي يتداولها الشباب في مضايقة البنات داخل المولات، نحن هنا لا نلوم الشباب فقط فالخطأ مشترك ويتقاسمه الطرفان، الطرف الناعم في أحيان كثيرة هو ما يكون الجاذب للشباب، طبعاً من خلال تبرجها أو حتى نظراتها وربما تكون عباءتها لافتة للأنظار. «عكاظ» استطلعت آراء الطرفين في موضوع المضايقات والمعاكسات التي تتطور في أحايين كثيرة إلى مشاجرات تستدعي تدخل الشرطة، وخلصنا إلى الحصيلة الآتية: يشتركان في السبب «أنا كشاب ألوم الطرفين في حدوث مشكلة المعاكسات، ولو أن كل طرف التزم بحدود الأدب وخاصة داخل المولات لما حدثت مشاكل أو تطاول من قبل الفتيات، وبمراعاة أبسط المقومات الأخلاقية والابتعاد عن الشبهات أجزم بأن كل شخص سوف يتسوق براحته دون مشاكل تذكر، وأتذكر هنا قصة طريفة وهي مضايقة شاب لفتاة كانت كاشفة الوجه، وكانت تتسوق مع أخ يصغرها بضع سنوات ولكنه ضخم الجسم وقوي البنية فهم أخوها بالدخول إلى دورة المياه أثناء تجولهما داخل أحد المراكز التجارية الكبرى في جدة، طبعا ظلت أخته تنتظره في ممر وسط السوق، وإذا بشاب يعاكسها بطريقة سيئة ويرمي عليها بعض العبارات التافهة وهي لم تتفوه بكلمة واحدة، وفي أثناء استمرار الشاب في معاكستها إذا بها تصرخ في وجهه وصادف أن خرج أخوها من الحمام وإذا به وجها لوجه مع الشاب، ولم يستطع الشاب الفرار وإذا بيد شقيق الفتاة تصفعه على وجهه فوقع على الأرض وفر هارباً وسط تعالي ضحكات المتسوقين والمارة وجعل من نفسه أضحوكة في السوق». ماجد بابكر (26 عاماً) مخالفة الرأي «من وجهة نظري أرى أن الفتاة هي السبب، فنحن في سوق ودائماً ما يجتمع الصالح والطالح داخل المولات وهذا طبعاً من قديم الزمن وليس الآن حتى لا نسمع عبارة (تغيرت أخلاق زمان.. وفين شباب زمان المحترمين)، وبصراحة الفتاة الآن عندما تراها في مول تظن أنها جاءت من عرس أو فرح أو مناسبة، طبعاً أضف إلى ذلك الماكياج الذي يلطخ وجهها سواء كانت قبيحة أو جميلة، وأيضاً العباءة المزخرفة والعطر الفواح وغيرها من المغريات، وأيضاً هناك فئة من الفتيات هداهن الله يوزعن ابتسامات عشوائية، طبعاً هنا نقف لحظة: قلت في السابق ان السوق أو المول يجمع الصالح والطالح، فهل المغريات التي سبقت ذكرها الآن والتي يسيل لها لعاب أي شاب سواء مراهق أو حتى متأهل، الأكيد والأكيد أنها سوف تتعرض للمضايقات وحتى وإن وجد رجال أمن أعتقد أنهم لا يستطيعون السيطرة على كبح جماح الشباب، وأنا هنا أحب أن أوصل رسالة للفتيات وهن وراء أكثر أسباب المشاكل التي تحدث داخل المولات في الوقت الحالي: تحلين بالأخلاق وابتعدن عن المغريات والتزمن بالحجاب الساتر وأنا أضمن بأنه لن تحدث مضايقات». إبراهيم الجهني لماذا الشباب متهمون «لماذا نحن متهمون دائماً بأننا نختلق المشاكل؟