عندما تبنى الأمير طلال بن عبدالعزيز مشروع الجامعة العربية المفتوحة وتأكد من أهميتها وحاجة الوطن العربي لها لتساهم في حل مشكلة التراكم العددي الكبير سنويا لخريجي الثانوية العامة الذين لا يجدون لهم مقاعد في الجامعات التقليدية وباعتباره رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الانمائية التي تساهم فيه دول الخليج العربي وتدعمه ماليا وفكريا.. قام سموه بكتابة عدة مقالات في الصحف العربية شارحا فكرة الجامعة المفتوحة وموضحا ضرورتها وأهميتها في مجال التعليم العالي، وكعادته أجرى اتصالات موسعة مع الجامعات المماثلة في العالم وبخاصة مع الجامعة البريطانية المفتوحة باعتبارها اقدم جامعة مفتوحة في العالم وعقد معها عدة اتفاقيات للتعاون في هذا المجال، ولم يقتصر نشاطه على هذا الجانب فحسب وانما امتد الى الجوانب الأخرى التي لها علاقة مباشرة بهذا الشكل او ذاك بمشروعه الجديد وناقش المشروع مع الأكاديميين ووزراء التعليم العالي وكل من له علاقة بهذا المشروع ومن تجاربه وخبراته في محيطه عمليا وتنظيميا. ودعا لعقد اجتماعات موسعة لبحث المشروع وخطواته التي تمت والأشياء الجديدة التي توصل اليها المعنيون في هذا المجال وعند الاجتماع الثامن لفريق الجامعة العربية المفتوحة في بيروت في الرابع عشر من شهر اذار/ مارس 1999م نوقش فيه عدد من القضايا المدرجة على جدول اعماله وقد استمر الاجتماع لمدة ثلاثة أيام.. وقد نوقشت الخطة التنفيذية للمشروع والخطوات العملية لتنفيذها.. وطرحت للمناقشة توصيات اجتماع الخبراء حول جدوى انتاج مواد تعليمية للجامعة.. والجوانب المتعلقة بالميزانية التقديرية للمشروع، وكيفية تمويلها، اضافة الى دراسة معايير اختيار مدير الجامعة. كما شملت المناقشة مجموعة من البنود التفصيلية والتوصيات الضرورية بشأنها، واعتبر هذا الاجتماع خطوة متقدمة من مراحل تطور المشروع لأن توصياتها ستضع الملامح النهائية للجامعة العربية المفتوحة. وقد شارك في هذا الاجتماع نخبة من الخبراء التربويين من دكاترة وأساتذة.. وحضر الاجتماع الاستاذ ناصر بكر القحطاني المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي.. وطرح في هذا الاجتماع تساؤلات حول المحاضرات والبرامج التعليمية التي بدأت وقتها تبثها "بعض الفضائيات" وعلاقة ذلك البث بالتعليم. وما اذا كانت الجامعة العربية المفتوحة ستنتهج الاسلوب نفسه، وردا عل هذه التساؤلات والاستفسارات أوضح الفريق من الخبراء.. ان ما يبث في المنطقة العربية الآن وقت انعقاد الاجتماع عبر بعض الفضائيات يعد مجرد نقل معلومات تقدمها جهات لا تربطها بالمتلقي العلاقة الاكاديمية والتربوية التي تربط عادة الطالب بالمؤسسة التعليمية، وتوفر له عن قرب التوجيه والاشراف الأكاديميين اللازمين. لذلك لا يمكن اعتبار ما تقوم به هذه الفضائيات تعليما مفتوحا بالمعنى الدقيق. اذ أن دورها لا يتجاوز دور وسيلة نقل لا أكثر. مما يجعلها تفتقر الى مقومات أساسية أهمها توفر المراكز التعليمية التي تعد حلقة الوصل بين الطالب والجامعة المفتوحة، وجهاز الاشراف الأكاديمي الذي يتابع أداء الطالب وانجازه. ويعالج مشاكله ويضمن مستوى أكاديميا جيدا للخريجين علما بأن مشروع الجامعة العربية المفتوحة، استند منذ البداية الى أسس تكفل نجاحه واستقلاليته، حيث ستقدم برامجها عبر العديد من المراكز التعليمية التي ستقام في كافة المجتمعات العربية المستهدفة، وذلك لربط الطالب بالجامعة وبالتالي تزويده بالخدمات التعليمية الضرورية. ان هذه المبادرة التعليمية الخيرة لاقت تأييدا وقبولا من جهات علمية جامعية، ومنظمات دولية، ومراكز اقتصادية في الوطن