ازداد الحديث وبشكل ملحوظ في الاوساط المهنية في الاونة الاخيرة عن توحيد المواصفات الهندسية، وتأكيدا على اهمية هذا الطلب نظمت اللجنة الاستشارية الهندسية الشهر الماضي بمدينة الدمام ندوة (مواصفات التصميم الهندسي واهمية توحيدها) كما ان الملتقى الهندسي الخليجي السابع الذي سيعقد في مارس 2003م بدولة الكويت يدور حول المواصفات الهندسية الخليجية. وهذ الاهتمام الملحوظ بالمواصفات الهندسية في هذا الوقت بالذات لم يكن وليد الصدفة فعلاوة علي افرازات تحديات العولمة وانفتاح السوق وارتفاع حدة التنافس الاقتصادي فان كثير من دول المنطقة تتأهب لدخول منظمة التجارة العالمية وهو ما يستوجب اعادة النظر بمزيد من التمعن في المواصفات الهندسية المتبعة لدينا، اما على المستوى الوطني فان الوضع الحالي في ظل وجود عدد من ودات ومواصفات البناء الاجنبية المستخدمة في المملكة يتسم بصفة عامة بالعشوائية والتشتيت وغياب السمة المحلية في ظل غباب مرجع وطني موحد لمواصفات البناء، وهذا الوضع لا يخدم العمل الهندسي باي حال من الاحوال وله اثاره السلبية الكبيرة على قطاع البناء والتشييد الذي يعتبر ثاني اكبر قطاع في المملكة بعد القطاع النفطي، ومن تلك الاثار والسلبيات تدني جودة المباني ونقص معايير السلامة مما يهدد الارواح ويبدد الاموال وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة بالاضافة الى الخلافات والنزاعات الكثيرة في هذا القطاع بين المصممين والملاك والمشرفين والمنفذين وهو مايهدر الكثير من الموارد ويبدد الوقت والجهد ويستنزف الاقتصاد الوطني. كما ان غياب الكود الوطني الموحد عن واقع المهنة الهندسية وقطا المقاولات ادى الى تدني الاعمار الاقتصادية للمباني بشكل عام بالرغم من الانفاقات الهائلة التي صرفت عليها، فاصبح العائد الوظيفي والمادي من تلك المنشآت لا يساوي المبالغ التي انفقت فيها.. من جهة اخرى فعند حدوث نزاع على مبنى فانه عند تشكيل اللجان الفنية ولجان التحكيم للحكم على سلامة هذا المبنى تحدث الصعوبات نتيجة تباين الخلفيات بين اعضاء تلك اللجان، ويصبح بالتالي الحكم في هذه الحالة صعبا في ظل غياب مستند قانوني موحد يتم الاستناد عليه من قبل جميع الاعضاء. ان عملية تشييد المباني كما هو معروف تمر بمراحل عديدة ومختلفة منها مرحلة التصميم ثم مرحلة التنفيذ ويواكب التنفيذ الاشراف، وهذه المراحل المختلفة تضم اطراف عديدة كالجهات الرسمية والمالك والمصمم والمقاول والجهاز الاشرافي، فاذا كان المصمم حسب تجربته يصمم على خلفية كود بناء محدد والمقاول ينفذ علي خلفية كود بناء اخر وقد يكون الاستشاري يتبع كود بناء مختلف عنهما، ففي هذه الحالة سيحدث بلاشك سوء فهم لبعض بنود المواصفات والتصاميم وبالتالي ستنشأ اخطاء عديدة نتيجة اختلاف المرجعية الفنية بين المصمم والمقاول والاستشاري، وعدم وجود الكود الوطني الموحد ادى الى غياب المرجعية القانونية للحكم على الاخطاء ومصادرها ومسبباتها. وقد يهمل هذا الجانب لان الكثير من الاخطاء التي تحدث نتيجة غياب الكود تكون مخفية وقد لا يظهر الا عند حدوث الكوارث لاسمح الله وتبقى تلك العيوب الخفية تستنزف اموال طائلة من خلال عمليات الصيانة المستمرة على المدى الطويل. الفرق بين المواصفات القياسية والمواصفات الفنية العامة وكودات البناء: لابد من ايضاح الفرق بين المواصفات القياسية لمواد البناء والمواصفات الفنية العمة للمباني وكود البناء الشامل، فكثيرون لازالت الصورة لديهم مشوشة وغير واضحة عن الفرق بين هذه المفاهيم التي تتردد كثيرا. المواصفات القياسية لمواد البناء: تعالج المودا بخصائصها الاساسية، وتحدد شروط القبول والرفض لكافة المواد الانشائية، وتحدد كذلك اسلوب الفصح والاختبار بما يتوافق مع القياسات العالمية. المواصفات الفنية العامة للمباني: تعالج كل ما يتعلق بالمنشأ اثناء مرحلة التنفيذ مثل خصائص المواد الانشائية المستخدمة وطرق تنفيذها وتركيبها وفحصها، وشروط امان واستقرار وثبات المنشأ. كود البناء الوطني الموحد: يغطي مجالات واسعة فنية وادارية وقانونية وادارية وقانونية وتنظيمية تشمل كافة النواحي المعمارية والمدنية والكهربائية والميكانيكية للمباني والمنشآت في جميع المراحل بدء بالتصميم ثم الاشراف والتنفيذ. اهمية اصدار كود البناء الوطني الموحد: كود البناء الوطني الموحد سيكون مرجعا فنيا واداريا وقانونيا وتنظيميا شاملا ودليلا ارشاديا لجميع المعنيين بقطاع البناء والتشييد، كما سيسهم في تنظيم انشطة هذا القطاع وزيادة الكفاءة المهنية للمصممين والاستشاريين والمقاولين ومصنعي وموردي مواد البناء. وتكمن اهمية كود البناء في كونه وثيقة رسمية ومرجعا وحكما في كثير من القضايا والخلافات في قطاع البناء، ويهدف كود البناء لتنظيم المسئوليات والعلاقات بين المالك والمصمم والمقاول والجهة المسئولة عن اقرار التصميم واصدار التراخيص وهو ما يجعل منه مرجعية قانونية لتنظيم المسئوليات بين الجهات ذات العلاقة في عملية البناء بحيث يكون المصمم ملما بالاشتراطات والضوابط التي تطلبها البلدية والمالك على دراية بالمسئوليات التي يتطلبها التخطيط العان وان يكون المهندس المصمم والمهندس المشرف على معرفة تامة بمتطلبات السلامة، ان كود البناء الشامل او نظام البناء عبارة عن الية تحكم العلاقات بين المالك والمصمم والمنفذ والجهات المسئولة، حيث يشتمل على جميع اللوائح والعناصر التي تحكم عمليات البناء بما فيها اللوائح الادارية والتنفيذية