، أعتقد بأنه لولا وجود السبب وهن الفتيات اللاتي ليس لديهن ما يشغلهن غير التسكع في المولات والمراكز التجارية لما وجد من يجري وراءهن ويضايقهن، فبنات في عمر الزهور يتزين ويكشفن شعورهن ويضعن الصبغات والعطورات الفواحة، فهل من المعقول بأنها لا تتعرض للأذية في ظني (لا)، وهنا نقف لحظة، فأنا شاهدت بأم عيني رجالا تجاوزوا الثلاثين من أعمارهم وهم برفقة زوجاتهم في المولات، ومع ذلك يضايقون الفتيات، ويتجرأون أحيانا كثيرة إلى محاولات إعطائهن أرقام الهواتف، إذن الموضوع ليس مضايقة ومعاكسة فقط، بل هناك أطراف أخرى تشترك في هذا السياق إذ ليس من الممكن اتهام الشبان فقط لأن الكل مشترك في هذه المشكلة». وليد خالد ليس هناك عجب «يقع اللوم على الطرفين وليس هناك اختلاف في الكيفية، فلو وجد السبب فليس هناك عجب، لأن الوقوع في طلاسم المعاكسات يعد من الأسباب التي تدفع الشباب للاستمرار، والفتاة أيضا في ذات الاتجاه، فكلاهما سبب للآخر». مروة محمد السيئون والصالحون «الاتهام يطال كثيرا من الشباب، وفي نظري هناك فئة معينة هي من شوهت صورة الشباب في مجتمعنا فليس الشباب جميعهم سيئين وكما أن هناك السيئ يقابله العشرات من الصالحين». ماجد القايدي الفراغ هو السبب «أكثر الذين تراهم في الأسواق والمراكز التجارية وغيرها من أماكن التسوق طبعاً أنا هنا أقصد الشباب والشابات هم من الفئة الذين لديهم فراغ كبير في حياتهم، مثال طلاب وطالبات الثانوية بعد فراغهم من يوم دراسي شاق وبعد عودتهم لمنازلهم وبعد أن يتناولوا وجبة الغداء وبعد أن يأخذوا قيلولة بعدها ماذا يفعلون.. لا شيء.. الشباب يتفق مع بعضهم البعض عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي مثل البلاك بيري وغيرها من الأجهزة الالكترونية المنتشرة حالياً، أول سؤال يتبادر إلى أذهانهم (أين نذهب.. طفش) في الأخير يتفقون على الذهاب إلى المراكز التجارية وكذلك الحال بالنسبة للفتيات (هيا يابنات فين نروح.. إيش رأيكم نروح نشوف ايش في جديد في المول) بهذه العبارات يتفقن، بعد ذلك نراهم في المولات والأسواق والمراكز التجارية يتسكعن دون أي مبررات، طبعاً هنا أنا لا أتهم أي طرف في الموضوع، فالكل مشترك الشاب والفتاة، ذهبوا طبعاً ووجودهم بدون هدف فقط تسكع وتضييع للوقت، لا ننسى هنا ذكر بعض الفتيات اللاتي يضعن (الماكياج والعطور والكعب العالي والعباءة الملفتة للأنظار) وأيضاً الشاب (يضع الجل على شعره وقبل كل شيء يذهب لصالون الحلاقة ويعمل خرايط في وجهه طبعاً تسأله لماذا كل ذلك.. يجيبك على الفور.. نيوو لوك..) وهنا أنا أطرح عليك السؤال: ماذا تتوقع حدوثه داخل ذلك المول أو المركز التجاري والذي وضع لغرض معين؟ طبعاً وبلا شك سوف يكون الرد معاكسات ومضايقات ومشاكل قد تصل لمراكز الشرطة لفض هذه الاشتباكات». ريان سندي (22 عاما). رأي في المشكلة والحل «في القديم كانت ظاهرة الغزل شيئا جميلا يشعر المرأة بقدرها وأنوثتها في المجتمع، ولم تكن هناك تعديات على الفتيات بطريقة غير مهذبة، وما زلنا نقرأ عن قصص الحب والغزل مثل قيس وليلي وغيرهما إذ أمضى قيس عمره محبا معبرا عن حبه من خلال الأشعار. أما اليوم ومع الأسف، انقلب الوضع من الغزل الى المعاكسة ولم نعد نعلم هل هو إبداء إعجاب أم قلة تهذيب؟