ذكرت وسائل الاعلام الامريكية أن كبار المسئولين في الادارة الامريكية في شدة الغضب إزاء ما سرّبته الصحف في الآونة الاخيرة، وبخاصة عن مخططات لشن حرب على العراق وأنهم حذروا مرؤوسيهم من أن إفشاء هذه الاسرار غير قانوني. وأوضحت وسائل الاعلام امس أن وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفلد كتب مذكّرة سرية للمسئولين في البنتاجون يوم الجمعة الماضي حذرهم فيها من أن إفشاء معلومات سرية يعد جريمة بموجب القانون الامريكي وقد يترتب على ذلك صدور أحكام بالسجن. وأرفق برسالته تقريرا لوكالة المخابرات المركزية الامريكية سي.آي.إيه جاء فيه أن تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن يفتش باستمرار في الانباء والتحقيقات الاعلامية عن معلومات عن عمليات مكافحة الارهاب. وقد تسربت الوثيقتان إلى الصحافة أمس الاول "الثلاثاء" بعد مرور أربعة أيام على كتابة المذكرة. وقد كشف عن مذكرة رامسفلد بعد صدام مؤسف بين وزارة الخارجية وبين كاتب عامود محافظ بشأن برقية دبلوماسية تسربت إلى الصحافة. وتبرز الواقعتان الصدام التقليدي بين حرية الصحافة وبين رغبة الحكومة في الاحتفاظ بأسرار وبخاصة في زمن الحرب. وقد غضب رامسفلد بشدة بسبب خبر نشرته صحيفة نيويورك تايمز وردت فيه بالتفصيل تصوّر لخطة حرب متوسطة النطاق لغزو العراق وإسقاط صدام حسين، وهو هدف معلن للسياسة الخارجية أكده الرئيس جورج دبليو. بوش. ونشرت صحف أخرى أنباء مماثلة لخطط مفصّلة تتفاوت في اتساعها وتفاصيلها. وقال رامسفلد في مذكرته "إن إفشاء معلومات سرية يدمّر قدرة بلادنا على إجهاض العمليات الارهابية ويعرّض أرواح الامريكيين للخطر". يذكر أن الجهات الحكومية كثيرا ما تسرّب عمدا معلومات سرية إلى وسائل الاعلام عندما يكون ذلك مناسبا للمسئولين الذين يشجبون مع ذلك تسريب معلومات محرجة. ويعد نشر أسرار غير مصرّح بنشرها مخالفا للقانون في الولاياتالمتحدة ولكن ليس نشر مثل هذه المعلومات. وقال رامسفلد في حديث لشبكة سي.بي.سي الاخبارية التلفزيونية يوم الاثنين أنه يأمل أن يعثر على من يسرّب مثل هذه المعلومات وخاصة العسكرية منها إلى الصحافة وأن يراه "خلف القضبان". وقال رامسفلد "قد يحدث أحيانا أن يقرر أناس في حكومة الولاياتالمتحدة مخالفة القانون الجنائي الفدرالي والاعلان عن معلومات سرية ولكن يجب أن يسجنوا". وأضاف "إذا اكتشفنا من هم فسيسجنون". وفي وزارة الخارجية اعتقل موظفو الامن الدبلوماسي لمدة قصيرة كاتب عامود محافظ في أثناء لقاء بالصحفيين يوم الجمعة الماضي. وقد أثار الصحفي جول موبراي من مجلة ناشونال ريفيو غضب مسئولي الخارجية بسبب سلسلة من المقالات كتبها عن نظام التأشيرات العاجلة فيزا اكسبرس الامريكي الذي يسمح للراغبين في الحصول على تأشيرات أمريكية من خلال وكلاء سفريات. وقال موبراي في مقالاته أن هذا النظام أتاح لثلاثة من خاطفي الطائرات يوم 11 سبتمبر الماضي الحصول على تأشيرات دون إجراء مقابلات مع موظفي قنصلية الولاياتالمتحدة. وأضاف أن نظام منح التأشيرات في وزارة الخارجية عرّض البلاد لتسلل إرهابيين آخرين. ولكن وزارة الخارجية الامريكية التي تخوض معركة نفوذ للاحتفاظ بالسلطات الخاصة بمنح التأشيرات دون وزارة أمن الوطن المقترحة عارضت بشدة اتهامات موبراي. غير أن شيوع هذه الانباء حدا بوزير الخارجية كولين باول في الاسبوع الماضي إلى إقالة ماري ريان رئيسة مكتب الشئون القنصلية وأقدم دبلوماسية خدمت في جهاز الشئون الخارجية الامريكي. وسأل موبراي المتحدث باسم الخارجية ريتشارد باوتشر يوم الجمعة الماضي عن البرقية الموجهة من السفير روبرت جوردن وأوصى بوضع حد لنظام التأشيرات من خلال وكلاء السفريات. وبعد أن ادعى على غير الحقيقة على ما يبدو أن البرقية في حوزته طالبه موظفو الامن بتسليمها والكشف عن مصدره. وفي رسالة مفتوحة إلى باوتشر اشتكى رئيس تحرير مجلة ناشونال ريفيو من أن محاولة الخارجية مثل "قطاع الطرق أو القتلة المأجورين" الرامية إلى "ترويع" موبراي تعد انتهاكا لمبادئ حرية الصحافة ويعتبر بمثابة عقوبة سياسية توقّع عليه لانه انتقد نظام منح التأشيرات. ودافعت الخارجية عن تصرفاتها قائلة أن حيازة موبراي لبرقية سرية وذكره ذلك في لقاء صحفي علنا ينطوي على مخالفة للقانون الامريكي. وقال باوتشر "أي شخص في هذا المبنى .. لديه برقية سرية لا يسمح له بمغادرة المبنى وفي حوزته هذه البرقية إلا عبر الاجراءات الامنية الملائمة، وتقع على عاتق حرّاسنا مسئولية التأكد من عدم حدوث مخالفة".