يبدو ان الصهيونية اتخذت من الارهاب المنظم فلسفة لتحقيق مشروعها، فالارهاب الجسدي والنفسي الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني والعربي لم يسبق له مثيل في التاريخ، من تقتيل للأطفال والنساء والشيوخ، وتقليع للاشجار، واعدام للحيوانات، وتهديم للبيوت على اصحابها الآمنين وغيره من صور الارهاب. ولم تكتف الصهيونية بهذه الالوان من الارهاب، ولكنها ظلت تبتكر الوانا من الارهاب غير المعهودة، لعل ابرزها الارهاب الثقافي. برز الارهاب الثقافي الصهيوني في السنوات الاخيرة بشكل واضح وان كانت بداياته منذ عقود في العالم الغربي، حيث مارست ضغوطا ارهابية على كل من يخالف مشروعها، سواء كانوا فنانين او ادباء او مفكرين واستطاعت ايقاف عرض كثير من الافلام والمسرحيات كان ابرزها مسرحية (عبر طريق الآلام) لديفيد هيرفي عام 1978م التي تم ايقافها بضغط من اللوبي اليهودي في بريطانيا، بسبب تعرضها لليهود في فلسطين. ولعل الصهيونية سعت الى تحقيق ذلك من خلال اتخاذها مصطلح (اللا سامية) سيفا مصلتا توجهه الى رقاب من يقف في طريق مشروعها، حتى على المستوى الثقافي والفني. وقد غدت صفة (اللاسامية) في الغرب مصدررعب للمثقفين، وان كان هناك من وقف في وجه هذا السلاح الصهيوني كالروائي الامريكي (راسل بانكس) الذي ترأس وفد (الادباء والمفكرين العالميين) الى فلسطين بعد مذبحة جنين، حين قال وهذا يؤكد ما ذكرنا: "ان جميع اعضاء الوفد متأكدون انه سيتم اتهامهم ب(اللاسامية) خصوصا في الولاياتالمتحدة، لكن هذا لا يخيفنا". ويبدو ان الصهيونية استطاعت نتيجة ممارسة ارهابها على المثقفين والمؤسسات الثقافية الغربية تحقيق قدر من النجاح، وخير دليل على ذلك نجاحها في الضغط على جامعات اوروبا ومراكز البحوث العلمية فيها بعدم بحث (الهولوكوست) على نحو يشكك في وقوعه، او في الارقام الكبيرة التي اخترعتها، بل اكثر من ذلك استطاعت فرض تدريس (الهولوكوست) في المناهج الدراسية الاوروبية بالصورة التي رسمتها. ولتصدير ارهابها الى العالم العربي والاسلامي سعت الصهيونية مستغلة الاحداث الاخيرة الى اختراق ثقافتنا وممارسة ارهابها، فحاولت التدخل في الخطب والادب فضلا عن المناهج التعليمية. ان رجل الشارع فضلا عن السياسي يدرك الفرق بين الخطاب السياسي والخطاب الادبي، وحين تمارس الصهيونية متجاهلة هذا الفرق الضغط على النتاج الثقافي ابداعيا كان او غيره، فانما تنطلق من منطلق فلسفتها القائمة على الارهاب بكل صورة، بما فيها الارهاب الثقافي. ولعل الصهيونية تريد ان يكون مصطلح (الارهاب) سيفها في العالم الاسلامي كرديف ل(اللاسامية) في العالم الغربي، حتى ترفعه في وجه كل من يخالف المشروع الصهيوني من المسلمين.