، واذا تساءلنا عن نظرة المجتمع لها فسنجده ينظر لها على أنها قلة تهذيب، ومن وجهة نظرهم أن الشباب هم المتهم الأول الذين أصبحوا يمارسون الكثير من السلوكيات الخاطئة مع أنه يدرك العواقب المترتبة عليها. ومن وجهة نظر الدراسات العلمية والاجتماعية والنفسية، نجد أن أغلب المشاكل تأتي في سن المراهقة لعدم اكتمال النضج الانفعالي والوجداني والنفسي والسلوك المعرفي والعقلي، ويعتبرون هذه المرحلة أزمة الهوية، لذلك يكون لديهم حب المغامرة والتجريب والخروج عن القيم والعادات والتقاليد، فهل يا ترى نتركهم دون عقاب؟، وما هو وكيف يكون ؟، نحن هنا نقف أمام تساؤلات كثيرة وخصوصاً في مجتمعنا الذي يجرم كل المعاكسين. ولو نظرنا الى العوامل المساعدة سنجدها كثيرة جدا، فقد اثبتت دراسات أجريت في مجتمعنا، أن نسبة التعرض للمعاكسات وصلت إلى %225، وكأنه لم يتبق أحد إلا عاكس أو تعرض للمعاكسة من الشباب والفتيات بغض النظر عن اتهام البعض بأن الفتيات هن المشجعات على المعاكسة من المظهر الجذاب ولفت النظر، مع أن الكثير من المحتشمات شكين تعرضهن للمعاكسة، وما يثبت ما توصلت اليه الدراسات أن هذه الفئة العمرية تعاكس حبا في المغامرة وإثبات الوجود والذات. وهذا يقودني إلى التحدث عن أسباب ازدياد هذه المشكلة، منها أولا ثورة التكنولوجيا من انترنت وما تحمله من برامج تواصل أصبحت في متناول الجميع، وثانياً وسائل الإعلام وما تقدمه من قصص وروايات والتي تصور الحياة ببساطة ما يجعل عنصر التقليد معززا لدى شبابنا من الجنسين، وثالثاً ضعف الوازع الدين من النواحي السلوكية وليس العبادات فكل شبابنا وشاباتنا يقومون بعبادتهم على أكمل وجه ولله الحمد، ورابعاً ارتفاع معدل وقت فراغ القاتل فتصبح التسلية الوحيدة هي الذهاب الى الأسواق. ومن وجهة نظري أن الحل للحد من ظاهرة المعاكسات والمضايقات يكمن في نشر الوعي بين الطرفين، وأنه يجب أن يكون هناك احترام متبادل بينهما، بالإضافة إلى تجنب سوء الظن تجاه كل من ذهب أو ذهبت إلى المولات من الطرفين وبأن غرضه المعاكسة أو المضايقة فقط، وأيضا المنزل الديموقراطي الذي يحتوي بناته وأبناءه وجعلهم متفاهمين يحترمون حرية الآخر. وأخيراً تغيير نظرة المجتمع للشباب والسماح لهم بالاندماج في الأماكن العائلية حتى لا يشعروا بالغربة داخل مجتمعهم، وأن تواجدهم يعني احترام عقلياتهم. ونصيحة أخيرة لشبابنا وشاباتنا ما لنا والتقليد الأعمى، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم). • د. نادية نصير الرئيس التنفيذي لمكتب الاستشارات التربوية والأسرية والاجتماعية النفسية.