العربي والعالم. ان الجامعة المفتوحة هدفها تطوير التعليم الجامعي.. وتقديم التعليم المفتوح او التعليم عن بعد لمن فاتهم فرص التعليم الجامعي بشكله التقليدي. وقد اختيرت دولة الكويت المقر الرئيسي للجامعة العربية المفتوحة ويكون انطلاق الجامعة في شهر اكتوبر القادم وفي ندوة حول انطلاقتها عقدت في الكويت في 19 حزيران/ يونيو الماضي بحضور رئيس الجامعة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز تحدث فيها وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور مساعد الهارون مؤكدا على ان حرص دولة الكويت على استضافة الجامعة العربية المفتوحة نابع من قناعتها بأن التخصصات والمجالات التي تضمها الجامعة هي بالفعل تخصصات يحتاج اليها الوطن العربي، مشيرا الى أنها تخدم خطط التنمية الوطنية والقومية وفق نتائج الدراسة الميدانية التي أجرتها الجامعة، والتي كشفت حاجة الوطن العربي لخريجي الحاسب الآلي وادارة الأعمال واللغة الانكليزية وتدريب المعلمين أثناء الخدمة. وأضاف الدكتور الهارون ان ما عزز رغبتنا في استضافة الكويت لمقر الجامعة جاء استنادا لما هو متوفر من امكانيات اكاديمية وخبرات جيدة لهيئات التدريس بالجامعة علاوة على ما سبق وأكدناه من استعداد لتقديم التيسيرات التي يتطلبها قيام الجامعة. وأكد معاليه ان المكتب التنفيذي باشر عمله منذ توقيع مذكرة التفاهم في يناير الماضي وذلك بالتنسيق والتعاون مع ادارة الجامعة لتسهيل بدء نشاط الجامعة في الكويت، فكانت هذه التسهيلات في الشؤون الادارية والمالية واجراءات الاقامة والاسكان وغيرها من الأمور المهمة التي تحتاجها الجامعة للبدء في مباشرة عملها دون تأخير. وتحدث رئيس الجامعة سمو الأمير طلال قائلا: ان جسور التعاون امتدت مع منظمات ومؤسسات عربية وعالمية ذات صلة بحقول التعليم، وفي مقدمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة (اليونسكو) والبنك الدولي مبينا تواصل الجامعة العربية المفتوحة والاعتراف بشهاداتها. وقال سموه: ان ما تحتاجه الجامعة الآن هو دعم بعدها القومي وامتداد رسالتها لتغطي كامل الوطن العربي ليجد لنفسه موقعا في القرن الحادي والعشرين فهذا القرن هو قرن التحديات الكبرى وستحتاج فيه المجتمعات ان يكون ثلث افرادها على الأقل في حالة دراسة وتعلم مستمرين اذا ارادت هذه المجمعات ان تواكب العرض والتغير المعرفي والعلمي السريع. وتحدث أيضا عن حرية المناهج واستغلاليتها نظرا لخصوصية بعض الحكومات العربية مؤكدا ان الجامعة راسلت جميع وزراء التعليم العالي في الحكومات العربية واطلعتهم على المقررات الدراسية ولم تأت أي ملاحظة من قبل الوزراء مما يؤكد ان جميع الحكومات موافقة على المقررات والمناهج الدراسية في الجامعة العربية المفتوحة مشيرا الى ان الجامعة ستقوم بتوفير اعضاء هيئة التدريس متفرغين في افرعها الستة في الدول العربية كما ستقوم بالتعاقد مع بعض الخبرات في هذه الدول. ان الدراسة ستبدأ في شهر اكتوبر القادم في كل من الكويت ولبنان والاردن. وقد بلغت تكلفة مشروع الجامعة 11.000.000 دولار امريكي. وان تكلفة الدراسة السنوية للطالب المتفرغ سيكون مابين 1200 الى 1600 دولار.. ويتم دعم موازنة الجامعة خلال السنوات الأولى مبلغ 32 مليون دولار لغرض انشاء البنية الاساسية للجامعة من مبان وتجهيزات ومختبرات ورواتب العاملين. أما برامجها في سنتها الأولى تنحصر في تخصصات؛ اللغة الانجليزية.. تقنيات المعلومات والحوسبة، ادارة الاعمال وكذلك الدراسات التربوية.. وستواصل الجامعة التطوير والتقويم بإضافة تخصصات أخرى تعرضها الجامعة ومتطلبات الحاجة في مجال التعليم العالي.